الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

التعرض لشرب الخمر في الرواية الأدبية

159960

تاريخ النشر : 03-02-2011

المشاهدات : 11549

السؤال

هل يجوز أثناء الكتابة الأدبية ( القصة ) استخدام شخصية تشرب الخمر بهدف الحصول على شخصية بغير وعي ، مع العلم أن حدث شرب الخمر حدث جانبي في القصة ، ولا يتم التعليق عليه سلبا أو إيجابا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا حرج في كتابة الروايات والقصص الخيالية إذا اشتملت على الشروط الآتية :
1- أن يكون هدفها الإصلاح والتوجيه نحو الخير والمعاني الإنسانية النبيلة ، بل ينبغي أن يكون الإصلاح ظاهرا في جميع تفاصيل أحداث القصة ومجريات الرواية ، والإصلاح كلمة مطلقة تشمل جوانب كثيرة : عقائدية ، سلوكية ، اجتماعية ، أسرية ، سياسية ، وغيرها .
2- أن لا تشتمل على ذكر الوقوع في المنكرات إلا على سبيل بيان سوء عاقبة المعصية واتخاذ العظة والعبرة ، أما أن تذكر المنكرات – كالزنا أو السرقة أو الخمر – على سبيل التمجيد والتأييد : فهذا لا شك في تحريمه . بل حتى لو لم تكن على سبيل التمجيد ، فلا يجوز ذكر هذه الأشياء والسكوت عنها ، لأن سوف يكون حينئذ نوعا من الإقرار لها ، أو على أقل تقدير : الإقرار بأن هذا شيء معتاد في حياة الناس ، لم يستحق الوقوف عنده ، أو رفضه .

سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله السؤال الآتي :
أنا شاب أهوى الكتابة ، وأقدم على كتابة الروايات والمسرحيات والقصص ، عن مواضيع اجتماعية طيبة ، من نسج خيالي وتصوري ، وإني أسأل عن حكم كتابة هذه الروايات والقصص.. ؟
فأجاب رحمه الله :
" هذه الأمور التي تتصورها في ذهنك ثم تكتب عنها لا يخلو :
إما أن تكون لمعالجة داء وقع فيه الناس حتى ينقذهم الله منه بمثل هذه التصويرات التي تصورها .
وإما أن يكون تصويرا لأمور غير جائزة في الشرع .
فإن كان تصويرا لأمور غير جائزة في الشرع فإن هذا محرم ولا يجوز بأي حال من الأحوال ، لما في ذلك من التعاون على الإثم والعدوان ، وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْأِثْمِ وَالْعُدْوَانِ )
أما إذا كانت لمعالجة داء وقع فيه الناس لعل الله ينقذهم منه بها فإن هذا لا بأس به ، بشرط أن تعرضه عرضا يفيد أنه غير واقعي ، وإنما تجعله أمثالا تضربها حتى يأخذ الناس من هذه الأمثال عبراً .
أما أن تحكيها على أنها أمر واقع وقصة واقعة - وهى إنما هي خيال - : فإن هذا لا يجوز لما فيه من الكذب ، والكذب محرم .
ولكن من الممكن أن تحكيه على أنه ضرب مثل يتضح به المآل والعاقبة لما حصل مثل هذا الداء ، واتخاذ ذلك سببا ووسيلة لطلب الرزق ، هذا ليس فيه بأس إذا كان في معالجة أمور دنيوية ؛ لأن الأمور الدنيوية لا بأس أن تتطلب بعلم دنيوي .
أما إذا كان في أمور دينية : فإن الأمور الدينية لا يجوز أن تجعل سببا للكسب وطلب المال ؛ لأن الأمور الدينية يجب أن تكون خالصة لله سبحانه وتعالى لقوله تعالى : ( مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ . أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
والحاصل أن هذه التصورات التي تصورها بصورة القصص :
إن كان فيها إعانة على إثم وعدوان فإنها محرمة بكل حال .
وإن كان فيها إعانة على الخير ومصلحة الناس فإنها جائزة ، بشرط أن تصورها بصورة التمثيل لا صورة الأمر الواقع ؛ لأنها لم تقع ، وأنت إذا صورتها بصورة الأمر الواقع وهي لم تقع كان ذلك كذبا " .انتهى من"فتاوى نور على الدرب" شريط رقم(110).
وقد سبق في موقعنا بيان جواز كتابة الروايات والقصص الخيالية ، وذلك في الجواب رقم : (4505)

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب