الحمد لله.
أولا :
ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( أَيُّمَا امْرَأَةٍ اسْتَعْطَرَتْ فَمَرَّتْ عَلَى قَوْمٍ لِيَجِدُوا مِنْ رِيحِهَا فَهِيَ زَانِيَةٌ ) رواه الإمام أحمد (19212) والنسائي (5126) وحسنه الألباني في صحيح الجامع .
وأما الرجال فلا يمنعون من ذلك ، بل يستحب للرجل أن يستعمل الطيب في كل أحواله ، ويتأكد استحبابه يوم الجمعة والعيد ، وفي مجامع الناس من المساجد والمصليات ونحوها . وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يحب الطيب ويستعمله . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( حُبِّبَ إِلَيَّ النِّسَاءُ وَالطِّيبُ وَجُعِلَتْ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ ) رواه أحمد (11885) النسائي (3940) وصححه الألباني .
والفرق بين المرأة والرجل : أن المرأة الأصل في حقها القرار في بيتها ، واستعمال الزينة فيه ، حيث لا يحصل بها فتنة ، ولا يترتب عليها مفسدة ، وأما الرجل فإنه يخرج من بيته ، ويعمل ، ويضرب في الأرض ، ويختلط بالناس في المجامع والأسواق وغيرها .
ثم إن فتنة الرجل بالمرأة أشد من فتنة المرأة بالرجل ، وإذا تعلق بامرأة أمكنه أن يسعى في طلبها ، والتحيل لفتنتها ، وعادة المرأة أن تكون مطلوبة لا طالبة ، وإذا قدر أنها وقع في نفسها شيء من رجل : فإن ما فطرت عليها من الحياء والتعفف ، يمنعا - غالبا - من ذلك الطلب ، ثم إن قرارها في بيتها ، وقلة خروجها مخالطتها للرجال : يحول دون هذه الفتنة ، أو دون العمل بمقتضاها .
وللفائدة ينظر جواب السؤال رقم (102329) و (7850) .
ثانيا :
وأما الصلاة مع التعطر : فإن كانت في بيتها فلا حرج عليها في ذلك .
وأما إن كانت خارج بيتها ، فلا يجوز لها أن تضع طيبا ، سواء أكانت ذاهبة إلى المسجد أو غيرها ؛ بل ورد نهي خاص عن استعمال المرأة للطيب إذا أراد المسجد .
عَنْ زَيْنَبَ امْرَأَةِ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود ، رضي الله عنها وعن زوجها ، قَالَتْ : قَالَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِذَا شَهِدَتْ إِحْدَاكُنَّ الْمَسْجِدَ فَلَا تَمَسَّ طِيبًا ) رواه مسلم (443) .
والواجب على المرأة المسلمة إذا أرادت المسجد أن تخرج في حجابها ، غير مبترجة بزينة ، ولا مظهرة شيئا من طيب أو غيره مما يلفت النظر إليها ، أو يجلب الفتنة بها .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلَاتٌ ) رواه أحمد (9362) وأبو داود (565) .
قال ابن دقيق العيد رحمه الله :
" يلحق بالطيب ما في معناه ؛ فإن الطيب إنما منع منه لما فيه من تحريك داعية الرجال وشهوتهم ، وربما يكون سببا لتحريك شهوة المرأة أيضا [ يعني : إذا استعملت هي الطيب ، ربما تحركت داعيتها ] ؛ فما أوجب هذا المعنى التحق به . وقد صح أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أيما امرأة أصابت بخورا فلا تشهد معنا العشاء الآخرة ). ويلحق به أيضا : حسن الملابس ولبس الحلي الذي يظهر أثره في الزينة وحمل بعضهم قول عائشة رضي الله عنها في الصحيح : ( لو أن رسول الله صلى الله عليه و سلم رأى ما أحدث النساء بعده لمنعهن المساجد ، كما منعت نساء بني إسرائيل )على هذا ؛ تعني : إحداث حسن الملابس والطيب والزينة " انتهى . " إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" (1/196) . وينظر أيضا : " عون المعبود شرح سنن أبي داود" .
وينظر للفائدة جواب السؤال رقم (21970) .
والله أعلم .
تعليق