الحمد لله.
أولاً:
ذهب الأئمة الأربعة ، وأتباعهم ، والجم الغفير من علماء الإسلام المتقدمين إلى حرمة المعازف ، حتى حكي ذلك إجماعا .
قال القرطبي – رحمه الله - :
أما المزامير والأوتار والكوبة - وهي الطبلة - : فلا يختلف في تحريم استماعها ، ولم أسمع عن أحدٍ ممن يعتبر قوله من السلف وأئمة الخلف من يبيح ذلك ، وكيف لا يحرم وهو شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج الشهوات والفساد والمجون ، وما كان كذلك لم يشك في تحريمه ، ولا تفسيق فاعله وتأثيمه .
نقله عنه ابن حجر الهيتمي في كتابه " الزواجر عن اقتراف الكبائر " ( 2 / 193 ) .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله - :
مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام .
" مجموع الفتاوى " ( 11 / 576 ) .
وإذا كان القرطبي رحمه الله يقول عن المعازف في زمانه – توفي 671 هـ - إنها " شعار أهل الخمور والفسوق ، ومهيج الشهوات والفساد والمجون " ، فماذا يقول لو رأى حال المعازف والأغاني وأهلهما في زماننا هذا ؟!
وانظر جوابي السؤالين ( 5000 ) و ( 5011 ) .
وعن التعلق بالمعازف انظر جواب السؤال رقم ( 50687 ) .
ثانياً:
لم يجعل الله شفاء هذه الأمة فيما حرم عليها ؛ بل هو داء لها ، سواء كان داءً للبدن
أو للقلب أو لكليهما معاً ، ولا يحرِّم الله تعالى على الناس إلا ما فيه ضرر محض ،
أو ما كانت مفسدته أرجح من مصلحته.
عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى
اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ
وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) .
رواه أبو داود ( 3874 ) وصححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
وعن وائل بن حجر رضي الله عنه أَنَّ طَارِقَ بْنَ سُوَيْدٍ الْجُعْفِيَّ سَأَلَ
النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْخَمْرِ فَنَهَاهُ - أَوْ
كَرِهَ أَنْ يَصْنَعَهَا - ، فَقَالَ : إِنَّمَا أَصْنَعُهَا لِلدَّوَاءِ فَقَالَ (
إِنَّهُ لَيْسَ بِدَوَاءٍ وَلَكِنَّهُ دَاءٌ ) .
رواه مسلم ( 1984 ) .
وانظر أجوبة الأسئلة ( 11941 ) و (
138842 ) و (
41760 ) .
ثالثاً:
ما يذكره بعض الناس من أن الموسيقى يُعالج بها من الاكتئاب ، وأنها نافعة في ذلك :
لا ندري حقيقة الأمر فيه ؛ وهل سماع ألوان معينة من الموسيقى مؤثر بنفسه في ذلك ،
أو أن الأمر بحسب توهم المريض ، ما يوحي إليه به الطبيب .
وعلى أية حال ، فسواء كان ذلك القول صوابا أو خطأ ، فإن هذا لا يغير من حقيقة الحكم
شيء ؛ لأن الله تعالى لا يجعل الشفاء محصورا في أمر محرم ؛ فإذا قدر أن هذا السماع
شفاء لبعض الناس ، فليس شفاؤه محصورا فيه ، بل متى تركه لله ، وجد من غيره من أنواع
الشفاء ما يغنيه عنه .
وخير من ذلك ، بل هو خير ما استشفى به المرء : سماع القرآن ؛ فالقرآن نافع بذاته ،
وقد نفع الله تعالى بالعلاج بمجرد سماع القرآن كثيرين ، ومنهم أناس من غير المسلمين
.
وقد كتب الأستاذ عبد الدائم الكحيل وفقه الله مقالاً علميّاً نافعاً حول " كيف يؤثر
سماع آيات الله على خلايا الدماغ ، وما هو التفسير العلمي لظاهرة الشفاء بالقرآن ؟
وهل هنالك طاقة خفية في القرآن ؟ " ويمكن الاطلاع عليه تحت هذا الرابط :
http://www.kaheel7.com/ar/index.php/2010-02-02-22-31-09/78-2010-02-26-11-31-50
والخلاصة :
أن الموسيقى حرام ، وأن الله تعالى لم يجعل الشفاء فيما حرَّم علينا ، وأنها داء
للقلوب ، ولها آثار سيئة لا تخفى .
وقد سبق ذِكر حكم العلاج بالموسيقى في جوابي السؤالين (
106605 ) و (
9324 ) فليُنظرا .
والله أعلم
تعليق