الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

هل يجوز لها أن تحتقن بالبول للتداوي؟

السؤال

أنا بحاجة لمساعدة صديقتي ، فقد قرأت على الإنترنت أنه لا يجوز التداوي بدواء محرم ، وصديقتي تعاني من بعض المشاكل في المهبل ، وقال لها الأطباء : أن تقوم بإدخال كمية من البول في المهبل حتى تشفى ، لكن أكثر ما تشعر بالقلق لشأنه هو : هل يجوز التداوي بالبول ؟ برجاء المساعدة في هذا الأمر .

الجواب

الحمد لله.

أولاً :
بول الآدمي نجس بإجماع العلماء ؛ والأصل المتفق عليه ـ من حيث الجملة ـ : منع التداوي بالنجاسات ؛ لما رواه أبو الدرداء رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : ( إِنَّ اللَّهَ أَنْزَلَ الدَّاءَ وَالدَّوَاءَ وَجَعَلَ لِكُلِّ دَاءٍ دَوَاءً فَتَدَاوَوْا وَلَا تَدَاوَوْا بِحَرَامٍ ) رواه أبو داود(3874). وينظر "الموسوعة الفقهية" (11/119) .
ثانيا :
اختلف العلماء في حال الاضطرار إلى التداوي بالمحرم : هل يجوز شرب البول ونحوه من النجاسات للتداوي ؟ أو يجوز التداوي بالنجاسات ، لكن من غير شرب ؟ أو لا يجوز مطلقا؟

جاء في "الموسوعة الفقهية" (11/119): " وقد عمم المالكية هذا الحكم [ تحريم التداوي ] في كل نجس ومحرم , سواء أكان خمراً, أم ميتة , أم أي شيء حرمه الله تعالى , وسواء كان التداوي به عن طريق الشرب أو طلاء الجسد به, وسواء كان صرفاً أو مخلوطاً مع دواء جائز, واستثنوا من ذلك حالة واحدة أجازوا التداوي بهما, وهي أن يكون التداوي بالطلاء , ويخاف بتركه الموت , سواء كان الطلاء نجساً أو محرماً , صرفا أو مختلطا بدواء جائز.
وأضاف الحنابلة إلى المحرم والنجس كل مستخبث , كبول مأكول اللحم أو غيره , إلا أبوال الإبل فيجوز التداوي بها..." انتهى.
وينظر : "المجموع شرح المهذب" للنووي (9/54) ، "رد المحتار على الدر المختار" لابن عابدين (6/389) .

ثالثا:
استعمال المحرم والنجس ، من غير أكل وشرب ، سواء كان عن طريق الاحتقان ، أو الطلاء ، ونحو ذلك ، أهون من شرب النجس وأكله ، ولهذا رخص فيه من لم يرخص في شرب النجس للتداوي .
جاء في "الموسوعة الفقهية" أيضاً (2/88): " أما بالنسبة للاحتقان بالمحرم فقد منعه العلماء من غير ضرورة ؛ لعموم النهي عن المحرم .
أما إذا كان الاحتقان لضرورة ، ومتعيناً، فقد أجاز الحنفية والشافعية الاحتقان لضرورة إذا كانت الضرورة يخشى معها على نفسه، وأخبره طبيب مسلم حاذق أن شفاءه يتعين بالتداوي بالمحرم، على أن يستعمل قدر حاجته....وأيد هذا ابن حزم..
ويرى المالكية وهو رأي للحنابلة: أنه لا يجوز الطلاء ولا الاحتقان والتداوي بالخمر والنجس، ولو أدى ذلك إلى الهلاك؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( إن الله لم يجعل شفاء أمتي فيما حرم عليها )؛ ولأن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر له النبيذ يصنع للدواء فقال: إنه ليس بدواء ولكنه داء " انتهى .

والذي يظهر ، والله أعلم ، أن الأمر في استدخال البول ، أو الاحتقان به ، عن طريق الفرج ، في حال الضرورة ، أيسر ، والرخصة في مثله أوسع . لكن بشروط :
الأول: أن يكون ذلك بإخبار طبيب مسلم عدل ثقة حاذق عارف بالشفاء به .
الثاني : أن لا يوجد علاج مباح يقوم مقامه .
الثالث : ألا يستعمل إلا بقدر الحاجة .

قال النووي رحمه الله : قال أصحابنا: وإنما يجوز ذلك إذا كان المتداوي عارفاً بالطب , يعرف أنه لا يقوم غير هذا مقامه, أو أخبره بذلك طبيب مسلم عدل , ويكفي طبيب واحد.., فلو قال الطبيب: يتعجل لك به الشفاء ، وإن تركته تأخر, ففي إباحته وجهان, حكاهما البغوي, ولم يرجح واحدا منهما , وقياس نظيره في التيمم أن يكون الأصح جوازه " انتهى من "شرح المهذب"(9/54) .

والخلاصة : أنه لا حرج على صديقتك في استعمال البول في علاج ما أصابها ، على ما أخبرها الطبيب ، إذا كان الطبيب ثقة ، ولم يكن هناك بديل آخر مباح يقوم مقامه .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب