الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

منعها وليها من الزواج حتى تتزوج أختها الكبرى فلجأت للقضاء ، فزوجها القاضي ثم وافق وليها ، فما الحكم ؟

195950

تاريخ النشر : 17-10-2014

المشاهدات : 10246

السؤال


تقدم أحد الشباب لخطبة إحدى الفتيات إلا أن أسرتها رفضت بحجة أن عادات وتقاليد الأسرة تقضي بضرورة زواج الكبرى قبل الصغرى . ورغم كل الأدلة من الكتاب والسنة التي عُرضت على أسرتها كي يعدلوا عن إصرارهم في عدم تزويجها إلا أنهم لم يقتنعوا . لهذا توجها إلى القاضي وتزوجا دون علم الأسرة. وقد مضت ثلاث سنوات حتى الآن وما زالت الأسرة على إصرارها غير أنهم في الآونة الأخيرة أبدوا نوعاً من الموافقة على تزويج الصغرى قبل الكبرى . فالسؤال هو : هل يجب على الزوجين أن يعيدا النكاح من جديد ؟ أم الأفضل أن يخبروا الجميع بأنهما قد تزوجا قبل ثلاث سنوات أخذاً في الاعتبار كل الإشكالات التي ستتولد عن ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
لا يصح نكاح المرأة إلا بولي ، وليس للمرأة أن تزوج نفسها ولا أن تزوجها امرأة مثلها ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (لا نكاح إلا بولي ) رواه أبو داود (2085) ، والترمذي (1101) ، وابن ماجه (1881) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه ، وصححه الألباني في " صحيح سنن الترمذي " .
ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( أيما امرأة نكحت بغير إذن وليها فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل ، فنكاحها باطل . . . فإن اشتجروا فالسلطان ولي من لا ولي له ) رواه أحمد ( 24417) ، وأبو داود (2083) ، والترمذي (1102) وصححه الألباني رحمه الله .

ثانياً :
إن منع الولي مَوْليته من الزواج بكفء رضيت به كان عاضلاً ، والعضل محرم بنص الكتاب والسنة ، كما سبق بيانه مفصلا في الفتوى رقم : ( 98244) .
وقد عده بعض العلماء من الكبائر , جاء في " الزواجر عن اقتراف الكبائر " (2/42) : " الكبيرة الخامسة والخمسون بعد المائتين : عضل الولي موليته عن النكاح ، بأن دعته إلى أن يزوجها من كفء لها ، وهي بالغة عاقلة : فامتنع " انتهى .

قال ابن قدامة رحمه الله : " فإن رغبت في كفء بعينه ، وأراد تزويجها لغيره من أكفائها ، وامتنع من تزويجها من الذي أرادته ، كان عاضلا لها .
فأما إن طلبت التزويج بغير كفئها : فله منعها من ذلك ، ولا يكون عاضلا لها " انتهى من " المغني " (7/31) .

ثالثاً :
أما عن موقف الأسرة التي ترفض تزويج الصغرى قبل الكبرى ، فإنه موقف غير شرعي ، مبناه على مراعاة العادات والتقاليد , ومعلوم أن العادات والتقاليد لا تعتبر إذا خالفت الشرع الشريف , وهذا الموقف مخالف لشرع الله سبحانه ؛ إذ لم تأت الشريعة بمراعاة الترتيب في تزويج البنات , وتأخير زواج الصغرى حتى تتزوج الكبرى , فهذا فيه ظلم للصغرى ، وربما يؤدي إلى فوات زواجها أصلا إذا لم تتزوج الكبرى .
هذا بالإضافة إلى أنه يتسبب في وقوع النفرة والبغضاء بين الأختين ، حيث ترى الصغرى أن الكبرى هي السبب في ظلمها ومنعها حقها .
والولي الذي يفعل ذلك يكون عاضلاً , وتسقط ولايته على موليته , وتراجع الفتوى رقم (170375) ، ففيها تفصيل الكلام عن حكم منع البنت الصغرى من الزواج حتى تتزوج الكبرى .

رابعاً :
اختلف الفقهاء فيمن تنتقل إليه الولاية إذا حصل عضل من الولي , فبعضهم قال : تنتقل الولاية إلى السلطان , وبعضهم قال : تنتقل الولاية إلى الولي الأبعد , وقد سبق بيان ذلك مفصلا في الفتوى رقم (171588) .

وقد رجح الشيخ ابن عثيمين رحمه الله أن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأولياء الأقرب فالأقرب , حيث قال : " إذا منع الولي تزويج امرأة بخاطب كفء في دينه وخلقه ، فإن الولاية تنتقل إلى من بعده من الأقرباء العصبة الأولى فالأولى ، فإن أبوا أن يزوجوا كما هو الغالب ، فإن الولاية تنتقل إلى الحاكم الشرعي ، ويزوج المرأة الحاكمُ الشرعي ، ويجب عليه إن وصلت القضية إليه وعلم أن أولياءها قد امتنعوا عن تزويجها أن يزوجها ؛ لأن له ولاية عامة ما دامت لم تحصل الولاية الخاصة " انتهى من " فتاوى إسلامية " (3/148) .

وعليه : فإن كان القاضي الذي زوجهما هو القاضي الشرعي ، فإن الزواج صحيح ولا يحتاج إلى تجديد , أما إن كان الذي زوجهما قاض غير مسلم فإن النكاح يكون قد وقع دون ولي , والنكاح بغير ولي لا يصح عند جمهور العلماء .
فإن كان كل من الزوجين راغبا في صاحبه فعليهما أن يجددا العقد ويعقدا بولي ، ولا تحتاج إلى عدة ؛ لأن الماء ماؤه .
وينظر جواب السؤال (98546) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب