الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

إذا قال لزوجته: اسرحي، هل يقع الطلاق

السؤال

لقد قرأت في موقع إسلامي عن أن لفظ (اسرحي) إذا قاله الزوج لزوجته صار طلاقا فأردت أن أخبر زوجي بهذا الأمر حتى لا يقع فيه خصوصا وأن هذه الكلمة دارجة عندنا في مصر مثل (اسرحي عشان أنام) فقلت لزوجي : تصدق أني قرأت أن لفظ (اسرحي) إذا قاله الزوج لزوجته صار طلاقا وقلت : اسمعني ولا تردد ما قلت ، ولكن اللفظ انفلت من لسانه وقال : (اسرحي) بلهجة استنكار ، وأقسم أنه لم يكن يقصد ذكر اللفظ وإنما نطقه دون عمد فهل هذا طلاق؟

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لفظ السراح من ألفاظ الطلاق غير الصريح عند جمهور الفقهاء ، فلا يقع به طلاق إلا مع نية الطلاق .

وذهب الشافعية وبعض الحنابلة إلى أنه من الطلاق الصريح ، فلو قال لزوجته : اسرحي ، وقع الطلاق ولا يقبل قوله : لم أنو الطلاق ، إلا إن دلت قرينة على أنه لم يرد الطلاق ، كما لو قال لها : اسرحي ، عقب أمرها بالتبكير لمحل الزراعة . وأفتى ابن حجر المكي من الشافعية بأن : " اسرحي " كناية ؛ لأنه من " سرَح " بالتخفيف ، وليس من " سرّح " بالتشديد .

وذكر الرملي في "نهاية المحتاج" (6/ 429) : أنه لا يقبل من الزوج إذا تلفظ بالطلاق الصريح أنه لم يقصد الطلاق إلا إذا دلت قرينة على ذلك ، وذكر منها : إذا قال لها : "اسرحي عقب أمرها بالتبكير لمحل الزراعة فيقبل ظاهرا" انتهى .

وذهب المالكية إلى أنه يقع الطلاق بلفظ السراح من غير نية ؛ لأنه صريح عند بعضهم ، أو كناية ظاهرة لا تحتاج إلى نية .

والراجح ما ذهب إليه الجمهور ، فلا يقع الطلاق بقوله : السراح ، أو سرحتك أو اسرحي ، إلا إذا نوى الطلاق .

قال ابن قدامة رحمه الله في المغني (7/ 294) : "  قال : ( وإذا قال : قد طلقتك , أو قد فارقتك , أو قد سرحتك . لزمها الطلاق ) هذا يقتضي أن صريح الطلاق ثلاثة ألفاظ ; الطلاق , والفراق , والسراح , وما تصرف منهن . وهذا مذهب الشافعي . وذهب أبو عبد الله بن حامد , إلى أن صريح الطلاق لفظ الطلاق وحده , وما تصرف منه لا غير . وهو مذهب أبي حنيفة , ومالك , إلا أن مالكا يوقع الطلاق به بغير نية ; لأن الكنايات الظاهرة لا تفتقر عنده إلى النية . وحجة هذا القول أن لفظ الفراق والسراح يستعملان في غير الطلاق كثيرا , فلم يكونا صريحين فيه كسائر كناياته .

ووجه الأول أن هذه الألفاظ ورد بها الكتاب بمعنى الفرقة بين الزوجين , فكانا صريحين فيه , كلفظ الطلاق , قال الله تعالى : ( فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان )، وقال : ( فأمسكوهن بمعروف )، وقال سبحانه : ( وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته )، وقال سبحانه : ( فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا ). وقول ابن حامد أصح ; فإن الصريح في الشيء ما كان نصا فيه لا يحتمل غيره إلا احتمالا بعيدا , ولفظة الفراق والسراح وإن وردا في القرآن بمعنى الفرقة بين الزوجين , فقد وردا لغير ذلك المعنى وفي العرف كثيرا , قال الله تعالى : (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا)" انتهى .

وأكثر الناس لا يستعملون هذا اللفظ بمعنى الطلاق ، فلا يكون من ألفاظ الطلاق الصريح عندهم .

والحاصل : أنه لا يقع عليك طلاق بهذا اللفظ ، ما دام زوجك لم يقصد به الطلاق .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب