الأربعاء 17 جمادى الآخرة 1446 - 18 ديسمبر 2024
العربية

أسلمت دون زوجها ، فهل لها أن لا تترك العيش معه لظروفه الصحية وظروفها المالية ؟

152778

تاريخ النشر : 14-11-2010

المشاهدات : 28205

السؤال

اعتنقت الإسلام منذ ست سنوات ولله الحمد. عندما اعتنقته كان قد مضى على زواجي عشرين سنة. ولدي الآن طفل في الحادية عشرة من عمره وهو مسلم أيضاً ولله الحمد. وإني أبذل قصارى جهدي لتربيته وتنشئته وفقاً لتعاليم الإسلام الحنيف. ولكن أباه (زوجي) ليس مسلماً بل لا يؤمن بأي ديانة. وأنا أعلم أنه لا يجوز في الإسلام أن تبقى المسلمة تحت الزوج الكافر وأنه يجب عليها أن تفارقه ما أن تنطق بالشهادة. ولكن الأمر مختلف بعض الشيء معي. فزوجي رجل مُقعد منذ أن أصيب بحادث سيارة منذ سنوات.. صحيح أنني اسكن معه في نفس البيت لكنني في الحقيقة لم يعد لي من الزوجية معه إلا الاسم، أي أنه لم يعد يجامعني. فوجودي معه لا يتعدى دور الرعاية والقيام بالخدمة نتيجة لظروفه الصحية. لقد فكرت في تركه ولكن نفسي لم تطاوعني بسبب ما هو فيه من بلاء كما أني أيضاً من أسرة فقيرة لا يمكن لها أن تقوم بنفقتي وليس لدي من التعليم ما يؤهلني للعمل وكفاية نفسي بنفسي. المشكلة تكمن في أن زوجي لا يحب الحجاب ولا يريدني أن أرتديه وكلما خرجنا مع بعض فإنه يجبرني على وضعه ولا أجد بداً من طاعته. لكن عندما أكون بمفردي فإني أرتديه وليس لدي أي مشكلة في ذلك. فهل أعد مرتكبة لكبيرة بوضعي للحجاب في هذه الحالة ؟ وماذا يجب عليّ أن أفعل؟

الجواب

الحمد لله.


نحمد الله تعالى أن منّ عليك بالإسلام ، ونسأله أن يثبتنا وإياك على دينه دين الحق .
وإذا أسلمت المرأة ورفض زوجها الإسلام فإنها لا تحل له لقول الله تعالى : ( فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ ) الممتحنة/ 10 .
قال الشوكاني رحمه الله :
" وقوله تعالى : ( لا هن حل لهم ولا هم يحلون لهن ) تعليل للنهي عن إرجاعهن ، وفيه دليل على أن المؤمنة لا تحل لكافر ، وأن إسلام المرأة يوجب فرقتها من زوجها " انتهى .
"فتح القدير" (5/301) .
فلا يجوز لمسلمة أن تبقى في عصمة كافر بأي حال من الأحوال ، بل يفرق بينهما بمجرد إسلامها ، ثم تنتظر انتهاء عدتها ، فإن أسلم في العدة فهما على نكاحهما ، وإن انتهت العدة ولم يسلم بانت منه ، ولها أن تتزوج بغيره إذا شاءت ، ولها أن تنتظر حتى يسلم .

قال ابن القيم رحمه الله : " الذي دلَّ عليه حُكمُه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن النكاح موقوف ، فإن أسلم قبلَ انقضاء عِدتها فهي زوجتُه ، وإن انقضت عدتها فلها أن تنكِحَ من شاءت ، وإن أحبَّت انتظرته ، فإن أسلم كانَتْ زوجته مِن غير حاجة إلى تجديد نكاح " انتهى .
"زاد المعاد" (5 /137) .
وحيث إنك تذكرين أنك أسلمت منذ ست سنوات فقد بِنت منه منذ زمن بعيد ، فعليك مفارقته فورا ، ولا يحل لك البقاء معه بحال ، وعليك الاستغفار والتوبة إلى الله تعالى .
ولا يجوز لك القيام على خدمته ورعايته وقد فرق الإسلام بينكما ، وخاصة أنه - على كفره - يمقت الدين ويكره الحجاب ويأمرك بنزعه ، فكيف تأمنين على نفسك ودينك وأنت معه ؟!
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن امرأة نصرانية كبيرة في السن هي وزوجها ، أسلمت ولم يسلم وليس بينهما معاشرة جنسية فهل يجوز لها البقاء معه أو ينفسخ العقد؟
فأجابوا : " إذا أسلمت نصرانية وهي زوجة لنصراني انفسخ عقد الزواج ... وعلى هذا لا يجوز لها البقاء معه ولو كانا كبيرين لا علاقة جنسية بينهما " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (19 /16-17) .
وكونك فقيرة ولا عمل لديك لا يُبيح لك البقاء في بيت واحد مع رجل غير مسلم ، فأحسني الظن بالله تعالى ، وهو القائل جل وعلا : ( سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا ) الطلاق / 7 .
قال السعدي رحمه الله:
" هذه بشارة للمعسرين ، أن الله تعالى سيزيل عنهم الشدة ، ويرفع عنهم المشقة " انتهى .
"تفسير السعدي" (ص 871) .
وهو القائل سبحانه : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا . وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا ) الطلاق/ 2 ، 3 .
ولقد ناظر الإمام ابن القيم رحمه الله بعض علماء النصارى حتى تبين له الحق ، لكنه اعتذر عن الدخول في الإسلام بأن النصارى يعظمونه وقال : وأنا لا أعرف صنعة ولا أحفظ قرآنا ولا نحوا ولا فقها ، فلو أسلمت لدُرت في الأسواق أتكفف الناس ، فمن الذي يطيب نفسا بهذا ؟ قال ابن القيم : " فقلت : هذا لا يكون ! وكيف تظن بالله أنك إذا آثرت رضاه على هواك يخزيك ويذلك ويحوجك ؟! ولو فرضنا أن ذلك أصابك فما ظفرت به من الحق والنجاة من النار ومن سخط الله وغضبه فيه أتم العوض عما فاتك " انتهى .
"هداية الحيارى" (ص 119) .
وعلى ابنك أن يحسن إلى أبيه ويقوم بخدمته ومساعدته بقدر ما يستطيع ، فذلك من حقه عليه ، حتى مع بقائه على دينه ، واجتهدي في دعوته إلى الإسلام ، فذلك خير لكم جميعاً ، حتى لا تتفرق الأسرة ، فأخبريه أن الإسلام يحرم عليك البقاء معه ، وأنه لا حل لتلك المشكلة إلا أن يسلم .
ونسأل الله تعالى لكما الهداية والتوفيق .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب