الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

ماذا يفعل إذا أصاب ثوبه نجاسة؟

السؤال

ما هو الحكم إذا ما أصابت بعض نقاط البول السروال التحتي عند التبول العادي أو التبول بسرعة؟
1- هل يلزم الغسل ليطهر المرء نفسه؟
2- هل على المسلم أن يغسل السروال التحتي بأكمله، أم يلزمه تغيير السروال (كلما حدث ذلك)، أم يكتفي بغسل الموضع الذي أصابه البول؟
3- وكيف يصلي المسلم (الذي أصابت نقاط البول سرواله التحتي)، وهل تكون الصلاة مقبولة لو صلى وهو على تلك الحالة؟
4- وما هو الحكم إذا شك المسلم أنه لم يغسل بعض المواضع التي أصابها البول؟ وهل يؤثر ذلك على الصلاة، وعلى الطهارة؟
5- هل على من صلى وهو شاك (أنه لم يغسل بعض المواضع التي أصابها البول) أن يعيد صلاته؟ وهل يجوز له قراءة القرآن ومسه وهو في تلك الحالة؟
6- ما هي الأمور المحرمة عليه فعلها وهو في تلك الحالة؟
أرجو أن تزيل شكوكي بفتوى واضحة.

ملخص الجواب

1- يجب على المسلم أن يجتنب النجاسة ويحاول التحرز منها قدر جهده. 2- إصابة النجاسة لثوب الإنسان لا توجب عليه الغُسْل. 3- إزالة النجاسة تكون بغسلها حتى يذهب أثر النجاسة. 4- الطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة وإذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطلة. 5- إذا أصاب ثوب الإنسان قطرات البول فإنه يغسل ما أصاب ثوبه منه حتى يغلب على ظنه زوال النجاسة، وما بقي مما لم يغسله فيكون داخلاً في يسير النجاسة المعفو عنه 6- إذا شك شخص هل أزال النجاسة أم لا، فإنه يبني على اليقين، وهو أنه لم تزل النجاسة. وكذلك العكس فإن تيقن أنه طاهر ثم شك هل أصابت ثيابه نجاسة أم لا فيقال إن الأصل الطهارة لأنها هي المتيقَّنة. 7- إذا لم يعلم شخص نجاسة ثوبه إلا بعد الفراغ من الصلاة فالصلاة صحيحة. 8- الذي لا يجوز للإنسان إذا كانت على ثيابه نجاسة هو الصلاة فقط. أما باقي الأفعال من قراءة القرآن وغيرها فلا تحرم.

الحمد لله.

وجوب التحرز من النجاسة

يجب على المسلم أن يجتنب النجاسة ويحاول التحرز منها قدر جهده، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى قَبْرَيْنِ فَقَالَ: "أَمَا إِنَّهُمَا لَيُعَذَّبَانِ وَمَا يُعَذَّبَانِ فِي كَبِيرٍ أَمَّا أَحَدُهُمَا فَكَانَ يَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَأَمَّا الآخَرُ فَكَانَ لا يَسْتَتِرُ مِنْ بَوْلِهِ" الحديث، وفي رواية: "وَكَانَ الآخَرُ لا يَسْتَنْزِهُ عَنْ الْبَوْلِ أَوْ مِنْ الْبَوْلِ" رواه مسلم (الطهارة / 439).

ومعنى لا يستنزه من بوله أي: لا يجتنبه ولا يتحرز منه. ولذلك كان جواز البول قائما بشرط أن يأمن من تطاير رشاش بوله على ثوبه وجسمه، يراجع جواب سؤال رقم: (9790).

بالنسبة لفقرات السؤال:

هل توجب نجاسة الثوب الغسل؟

1-  إصابة النجاسة لثوب الإنسان لا توجب عليه الغُسْل. لأن النجاسة ليست من نواقض الوضوء أو الغسل وإنما يجب الغسل للحدث الأكبر والوضوء للحدث الأصغر والنجاسة ليست حدثاً فإذا كان الإنسان طاهراً وأصاب ثوبه نجاسة فإنه لا يكون محدثاً، وإنما الواجب عليه في هذه الحالة أن يزيل النجاسة.

والعبد مأمور بإزالة النجاسة عن ثيابه لقول الله عز وجل: (وثيابك فطهِّر) المدثر/ 4، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم في دم الحيض يصيب الثوب: "تحتُّه ثم تقرضه بالماء ثم تنضحه ثم تصلي فيه" رواه البخاري (الحيض/ 297)، وإذا كان ما أصابته النجاسة يمكن عصره فلا بد من عصره.

كيف نزيل النجاسة؟

 2- وإزالة النجاسة تكون بغسلها حتى يذهب أثر النجاسة فإذا أصابت النجاسة ثوباً فلا يجب عليه إلا غسل موضع النجاسة من الثوب الذي أصابته النجاسة ولا يلزمه أن يغسل غيره، ولا يجب عليه كذلك أن يبدِّل ثيابه، وإن أراد أن يبدِّل ثيابه فلا بأس في فعل ذلك.

حكم الصلاة في ثوب أصابته نجاسة

3- أما حكم الصلاة في ثوب أصابته نجاسة، فيجب أن يُعلم أن الطهارة من النجاسة شرط لصحة الصلاة وإذا لم يتنزه من ذلك فصلاته باطلة، لأنه صلى وهو متلبس بهذه النجاسة، فإذا صلى وهو متلبس بهذه النجاسة فقد صلى على وجهٍ لم يرِدْه الله ورسوله، ولا أمر به الله ورسوله، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد".

 أحوال النجاسة إذا أصابت الثوب

1- إذا جزم الإنسان بإصابة النجاسة موضعاً معيناً في الثوب، فإنه يجب أن يغسل ما أصابته النجاسة.

2-  أن يغلب على الظن أنها أصابت مكاناً معيناً.

3- أن يكون عند الإنسان احتمال في مكان بقعة النجاسة، فالحالة الثانية والثالثة على الإنسان أن يتحرى فيهما، فما غلب على ظنه أنه أصابته النجاسة فإنه يغسله. انظر "الشرح الممتع" لابن عثيمين (2/221).

حكم يسير النجاسة

قال بعض أهل العلم: لا يعفى عن يسير النجاسة مطلقاً.

وقال بعضهم: يُعفى عن يسير سائر النجاسات، وهو مذهب أبي حنيفة واختيار شيخ الإسلام لا سيما فيما يبتلى به الناس كثيراً فإن المشقة في مراعاته والتطهرمنه حاصلة والله تعالى يقول: (وما جعل عليكم في الدين من حرج) الحج/78، والصحيح ما ذهب إليه أبو حنيفة وشيخ الإسلام، ومن يسير النجاسات التي يعفى عنها لمشقة التحرز منه يسير سلس البول لمن ابتلي به وتحفظ منه تحفظاً كثيراً قدر استطاعته. انظر "الشرح الممتع" لابن عثيمين (1/382).

 وأما حدُّ اليسير أن المعتبر ما اعتبره أوساط الناس أنه كثير فهو كثير وما اعتبروه قليلاً فهو قليل.

وعليه فيقال: أن الأصل إذا أصاب ثوب الإنسان قطرات البول فإنه يغسل ما أصاب ثوبه منه حتى يغلب على ظنه زوال النجاسة، وما بقي مما لم يغسله فيكون داخلاً في يسير النجاسة المعفو عنه كما سبق. والله أعلم.

حكم من جهل النجاسة

 - أما إذا جهل النجاسة فقد سئل الشيخ ابن باز عن ذلك فقال:

إذا كان لم يعلم نجاستها إلا بعد الفراغ من الصلاة فصلاته صحيحة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لمَّا أخبره جبريل وهو في الصلاة أن في نعليه قذَراً خلعهما ولم يُعد أول الصلاة. وهكذا لو علمها (أي النجاسة) قبل الصلاة ثم نسي فصلى فيها ولم يذكر إلا بعد الصلاة، لقول الله عز وجل: (ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا)…

أما إذا شك في وجود النجاسة في ثوبه وهو في الصلاة لم يجز له الانصراف منها سواء كان إماماً أو منفرداً وعليه أن يتم صلاته. "فتاوى الشيخ ابن باز" (12 /396-397).

حكم الشك في إزالة النجاسة

4- مسألة الشك في إزالة النجاسة: إذا أصابت النجاسة ثوبه فيكون هذا هو الأصل ويكون هذا الأصل متيقن فيه حتى يزول، وزواله بزوال النجاسة فإذا شك هل أزال النجاسة أم لا، فإنه يبني على اليقين، وهو أنه لم تزل النجاسة. وكذلك العكس فإن تيقن أنه طاهر ثم شك هل أصابت ثيابه نجاسة أم لا فيقال إن الأصل الطهارة لأنها هي المتيقَّنة.

قال الشيخ ابن عثيمين: "الإنسان بملابسه الأصل فيه أن يكون طاهراً ما لم يتيقن ورود النجاسة على بدنه أو ثيابه وهذا الأصل يشهد له قول النبي صلى الله عليه وسلم حين شكى إليه الرجل أنه يجد الشيء في صلاته - يعني الحدث- فقال: "لا ينصرف حتى يسمع صوتاً أو يجد ريحاً"

فإذا كان الشخص لا يجزم بهذا الأمر فالأصل الطهارة، وقد يغلب على الظن تلوث الثياب بالنجاسة ولكن ما دام الشخص لم يتيقن فالأصل بقاء الطهارة" انتهى من "فتاوى ابن عثيمين" (11/107). 

5- والذي لا يجوز للإنسان إذا كانت على ثيابه نجاسة هو الصلاة فقط. حتى ولو كان متطهراً من الحدث أما باقي الأفعال من قراءة القرآن وغيرها فلا تحرم.

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب