الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

هل يجوز أخذ دواء صنع من جذور أشجار تم غليها في خمر؟

السؤال

هل يجوز أخذ دواء صنع من جذور أشجار تم غليها في خمر؟

الجواب

الحمد لله.

لا يجوز صنع الدواء بهذه الطريقة ، لأن فيها استعمالاً للخمر ، والله تعالى أمر باجتناب الخمر فقال : (فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) ، ومنع النبي صلى الله عليه وسلم صناعة الدواء من الخمر ، وأخبر أن الخمر داء وليست بدواء .

روى مسلم (1984) أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ رضي الله عنه سَأَلَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ أَوْ كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ ، فَقَالَ : (إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ) .

قال النووي رحمه الله :

"هذا دليل لتحريم اتخاذ الخمر [يعني : الاحتفاظ بها] وتخليلها [أي : تحويلها إلى خل] ، وفيه التصريح بأنها ليست بدواء ، فيحرم التداوي بها" انتهى .

وانظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم : (41760) .

لكن ... إذا تم صنع الدواء بهذه الطريقة المحرمة ، فيجوز تناوله إذا استهلكت الخمر في هذا الدواء ، ولم يبق لها أثر من لون أو طعم أو ريح .

فإن كان أثرها باقياً في الدواء ، فلا يجوز استعماله ؛ لأن في استعماله استعمالاً للخمر ، وتناولاً لها .

قال البهوتي رحمه الله :

"وَلَوْ خَلَطَ الْمُسْكِرَ بِمَاءٍ فَاسْتُهْلِكَ الْمُسْكِرُ فِيهِ ثُمَّ شَرِبَهُ لَمْ يُحَدَّ لِأَنَّهُ بِاسْتِهْلَاكِهِ فِي الْمَاءِ لَمْ يُسْلَبْ اسْمُ الْمَاءِ عَنْهُ" انتهى .

"كشاف القناع" (6/118) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :

" لَوْ وَقَعَ خَمْرٌ فِي مَاءٍ وَاسْتَحَالَتْ ثُمَّ شَرِبَهَا شَارِبٌ لَمْ يَكُنْ شَارِبًا لِلْخَمْرِ ؛ وَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ حَدُّ الْخَمْرِ ؛ إذْ لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ طَعْمِهَا وَلَوْنِهَا وَرِيحِهَا . وَلَوْ صُبَّ لَبَنُ امْرَأَةٍ فِي مَاءٍ وَاسْتَحَالَ حَتَّى لَمْ يَبْقَ لَهُ أَثَرٌ وَشَرِبَ طِفْلٌ ذَلِكَ الْمَاءَ : لَمْ يَصِرْ ابْنَهَا مِنْ الرِّضَاعَةِ بِذَلِكَ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (21/33) .

وقال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء :

"لا يجوز خلط الأدوية بالكحول المسكرة ؛ لكن لو خلطت بالكحول جاز استعمالها إن كانت نسبة الكحول قليلة لم يظهر أثرها في لون الدواء ولا طعمه ولا ريحه ، وإلا حرم استعمال ما خلط بها" انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة " (25/39) .

وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

"الكحول مادة مسكرة كما هو معروف فتكون خمراً ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ) وفي رواية : (كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ) .

وعلى هذا ؛ فإذا خالطت هذه الكحول شيئاً ولم تضمحل بما خالطته صار هذا الشيء حراماً ؛ لأن هذا الخليط أثر فيه . أما إذا انغمرت هذه الكحول بما خالطته ولم يظهر لها أثر فإنه لا يحرم بذلك" انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" (122/21) .

وقال أيضا :

"وأما خلط بعض الأدوية بشيء من الكحول ، فإنه لا يقتضي تحريمها ، إذا كان الخلط يسيرا لا يظهر له أثر مع المخلوط" انتهى .

"مجموع فتاوى ورسائل ابن عثيمين" (11/193) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب