الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

الإمام والمؤذن يتناوبان في أداء الصلاة والأذان معا

102253

تاريخ النشر : 03-06-2007

المشاهدات : 30458

السؤال

سؤالي بارك الله فيكم عن إمام مسجد ومؤذن يقومان بالتناوب لأداء الصلاة في المسجد المكلفان به ، حيث يقوم الإمام بالحضور للأذان والصلاة وقتي العشاء والفجر ، ويقوم المؤذن بالحضور للأذان والصلاة وقتي العصر والمغرب ، ويحضران جميعاً وقت صلاة الظهر ، علماً أن هذا المسجد داخل وحدة عسكرية ، ويكون عدد المصلين كثيرا في وقت الظهر ، أما باقي الأوقات فهم قليل وقليل جداً ، وكذلك لا يوجد بهذا المسجد سكن ، وهناك مسافة بين بيتي الإمام والمؤذن والمسجد حوالي 8 كيلومتر . فما الحكم في ذلك ؟ وما رأيكم في المكافأة التي يأخذانها للإمامة والأذان ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا حرج على من كلِّف بالأذان أو الإمامة أو الإشراف على وقف أن يوكل من يقوم بهذه الأعمال . إذا كانت هناك حاجة لهذا التوكيل ، وكان الوكيل أهلاً للقيام بهذا العمل ، بدون إخلال به .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
" وبكل حال ، فالاستخلاف في مثل هذه الأعمال المشروطة جائز ، ولو نهى الواقف عنه ، إذا كان النائب مثل المستنيب ، ولم يكن في ذلك مفسدة راجحة " انتهى .
نقلا عن المرداوي في "تصحيح الفروع" (7/363) .
وقال ابن حجر الهيتمي فقيه الشافعية في "تحفة المحتاج" (6/373) :
" اختار السُّبْكِيُّ جَوَازَ الِاسْتِنَابَةِ فِي الْإِمَامَةِ ، وَالتَّدْرِيسِ ، وَسَائِرِ الْوَظَائِفِ الْقَابِلَةِ لِلنِّيَابَةِ , وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ الْوَاقِفُ ، إذَا اسْتَنَابَ مَنْ وُجِدَ فِيهِ شَرْطُ الْوَاقِفِ مِثْلَهُ أَوْ خَيْرًا مِنْهُ ، وَيَسْتَحِقُّ الْمُسْتَنِيبُ كُلَّ الْمَعْلُومِ ، وَضَعَّفَ إفْتَاءَ النووي وَابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا : الْمُسْتَنِيبُ لِعَدَمِ مُبَاشَرَتِهِ , وَالنَّائِبُ الَّذِي لَمْ يَأْذَنْ لَهُ النَّاظِرُ لِعَدَمِ وِلَايَتِهِ..
ثم نقل اعتراض بعض الشافعية على السبكي ، ثم قال :
وَاَلَّذِي يَتَّجِهُ اسْتِثْنَاءُ النِّيَابَةِ لِمِثْلِهِ أَوْ خَيْرٍ مِنْهُ لِعُذْرٍ ، عَمَلًا بِالْعُرْفِ الْمُطَّرِدِ بِالْمُسَامَحَةِ فِي الْإِنَابَةِ حِينَئِذٍ " انتهى .
ثانيا :
يتحصل من كلام الفقهاء أن هناك شروطا لجواز النيابة في هذه الأعمال :
1- أن تكون الاستنابة لحاجة اقتضت غياب المستنيب ، وليست عادةً مطردةً ولا ديدنًا دائمًا يُقصد منه التكسب والتربح ، فقد وقع من كثير من الناس أنهم يتولون أكثر من وظيفة ، ثم ينيب عنه في بعض الوظائف من يقوم بها بأجرة أقل ، ليربح هو الباقي .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "الاختيارات العلمية" : (ص/257) : " ومِن أكلِ المال بالباطل : قومٌ لهم رواتبُ أضعافُ حاجاتهم ، وقومٌ لهم جهاتٌ كثيرةٌ ، معلومُها – يعني راتبها - كثير ، يأخذونه ويستنيبون بيسير " انتهى .
وسئل الشيخ ابن باز رحمه الله – كما في "مجلة البحوث" (35/99-100) :
يوجد لدينا إمام قد أخذ إمامة ثلاثة مساجد بأسماء أولاده ، وهم خارج المدينة ، وقد جلب عمالا ليؤموا المسلمين في هذه المساجد بالإنابة مقابل نصف الراتب .
فأجاب :
" هذا العمل غير جائز ، بل هو منكر ، لا يجوز للمسلم أن يكذب على الجهة المسئولة عن الإمامة أو الأذان ، بأن يسمي أئمة أو مؤذنين لا وجود لهم ، ثم يعين على رأيه من يقوم بذلك ، بل يجب عليه أن يوضح الحقيقة للجهة المسئولة ، حتى توافق على الشخص المعين " انتهى.
2- أن يكون العمل مما يقبل النيابة أصلا ، كالإمامة والأذان ، أما القضاء والفتوى فلا تقبل النيابة ، لأنه يُقصد في المفتي أو القاضي الشخص نفسه ، فلا يقوم أحد مقام مَن عَيَّنَه صاحبُ الشأن لتولِّي ذلك العمل .
3- أن يكون النائب صاحب كفاءة وصلاحية لتولي هذا العمل .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين :
أنا مؤذن وأحياناً أوكل غيري بالأذان فهل أعطي الموكل نصيب الوقت الذي قام فيه بالأذان عني؟
الجواب :
أولاً : لماذا توكل وأنت مؤذن موكول إليك الأذان ؟
السائل : للضرورة .
الشيخ : إن كانت ضرورة فلا بأس ، لكن الضرورة يوم أو يومان مثلاً في الشهر ، ولا تعطه شيئاً ، لأن العادة لم تَجْر بذلك ، نعم ؟، لو قال لك : أريد شيئاً فأعطه شيئاً ، مع أنه لا ينبغي له أن يقول : أريد شيئاً ؛ لأن هذه عبادة " انتهىبتصرف.
"لقاء الباب المفتوح" (لقاء رقم/234، سؤال رقم/5) :
4- أن يستأذن من المسئولين وأهل المسجد .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن إمام مسجد يتخلف عن الصلاة ، ويوكل المؤذن يصلي بالناس فقال : " نسأل هذا الإمام لماذا يتخلف وقد التزم أمام ولي الأمر , أو نائب ولي الأمر , وهو مدير الأوقاف , أن يكون في هذا المسجد ؟
فلا يحل للإمام أن يتخلف فرضاً واحداً إلا بما جرت به العادة , كفرض أو فرضين في الأسبوع , أو إذا كان موظفاً ولا بد أن يغيب في صلاة الظهر فيخبر مدير الأوقاف ويرضى بذلك الجماعة , فلا بأس .
يعني لا بد من ثلاثة أمور , إذا كان يتخلف تخلفاً معتاداً كصلاة الظهر للموظف :
لا بد أن يستأذن من مدير الأوقاف .
ولا بد أن يستأذن من أهل الحي - الجماعة - .
ولا بد أن يقيم من تكون به الكفاية سواء المؤذن , أو غير المؤذن , لأنه ربما يتقدم من ليس أهلاً للإمامة فهذا إضاعة للأمانة " انتهى .
وبناء على ما سبق ، فيبدو أنه لا حرج على الإمام والمؤذن في الطريقة التي اتفقا عليها لأداء وظيفتيهما في ذلك المسجد ، إذا توفرت في كل منهما الأهلية والكفاءة للأذان والإمامة ، وذلك
لداعي الحاجة بسبب بعد منزليهما مع قلة عدد المصلين ، ولأن المقصود هو إقامة الصلاة بالناس على الوجه المطلوب .
ولكن بعد استئذان المسئولين وأهل المسجد كما سبق .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب