الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل ورد ما يدل على ضياع اسطنبول من أيدي المسلمين

203078

تاريخ النشر : 04-01-2015

المشاهدات : 191267

السؤال


هل صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم أخبر أن تركيا ستضيع من المسلمين ، وسيعاد استردادها في آخر الزمان ؟

ملخص الجواب

الأحاديث الصحيحة الواردة في فتح " القسطنطينية " تتحدث عن فتح "خاص" يقع في آخر الزمان ، فيعقبه فورا ظهور المسيح الدجال ، بل ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( فتح القسطنطينية مع قيام الساعة ) رواه الترمذي في " السنن " (2239) ، وصححه الألباني  . وهذا الفتح من أمور الغيب المستقبلية التي لا يمكننا الجزم بكنهه وحقيقته وما يسبقه من أحداث ووقائع، ولذا لا نجزم بشيء من ذلك، بل نكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى.

الجواب

الحمد لله.

يمكن تقسيم الأحاديث الواردة في فتح " القسطنطينية " - وهي مدينة " إسطنبول " اليوم – إلى ثلاثة أقسام :

القسم الأول : الأحاديث الصحيحة

الحديث الأول :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَنْزِلَ الرُّومُ بِالْأَعْمَاقِ أَوْ بِدَابِقٍ ، فَيَخْرُجُ إِلَيْهِمْ جَيْشٌ مِنَ الْمَدِينَةِ ، مِنْ خِيَارِ أَهْلِ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ ، فَإِذَا تَصَافُّوا ، قَالَتِ الرُّومُ : خَلُّوا بَيْنَنَا وَبَيْنَ الَّذِينَ سَبَوْا مِنَّا نُقَاتِلْهُمْ . فَيَقُولُ الْمُسْلِمُونَ : لَا ، وَاللهِ لَا نُخَلِّي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ إِخْوَانِنَا . فَيُقَاتِلُونَهُمْ ، فَيَنْهَزِمُ ثُلُثٌ لَا يَتُوبُ اللهُ عَلَيْهِمْ أَبَدًا ، وَيُقْتَلُ ثُلُثُهُمْ ، أَفْضَلُ الشُّهَدَاءِ عِنْدَ اللهِ ، وَيَفْتَتِحُ الثُّلُثُ ، لَا يُفْتَنُونَ أَبَدًا ، فَيَفْتَتِحُونَ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْغَنَائِمَ ، قَدْ عَلَّقُوا سُيُوفَهُمْ بِالزَّيْتُونِ ، إِذْ صَاحَ فِيهِمِ الشَّيْطَانُ : إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَلَفَكُمْ فِي أَهْلِيكُمْ ، فَيَخْرُجُونَ ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ ، فَإِذَا جَاءُوا الشَّأْمَ خَرَجَ ، فَبَيْنَمَا هُمْ يُعِدُّونَ لِلْقِتَالِ ، يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ ، إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلَاةُ ، فَيَنْزِلُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَّهُمْ ، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ ، فَلَوْ تَرَكَهُ لَانْذَابَ حَتَّى يَهْلِكَ ، وَلَكِنْ يَقْتُلُهُ اللهُ بِيَدِهِ ، فَيُرِيهِمْ دَمَهُ فِي حَرْبَتِهِ ) رواه مسلم في " صحيحه " (2897) من طريق سليمان بن بلال ، عن سهيل ، عن أبيه ، عن أبي هريرة رضي الله عنه .

الحديث الثاني :

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( سَمِعْتُمْ بِمَدِينَةٍ جَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَرِّ وَجَانِبٌ مِنْهَا فِي الْبَحْرِ ؟ قَالُوا : نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللهِ . قَالَ : لَا تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَغْزُوَهَا سَبْعُونَ أَلْفًا مِنْ بَنِي إِسْحَاقَ ، فَإِذَا جَاءُوهَا نَزَلُوا ، فَلَمْ يُقَاتِلُوا بِسِلَاحٍ وَلَمْ يَرْمُوا بِسَهْمٍ ، قَالُوا : لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ ، فَيَسْقُطُ أَحَدُ جَانِبَيْهَا الَّذِي فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ يَقُولُوا الثَّانِيَةَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ . فَيَسْقُطُ جَانِبُهَا الْآخَرُ . ثُمَّ يَقُولُوا الثَّالِثَةَ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَاللهُ أَكْبَرُ . فَيُفَرَّجُ لَهُمْ ، فَيَدْخُلُوهَا فَيَغْنَمُوا ، فَبَيْنَمَا هُمْ يَقْتَسِمُونَ الْمَغَانِمَ إِذْ جَاءَهُمُ الصَّرِيخُ ، فَقَالَ : إِنَّ الدَّجَّالَ قَدْ خَرَجَ ، فَيَتْرُكُونَ كُلَّ شَيْءٍ وَيَرْجِعُونَ ) رواه مسلم في " صحيحه " (2920) .

الحديث الثالث (موقوف):

عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا ثَعْلَبَةَ الْخُشَنِيَّ ، صَاحِبَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ وَهُوَ بِالْفُسْطَاطِ [الخيمة] فِي خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ ، وَكَانَ مُعَاوِيَةُ أَغْزَى النَّاسَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ . فَقَالَ : ( وَاللهِ لَا تَعْجِزُ هَذِهِ الْأُمَّةُ مِنْ نِصْفِ يَوْمٍ [من أيام الله] إِذَا رَأَيْتَ الشَّامَ مَائِدَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ فَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ) [مائدة رجل واحد] أي : من المسلمين ، وذلك بأن يكون أميراً فيه ، والمراد إذا كان أمير الشام من المسلمين .

ورد هذا الحديث من طريق معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير به .

وقد اختلف الرواة عن معاوية بن صالح على وجهين :

الوجه الأول : الوقف من كلام معاوية بن أبي سفيان : رواه الليث ، كما عند أحمد في " المسند " (29/269) قال : حدثنا هاشم ، قال : حدثنا ليث ، عن معاوية بن صالح ، عن عبد الرحمن بن جبير به .

الوجه الثاني : الرفع من كلام النبي صلى الله عليه وسلم : رواه كل من : (عبدالله بن وهب (مختصرة)، وعبد الله بن صالح) كلاهما عن معاوية بن صالح . أخرجه أبو داود (4349) ، والطبري في "تاريخه" (1/16) ، والطبراني في "الكبير" (22/572 - 576) ، وفي "الشاميين" (2029) ، والحاكم (4/424) .

والصواب هو الوقف وليس الرفع ، كما قال ابن حجر في " فتح الباري " (11/351) : رواته ثقات ، ولكن رجّح البخاري وقفه .

القسم الثاني : أحاديث ضعيفة ضعفا يسيرا

الحديث الأول :

عن أبي قَبِيلٍ ، قَالَ : " كُنَّا عِنْدَ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي ، وَسُئِلَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا : الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَدَعَا عَبْدُ اللهِ بِصُنْدُوقٍ لَهُ حَلَقٌ ، قَالَ : فَأَخْرَجَ مِنْهُ كِتَابًا ، قَالَ : فَقَالَ عَبْدُ اللهِ : بَيْنَمَا نَحْنُ حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَكْتُبُ ، إِذْ سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْمَدِينَتَيْنِ تُفْتَحُ أَوَّلًا : قُسْطَنْطِينِيَّةُ أَوْ رُومِيَّةُ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَدِينَةُ هِرَقْلَ تُفْتَحُ أَوَّلًا ) ، يَعْنِي : قُسْطَنْطِينِيَّةَ " .

رواه أحمد في " المسند " (11/225) ، والحاكم في " المستدرك " (4/555) ، وابن عبد الحكم في " فتوح مصر " (ص256-257) ، جميعهم من طريق يحيى بن أيوب ، قال حدثني أبو قبيل .

قلنا : وهذا إسناد ضعيف ، فيه علتان :

العلة الأولى :

يحيى بن أيوب ، وهو الغافقي أبو العباس المصري . قال فيه أحمد بن حنبل : سيء الحفظ . وقال مرة : يخطئ خطأ كثيرا ، وأنكر بعض أحاديثه . وقال أبو حاتم : محله الصدق ، يكتب حديثه ولا يحتج به . وقال النسائي : ليس بالقوي . وقال ابن سعد : منكر الحديث .  وقال الدارقطني : في بعض حديثه اضطراب ، وذكر من مناكيره . وقال الإسماعيلي : لا يحتج به . وقال أحمد بن صالح : ربما خل في حفظه . وقال أيضا : له أشياء يخالف فيها . وقال الساجي : صدوق يهم . وقال الحاكم أبو أحمد : إذا حدّث من حفظه يخطئ ، وما حدث من كتاب فليس به بأس . وقال ابن عدي : لا أرى في حديثه إذا روى عن ثقة حديثا منكرا ، وهو عندي صدوق لا بأس به .

نعم وثقه يحيى بن معين في رواية ، وقال النسائي في رواية : ليس به بأس . وقال أبو داود : صالح . وقال الترمذي عن البخاري : ثقة . وقال يعقوب بن سفيان : كان ثقة حافظا . وقال إبراهيم الحربي : ثقة . ينظر " تهذيب التهذيب " (11/187) .

ولكن الجرح مقدم هنا على التوثيق ، لأنه جرح مفسر بوجود الاضطراب والمناكير والإخلال بالحفظ ، أو يقال : إنه لا تعارض ، فالتوثيق محله الأحاديث التي ليست بالغرائب والمناكير ولم يثبت فيها اضطرابه وخطؤه .

لذلك قال الذهبي - رحمه الله - : " له غرائب ومناكير يتجنبها أرباب الصحاح ، وينقون حديثه ، وهو حسن الحديث " انتهى من " سير أعلام النبلاء " (8/6) .

العلة الثانية :

أبو قبيل -اسمه حيي بن هانئ المعافري- وثقه أحمد بن حنبل ، ويحيى بن معين وأبو زرعة والعجلي وغيرهم – ولكن قال أبو حاتم : صالح الحديث .

وذكره ابنُ حبان في " الثقات " ، وقال : كان يخطئ . وقال أيضا : " كان يهم في الأحايين " انتهى من "مشاهير علماء الأمصار" (194) .

وذكره الساجي في كتابه " الضعفاء " ، وحكى عن ابن معين أنه ضعفه . وقال يعقوب بن شيبة : كان له علم بالملاحم والفتن . ينظر " تهذيب التهذيب " (3/72).

وقال الحافظ ابن حجر : " ضعيف ؛ لأنه كان يكثر النقل عن الكتب القديمة " ينظر  " تعجيل المنفعة " (ص277) .

فالخلاصة أن الحديث لا يقبل بمثل هذا الإسناد الضعيف ، خاصة مع ما في متنه من الغرابة والتفرد ، حيث أخبر فيه بفتح " رومية " ، وهي مدينة " روما "، عاصمة إيطاليا . ولم نقف على ذلك في شيء من الأحاديث الصحيحة الأخرى .

الحديث الثاني :

ما روي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( لَتُفْتَحَنَّ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ ، فَلَنِعْمَ الْأَمِيرُ أَمِيرُهَا ، وَلَنِعْمَ الْجَيْشُ ذَلِكَ الْجَيْشُ ) .

مدار هذا الحديث على زيد بن الحباب ، قال : حدثني الوليد بن المغيرة المعافري .

ثم اختلف الرواة في تسمية شيخ الوليد في هذا الإسناد :

فقيل : عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه ، كما في "مسند أحمد" (31/287) .

وقيل : عبد الله بن بشر الغنوي عن أبيه ، كما في " المعجم الكبير " للطبراني (2/38)، وصحح هذا الوجه ابن منده في " معرفة الصحابة " (ص229) .

وقيل : ( عبيد بن بشر الغنوي عن أبيه ) كما في " التاريخ الكبير " للبخاري (2/81).

وقيل : ( عبيد الله بن بشر الغنوي عن أبيه ) .

وقيل ( أبو بشر الغنوي عن أبيه ).

قلنا : وفي جميع الأحوال ، فهو إسناد ضعيف بسبب جهالة الراوي عن النبي صلى الله عليه وسلم وابنه . وقد بحثنا في كتب الرجال والرواة ، فوجدنا الأغلب يترجمون لعبيد بن بشر الغنوي ، كما فعل البخاري في " التاريخ الكبير " (5/443) ، ومسلم في " الكنى والأسماء " (1/609) ، وابن حبان في " الثقات " (5/135) ، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا .

ويترجمون لوالده ( بشر الغنوي ) كما عند البخاري في " التاريخ الكبير " (2/81) ، وابن أبي خيثمة في " التاريخ الكبير " (1/92) ، وابن حبان في " الثقات " (3/31) ، ولم يذكروا فيه جرحا ولا تعديلا أيضا . وترجم له ابن عبد البر في " الاستيعاب " (1/170) ، وقال : "  إسناده حسن لم يرو عنه غير ابنه عبيد الله بن بشر " .

لذلك قال علي بن المديني رحمه الله :

" راويه مجهول " انتهى من " تاريخ الإسلام " (6/ 146) .

يقول الخطيب البغدادي :

" تفرد زيد بن الحباب برواية هذا الحديث عنه [يعني الوليد بن المغيرة المصري] ، وذكر أبو سعيد بن يونس أن هذا الحديث ليس عند المصريين عنه " انتهى من " تلخيص المتشابه " (1/183) .

الحديث الثالث :

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ خَرَابُ يَثْرِبَ ، وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ ، وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ فَتْحُ قُسْطَنْطِينِيَّةَ ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ خُرُوجُ الدَّجَّالِ ) ، ثُمَّ ضَرَبَ بِيَدِهِ عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ ، - أَوْ مَنْكِبِهِ - ثُمَّ قَالَ : ( إِنَّ هَذَا لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ هَاهُنَا . أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ ) . يَعْنِي : مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ .

مدار هذا الحديث على عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ، عن أبيه عن مكحول .

قلنا : وهذا إسناد فيه ضعف - أيضا - بسبب عبد الرحمن بن ثابت . قال أحمد بن حنبل : أحاديثه مناكير . وقال مرة : لم يكن بالقوى في الحديث . وضعفه يحيى بن معين، والنسائي .

وقال صالح بن محمد البغدادي : أنكروا عليه أحاديث يرويها عن أبيه ، عن مكحول . مسندة ، و حديث الشامى لا يضم إلى غيره ، معرف خطؤه من صوابه .

وقال أبو أحمد بن عدي : له أحاديث صالحة ، ويبلغ أحاديث صالحة ، وكان رجلا صالحا ، ويكتب حديثه على ضعفه ، وأبوه ثقة .

وهذا النقد – في نظرنا – أدق من التوثيق العام الذي ورد عن علي بن المديني ، والعجلي ، وأبي زرعة أنهم قالوا : ليس به بأس . وقال أبو حاتم : ثقة . وقال أبو داود : ليس به بأس . ينظر " تهذيب التهذيب " (6/151) .

ومن أدلة ضعف الحديث أنه ورد على وجهين ، وأن الرواة عن عبد الرحمن بن ثابت يختلفون فيه :

فبعضهم يقول : ابن ثوبان ، عن أبيه ، أنه سمع مكحولا ، يحدث عن جبير بن نفير ، عن مالك بن يخامر ، عن معاذ بن جبل . كما في " مسند ابن الجعد " (1/489) ، " مصنف ابن أبي شيبة " (7/490) ، " مسند أحمد " (36/432) ، " سنن أبي داود " (4294) ، " شرح مشكل الآثار " (1/450) ، " المعجم الكبير " للطبراني (20/108) .

وآخرون يروونه بالوجه السابق ، لكن بإسقاط جبير بن نفير . ذكره الدارقطني في " العلل " (6/53) .

وآخرون يقولون : حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان ، حدثني أبي ، عن مكحول ، عن معاذ بن جبل . " مسند أحمد " (36/352) .

وثمة وجه مغاير يرويه ابن أبي شيبة في " المصنف " (7/ 458) قال : حدثنا أبو أسامة ، عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، أن معاذ بن جبل قال .

ووجه خامس في " المستدرك على الصحيحين " للحاكم (4/ 467) من طريق الرحمن بن يزيد بن جابر ، عن مكحول ، عن عبد الله بن محيريز ، أن معاذ بن جبل ، كان يقول – وذكر الحديث - قال الحاكم : هذا الحديث - وإن كان موقوفا - فإن إسناده صحيح على شرط الرجال ، وهو اللائق بالمسند الذي تقدمه ".

وفي نظرنا أن كل هذه الأوجه دليل على وقوع الاضطراب في رواية الحديث ، والسبب المباشر خطأ الرواة وسهوهم في الأداء .

الحديث الرابع :

عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى ، وَفَتْحُ الْقُسْطَنْطِينِيَّةِ ، وَخُرُوجُ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ ) .

رواه أحمد (36/371) ، وأبوداود (4295) ، والترمذي (2238) ، وابن ماجه (4092) ، جميعهم من طريق أبي بكر بن أبي مريم ، عن الوليد بن سفيان بن أبي مريم الغساني ، عن يزيد بن قطيب السكوني ، عن أبي بحرية ، عن معاذ بن جبل .

ضعفه الترمذي بقوله : حديث غريب . وقال محققو المسند : " إسناده ضعيف لضعف أبي بكر - وهو ابن عبد الله بن أبي مريم-، والوليد بن سفيان بن أبي مريم ، ولجهالة حال يزيد بن قطيب ". وضعفه الألباني في " ضعيف الترمذي " .

القسم الثالث : أحاديث موضوعة أو شديدة الضعف

نذكر منها حديثا واحدا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّكُمْ سَتُقَاتِلُونَ بَنِي الْأَصْفَرِ ، وَيُقَاتِلُهُمُ الَّذِينَ مِنْ بَعْدِكُمْ ، حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ رُوقَةُ الْإِسْلَامِ ، أَهْلُ الْحِجَازِ الَّذِينَ لَا يَخَافُونَ فِي اللَّهِ لَوْمَةَ لَائِمٍ ، فَيَفْتَتِحُونَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ بِالتَّسْبِيحِ وَالتَّكْبِيرِ ، فَيُصِيبُونَ غَنَائِمَ لَمْ يُصِيبُوا مِثْلَهَا ، حَتَّى يَقْتَسِمُوا بِالْأَتْرِسَةِ ، وَيَأْتِي آتٍ فَيَقُولُ : إِنَّ الْمَسِيحَ قَدْ خَرَجَ فِي بِلَادِكُمْ . أَلَا وَهِيَ كِذْبَةٌ ، فَالْآخِذُ نَادِمٌ ، وَالتَّارِكُ نَادِمٌ )

رواه ابن ماجه في " السنن " (4094) ، وقال الألباني في " السلسلة الضعيفة " (4790) : موضوع .

والخلاصة :

أن الأحاديث الصحيحة الواردة في فتح " القسطنطينية " تتحدث عن فتح "خاص" يقع في آخر الزمان ، فيعقبه فورا ظهور المسيح الدجال ، بل ثبت عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال : ( فتح القسطنطينية مع قيام الساعة ) رواه الترمذي في " السنن " (2239) ، وصححه الألباني  .
وهذا الفتح من أمور الغيب المستقبلية التي لا يمكننا الجزم بكنهه وحقيقته وما يسبقه من أحداث ووقائع، ولذا لا نجزم بشيء من ذلك، بل نكل علمه إلى الله سبحانه وتعالى.
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب