الحمد لله.
سعيكم في بناء المسجد هو من الأعمال الصالحة ؛ قال الله تعالى : ( إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ) التوبة/18 .
وروى ابن ماجه (738) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّه رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُما أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( مَنْ بَنَى مَسْجِدًا لِلَّهِ كَمَفْحَصِ قَطَاةٍ ، أوْ أَصْغَرَ ، بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ ) . صححه الألباني .
والقطاة : نوع من الطير .
والمفحص : هو المكان الذي تحتضن فيه بيضها .
والمراد من الحديث : ضرب المثل ، لبيان أقل ما يمكن في بناء المساجد .
ومن شارك في بناء مسجد كان له من الأجر على قدر مشاركته ، ينظر للفائدة جواب السؤال :( 146564 ) .
ولكن يجب أن يكون السعي في هذا العمل الصالح موافقا للشرع ؛ فإن الله طيب لا يقبل إلا طيبا.
وطريقتكم هذه تدفع بعض الناس
للمساهمة في بناء المسجد ، رجاء الحصول على هدية العمرة ؛ وهنا يكون الداخل فيه :
لا يخلو من أن يكون غانماً إن ربح العمرة ، أو غارماً إن خسر وفاز بها غيره ، وهذه
هي حقيقة القمار والميسر المحرم شرعا .
قال الله سبحانه وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ
وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ
فَاجْتَنِبُوه لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن
يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ
وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ )
المائدة/90-91 .
ثم إن في رغبة المتصدق في الظفر بهذه العمرة ، عن طريق التبرع والصدقة : نوع معاوضة
عن صدقته ، ورجوع فيها عن وجهها الشرعي ، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم المتصدق
عن الرجوع في صدقته ، أو شرائها من جديد ، إن وجدها تباع ، لئلا يكون ذلك نوعا من
العود فيها ، وليقطع تعلق النفوس التي جبلت على الشح ، بما أخرجته لله ؛ فكيف إذا
أخرج صدقته ، وهو يتطلع من أول أمره لمثل ذلك .
ولذلك نوصيكم بترك هذا الطريقة في جمع التبرع للمسجد ، والاكتفاء بالترغيب والتشجيع
عليه ، بما وعد الله المنفق والمتصدق من الأجر الأخروي ، وما ورد في حق من بنى أو
ساهم في بناء المسجد لله احتسابا لله ، كما جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال
سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول :( من بنى مسجدا لله تعالى - قال بكير
[ أحد رواة الحديث ] حسبت أنه قال - يبتغى به وجه الله - بنى الله له بيتا فى الجنة
). رواه البخاري (450) ، ومسلم (1217) .
تعليق