الحمد لله.
أولاً :
الأصل أن من قدر على رمي الجمار بنفسه ، لا يجوز له أن يوكل غيره بالرمي عنه .
قال الشيخ ابن باز رحمه الله : " أما إذا كان صحيحاً فليس له التوكيل بل يجب أن يرمي بنفسه ؛ لأنه لما أحرم بالحج وجب عليه إكماله وإن كان متطوعاً ؛ لأن الشروع بالحج يوجب إكماله - كما قال سبحانه وتعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالَعُمْرَةَ لِلَّهِ ) البقرة : 196 ، وهكذا العمرة كما في الآية الكريمة ؛ إذا شرع فيها وجب عليه الإتمام والإكمال ، وليس له أن يوكل في بعض أعمال الحج على الصحيح مادام قادراً على فعلها " .
انتهى من " سلسلة الفتاوى الشرعية – فتاوى الحج " جمع خالد الجريسي (ص107) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله :
" لا يجوز للمرأة ولا لغيرها أن توكل من يرمي عنها ؛ لأن الرمي من أفعال الحج ، وقد
قال الله تبارك وتعالى : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ للهِ ) .
ولهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم : للضعفة من أهله أن يدفعوا من مزدلفة بليل ،
ليصلوا إلى منى قبل زحمة الناس ، فيرموا جمرة العقبة ، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من
يرمي عنهم ، وكذلك أذن النبي صلى الله عليه وسلم : لرعاة الإبل أن يرموا يوماً ،
ويدعوا يوماً ، ولم يأذن لهم أن يوكلوا من يرمي عنهم ، وهذا دليل على تأكد الرمي
على الحاج بنفسه " .
انتهى مختصرا من " مجموع فتاوى ابن عثيمين " (23/107) .
ثانياً :
إذا عجز الإنسان عن الرمي لمسوغ شرعي ، كمرض ، أو ضعف لا يمكنه معه تحمل مشقة الرمي
والزحام ، أو كبر سن لا يقدر معه الرمي ، أو خافت المرأة على جنينها ، أو نحو ذلك
من الأعذار ، جاز التوكيل في هذه الحال .
قال ابن قدامه رحمه الله : "
إذا كان الرجل مريضا , أو محبوسا , أو له عذر , جاز أن يستنيب من يرمي عنه " انتهى
من " المغني " (3/257) .
وقال الشيخ ابن باز رحمه
الله : " لا بأس بالتوكيل : عن المريض والمرأة العاجزة ، كالحبلى والثقيلة والضعيفة
التي لا تستطيع رمي الجمار " .
انتهى من " مجموع فتاوى ابن باز " (17/301) .
وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه
الله : " إذا كان الحاج لا يستطيع أن يرمي إما لكبر سنه ، أو لمرضه ، أو امرأة حامل
، أو امرأة أو رجل أعمى يتعب ، فهنا لا بأس أن يوكل للضرورة " انتهى من " مجموع
فتاوى ابن عثيمين " (23/119) .
وتقدير حال الضعف ، وما يشق
على المكلف ولا يقدر على احتماله ، يرجع إلى حال المكلف ، وأمانته مع ربه ؛ فأنت
أبصر بنفسك ، وتنزيل حالك على التفصيل الذي سبق ذكره ؛ فإذا كنت قد فعلت ذلك لأنه
غلب على ظنك ضعفك عن هذه المشقة ، أو أن من تثقين في علمه قد أفتاك بذلك : فلا حرج
عليك فيما فعلت إن شاء الله .
والله أعلم .
تعليق