الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

ترغب في أن يكون مهرها : أن تشترط على زوجها أن يحافظ على الصلاة

213663

تاريخ النشر : 03-08-2014

المشاهدات : 23493

السؤال


ماذا يمكن للفتاة أن تطلب من زوج المستقبل أن يعطيها كمهر ، فالعادة في باكستان أن أغلب الأسر تطلب مقداراً من الذهب ، أمّا أنا فلا أبالي بالذهب ، إن أحضروا شيئاً فلا بأس وإلا فليس الأمر بتلك الدرجة من الأهمية ، والذي يهمني حقيقة هو وضعية الرجل والتزامه بالصلاة . فبرغم أنه متدين بعض الشيء إلا أنه يتساهل في الصلوات بسبب العمل ، لذلك أريد أن اشترط عليه كمهر أن يحافظ على الصلوات الخمس ، بالطبع لا أريده أن يفعل ذلك من أجلي والعياذا بالله وإنما أريد بهذا أن أدفعه وأحفزه للحفاظ على الصلاة ، ولا أظن أنني أول من يفعل هذه الطريقة ، فقد قرأت قصصاً لنساء طلبن من خُطّابهن حفظ سور معينة من القرآن يُقدم كمهر لهن . فهل يجوز لي أن أطلب منه أن يقطع لي وعداً بالحفاظ على الصلوات الخمس وأن يكون ذلك بمثابة المهر ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
شيء جميل أن يكون الدين هو محور اهتمام الفتاة ، وأن يكون هذا مقدما عندها على الأموال . وقد ذكرت عن خطيبك أنه مع تدينه فهو متساهل في الصلوات ، فنسأل الله تعالى أن يجعلك سببا في هدايته ، وأن يجمع بينكما في خير .

ثانيا :
الزواج لا بدّ فيه من المهر ( الصَدَاق ) ، ولا بد أن يكون المهر مالا ، أو شيئا له قيمة مالية يقدمه الزوج لزوجته .
وقد جاء التصريح بماليته في قوله تعالى بعد أن ذكر المحرمات من النساء : ( وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَن تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُم مُّحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ ) النساء/24 .
قال القرطبي رحمه الله : " ( بِأَمْوَالِكُم ) أباح اللّه تعالى الفروج بالأموال ولم يفصل ، فوجب إذا حصل بغير المال ألّا تقع الإباحة به ؛ لأنّها على غير الشّرط المأذون فيه " انتهى من " تفسير القرطبي " (6/211) .

وقال ابن العربي رحمه الله في " أحكام القرآن " (1/497) :
" لمّا أمر الله تعالى بالنكاح بالأموال لم يجز أن يبذل فيه ما ليس بمال " انتهى .

وقال ابن عبد البر رحمه الله : " وأجمع علماء المسلمين أنه لا يجوز وطء في نكاح بغير صداق مسمّى دينا ، أو نقدا " انتهى من " الاستذكار " (16/67) .

ويصح أن يكون الصداق أن يعلمها زوجها شيئا من القرآن أو غيره من العلوم ؛ لأن هذا التعليم والجهد والوقت يقوم بالمال ، ولما جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تهب نفسها له ، ولم يرغب فيها ، قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَنْكِحْنِيهَا‏ .‏ قَالَ : هَلْ عِنْدَكَ مِنْ شَىْءٍ ‏؟ قَالَ : لاَ‏ .‏ قَالَ :‏ اذْهَبْ فَاطْلُبْ وَلَوْ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ . فَذَهَبَ وَطَلَبَ ، ثُمَّ جَاءَ فَقَالَ : مَا وَجَدْتُ شَيْئًا ، وَلاَ خَاتَمًا مِنْ حَدِيدٍ‏ .‏ فَقَالَ : هَلْ مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ شَىْءٌ ‏؟ قَالَ : مَعِي سُورَةُ كَذَا وَسُورَةُ كَذَا‏ .‏ قَالَ ‏: ‏ اذْهَبْ فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ‏) رواه البخاري ( 5149 ) .‏

فقوله صلى الله عليه وسلم : ( فَقَدْ أَنْكَحْتُكَهَا بِمَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ ) معناه : أن يعلمها ما معه من القرآن . كما جاء ذلك صريحا عند الإمام مسلم ( 1425 ) : ‏(‏ انْطَلِقْ فَقَدْ زَوَّجْتُكَهَا ، فَعَلِّمْهَا مِنَ الْقُرْآنِ ‏) ‏.
فيكون مهرها هو التعليم ؛ والتعليم منفعة يمكن تقويمها ماليا .‏
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :
" إذا أصدقها تعليم قرآن فإنه يصح ؛ لأن التعليم ليس هو القرآن ... فهذا رجل يريد أن يعلِّم ، والتعليم عمل وتفرغ للمعلِّم ، ففي الحقيقة أنني ما جعلت القرآن عوضا حتى يقال : إنه لا يصح أن يكون عوضا ، إنما جعلت التعليم الذي فيه معاناة وتلقين ووقت مهرا " انتهى من " الشرح الممتع " (12/259) .

وقال الشيخ ابن باز رحمه الله :
" المشروع أن يكون المهر مالاً ، كما قال الله جل وعلا : ( أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ ) ، والنبي صلى الله عليه وسلم لما جاءته المرأة التي وهبت نفسها فلم يقبلها ، وأراد أن يزوجها بعض أصحابه ، قال: ( التمس ولو خاتمًا من حديد ) المشروع أن يكون هناك مال ولو قليلاً فإذا كان الزوج عاجزًا ، ولم يجد مالاً جاز على الصحيح أن يزوج بشيء من الآيات يعلمها المرأة ، أو شيء من السور يعلمها المرأة . وتكون تلك الآيات أو تلك السور مهرًا لها ، ولا حرج في ذلك . ولهذا زوج النبي صلى الله عليه وسلم المرأة الواهبة ، زوّجها بعض أصحابه على أن يعلمها من القرآن كذا وكذا فهذا كله لا بأس به ، لكن إذا تيسر المال فالمال مقدم ولو قليلاً ، فالتّعليم بعد ذلك ، إذا أرادت أن يعلمها زوجها ، فليعلمها ما تيسّر . هذا من باب المعاشرة الطيبة . أن يعلمها ويرشدها ويتعاون معها على الخير ، هذا شيء آخر . والله يقول : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، ويقول سبحانه : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ ) ، فإذا عاشرها معاشرة تتضمن تعليمها القرآن ، تعليمها السنة ، تعليمها أحكام الله ، فهذا خير كثير ، لكن لا يكتفي بهذا المهر إلا عند الحاجة ، والعجز عن المال " انتهى من " فتاوى نور على الدرب " (20/485 – 486 - 487 ) .

ومحافظة الزوج على الصلاة ليست منفعة يقدمها الزوج لزوجته حتى تكون مهرا لها ، فمثل هذا لا يصح أن يكون مهرا .

ثالثا :
المستحب في المهر تيسيره وعدم المغالاة فيه اتباعا لهدي النبي صلى الله عليه وسلم .
وكلما كان الصداق يسيرا كان ذلك سببا لحصول البركة واليسر في أمر الزواج ، وانظري لمزيد الفائدة إلى جواب السؤال رقم : (10525) .

فالنصيحة لك أيتها السائلة أن تطلبي مهرا يسيرا ، حتى يبارك الله لك ، والأهم من ذلك أن تشترطي على زوجك أن يكون محافظا على الصلاة مستقيما في دينه .

نسأل الله تعالى أن يوفقك لكل خير ، وأن يبارك لكما .
ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم : (151108) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب