الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل من السنة تعمد فتح أزرار القميص من الأعلى؟

214574

تاريخ النشر : 30-12-2014

المشاهدات : 40456

السؤال


هل إطلاق شيء من أزرار الثوب من السنة التي يثاب فاعلها ، وهل صحيح أن جمعا من السلف كان يفعل ذلك تعبدا واتباعا للسنة ؟

ملخص الجواب

والخلاصة : أن هذا الفعل ليس من السنة ، ومن فعله على أنه عبادة مقصودة فقد وقع في البدعة ، وتقرب إلى الله تعالى بما لم يشرعه ، أما من فعله اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في الصورة والهيئة فهذا مما يسوغ الاجتهاد فيه ، وليس كل مجتهد مصيبا . ومن فعله وكان مخالفا لعادة بلده فإنه ينكر عليه . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


لعل السائل يريد بهذا السؤال الإشارة إلى الحديث الوارد في ذلك ، وهو ما وراه أبو داود (4082) عن معاوية بن قرة عن أبيه [وهو قرة بن إياس بن هلال رضي الله عنه] قال : (أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي رَهْطٍ مِنْ مُزَيْنَةَ ، فَبَايَعْنَاهُ ، وَإِنَّ قَمِيصَهُ لَمُطْلَقُ الْأَزْرَار) وصححه النووي في " المجموع " (4/468)، والألباني في " صحيح أبي داود ".
وهذا الحديث لا يدل على أن إطلاق الأزرار (يعني : فتحها) عبادة يثاب المسلم عليها ، فليس كل ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم عبادةٌ ينبغي التأسي به فيها ، بل ينبغي التفريق بين ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم على وجه العبادة والتقرب إلى الله ، وما فعله بحكم طبيعته البشرية ، أو موافقةً لعادة الناس في ذلك الوقت ... ونحو ذلك .
فالنوع الأول (وهو ما فعله على وجه العبادة) هو الذي يشرع التأسي به فيه صلى الله عليه وسلم، ويكون مستحباً أو واجباً حسب ما تدل عليه الأدلة الشرعية .
وأما النوع الثاني فلا يزيد على كونه مباحا .
لا يعد إطلاق وفتح شيء من أزرار الثوب من السنة التي يثاب فاعلها ، بل ذلك من الأمور المباحة التي من فعلها فلا حرج عليه ، بشرط أن لا يكون ذلك مخالفا لعادة الناس .
وذلك لأن ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يقصد به التقرب إلى الله لا يدل على أكثر من إباحة ذلك الفعل ، ولا يدل على استحبابه .
جاء في " المسودة في أصول الفقه " (ص71): " فعل النبي صلى الله عليه وسلم يفيد الإباحة إذا لم يكن فيه معنى القربة في قول الجمهور " انتهى .
وقال الدكتور محمد الأشقر رحمه الله : " الفعل (العاديّ) ما فعله النبي صلى الله عليه وسلم جرياً على عادة قومه ومألوفهم ، كبعض الأمور التي تتصل بالعناية بالبدن ، أو العوائد الجارية بين الأقوام في المناسبات الحيوية ، كالزواج والولادة والوفاة .
ومن أمثلتها أنه صلى الله عليه وسلم لبس المِرْط المُرَحّل ، والمخَطّط [ثياب منقوش عليها صورة رحال الإبل أو يكون به خطوط] ، والجبّة ، والعمامة ، والقباء ، وأطال شعره ، واستعمل القرب الجلديّة في خزن الماء .... وأيضاً : كانت العروس تزف إليه في بيته ، لا في بيت أبيها كما هي عادة بعض البلاد الإسلامية الآن .......
وحكم هذه الأمور العاديّة وأمثالها ، كنظائرها من الأفعال الجبليّة ، والأصل فيها جميعاً أنها تدل على الإباحة لا غير ، إلا في حالين :
1. أن يرد قول يأمر بها أو يرغّب فيها ، فيظهر أنها حينئذ تكون شرعية .
2. أن يظهر ارتباطها بالشرع بقرينة غير قوليّة ، كتوجيه الميت في قبره إلى القبلة ، فإن ارتباط ذلك بالشرع لا خفاء به " انتهى من " أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الأحكام " (1/237).
ولذلك استدل بعض العلماء بحديث قرة بن إياس على إباحة فتح الأزرار ، لا على أنه سنة .
وبَوَّب عليه ابن حبان في صحيحه بقوله : " ذكر الإباحة للمرء أن يكون مطلق الأزرار في الأحوال " انتهى .
وقال النووي رحمه الله :" يجوز لبس القميص والقباء والفرجية [نوع من الثياب] ونحوها مزررا ، ومحلول الأزرار إذا لم تبد عورته ، ولا كراهة في واحد منهما ، لحديث قرة الصحابي.... وذكر الحديث " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (4/468) .
واتباع الرسول صلى الله عليه وسلم لا يكون بموافقته في الصورة فقط ، بل يكون بموافقته في الصورة وفي القصد .
فمن أتى إلى ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يقصد به التقرب إلى الله بل فعله بحكم بشريته أو موافقةً لعادة الناس في ذلك الزمان ، من أتى إلى هذا وفعله بقصد القربة والعبادة لم يكن قد تابع الرسول صلى الله عليه وسلم ، بل يكون مخالفا له ، كما سيأتي ذلك في كلام شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله .
وقد كان علماء الصحابة وفقهاؤهم رضي الله عنهم يدركون الفرق بين هذين النوعين ، فقد روى مسلم (1264) عن أبي الطفيل أنه سأل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما : أَخْبِرْنِي عَنِ الطَّوَافِ بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ رَاكِبًا أَسُنَّةٌ هُوَ ، فَإِنَّ قَوْمَكَ يَزْعُمُونَ أنه سُنَّةٌ ؟
قَالَ : صَدَقُوا وَكَذَبُوا !
قَالَ : قُلْتُ : وَمَا قَوْلُكَ صَدَقُوا وَكَذَبُوا ؟
قَالَ : إن رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَثُرَ عَلَيْهِ النَّاسُ يَقُولُونَ : هَذَا مُحَمَّدٌ ، هَذَا مُحَمَّدٌ ، حَتَّى خَرَجَ الْعَوَاتِقُ مِنَ الْبُيُوتِ ، وَكَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لا يُضْرَبُ النَّاسُ بَيْنَ يَدَيْهِ ، فَلَمَّا كَثُرَ عَلَيْهِ رَكِبَ ومَشى ، وَالسَّعْيُ أَفْضَلُ).
ولفظ أبي داود (1885) : ( قَالَ : صَدَقُوا ، قَدْ طَافَ رَسُولُ اللَّه صلى الله عليه وسلم بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ عَلَى بَعِيرِهِ ، وَكَذَبُوا ، لَيْسَ بِسُنَّةٍ) .
فقول ابن عباس رضي الله عنه عن السعي راكباً : (لَيْسَ بِسُنَّةٍ) مع ثبوت أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ، يدل على أن هناك فرقا بين ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم بقصد القربة ، وما فعله بقصد آخر ، فالأول هو السنة التي يشرع الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم فيه ، وأما الثاني فليس بسنة .
وأما ورود فتح الأزرار عن بعض السلف ، فنعم ، قد ورد ذلك عن ابن عمر وقرة بن إياس وغيرهم ، لكنه لم يرد عن أكابر الصحابة وفقهائهم ، كالخلفاء الأربعة ونحوهم مما يدل على أنهم لم يروه مستحبا.
وعبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يري مشروعية الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما فعله ، سواء فعله بقصد القربة أم لا ، وخالفه في هذا جمهور الصحابة وأكابرهم .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في "مجموع الفتاوى" (1/280) : " وكذلك ابن عمر كان يتحرَّى أن يسير مواضع سير النبي صلى الله عليه وسلم ، وينـزل مواضع منـزله ، ويتوضأ في السفر حيث رآه يتوضأ ، ويصب فضل مائه على شجرة صب عليها ونحو ذلك مما استحبَّه طائفة من العلماء ، ورأوه مستحبًّا .
ولم يستحبَّ ذلك جمهور العلماء ، كما لم يستحبَّه ولم يفعله أكابر الصحابة ، كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود ومعاذ بن جبل وغيرهم ، لم يفعلوا مثل ما فعل ابن عمر ، ولو رأوه مستحباً لفعلوه كما كانوا يتحرون متابعته والاقتداء به .
وذلك لأن المتابعة أن يفعل مثل ما فعل على الوجه الذي فعل ، فإذا فعل فعلاً على وجه العبادة شُرع لنا أن نفعله على وجه العبادة ... ، وأما ما فعله بحكم الاتفاق ولم يقصده ، مثل أن ينـزل بمكان ويصلي فيه لكونه نزله لا قصداً لتخصيصه بالصلاة والنـزول فيه ، فإذا قصدنا تخصيص ذلك المكان بالصلاة فيه أو النـزول ، لم نكن متَّبعين ، بل هذا من البدع التي كان ينهى عنها عمر بن الخطاب رضي الله عنه" انتهى .
وقال في مجموع الفتاوى (17/466) :
"وكان ابن عمر رضي الله عنهما رجلا صالحا شديد الاتباع فرأى هذا من الاتباع ، وأما أبوه وسائر الصحابة من الخلفاء الراشدين عثمان وعلي وسائر العشرة وغيرهم مثل ابن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب فلم يكونوا يفعلون ما فعل ابن عمر ، وقول الجمهور أصح" انتهى .
ثم ذكر رحمه الله السبب الذي جعل عمر رضي الله عنه ينكر الاقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في هذه الأشياء ، فقال : " رأى عمر أن مشاركته في صورة الفعل من غير موافقة له في قصده ليس متابعة ... وهذا هو الأصل ، فإن المتابعة في السنَّة أبلغ من المتابعة في صورة العمل " انتهى .
وقد ذهب بعض علمائنا المعاصرين إلى أن المسألة المسئول عنها (فتح أزرار القميص) من باب سنن العادات ، أي فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بحكم العادة ، وهذا لا يجعلها سنة عبادة. فقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء عن كتيب ذكر مؤلفه أنه يسن الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في أشياء لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم بقصد العبادة ، ومنها "فك الأزرار" .
جاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (المجموعة الثانية 11/21) :
" فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء استعرضت ما ورد إليها من بعض الناصحين المقيد بالأمانة العامة لهيئة كبار العلماء برقم (779) وتاريخ 6/2/1421 هـ مشفوعا به نسخة من كتاب باسم : ( تذكير الطائفة المنصورة ببعض السنن المهجورة ) جمع المدعو : محمود إمام منصور ، طبع دار المآثر بمدينة النبي صلى الله عليه وسلم عام 1420 هـ.
وبدراسة هذا الكتاب وجد أن كاتبه بناه على قاعدة أسسها من عنده ، وهي : أن أفعال النبي صلى الله عليه وسلم على سبيل العادة لها حكم التشريع والسنية ، كأفعاله صلى الله عليه وسلم التي يفعلها على سبيل العبادة ، كما في (ص17) ، ومعلوم أن الخلط بين الأفعال العادية الجبلية والتشريعية غلط محض ، وتقعيد مغلوط ، كما هو مقرر في محله من كتب الأصول ، وبناء على هذا التقعيد المغلوط الذي بنى عليه المؤلف كتابه وقع في عدد كثير من الأخطاء العلمية والشذوذات الفقهية ، بل قال بسنية ما قرر المحققون من أن فعله على سبيل التسنن بدعة ، ومن هذه الفروع التي غلط الكاتب بالقول بسنيتها : سنية الاضطجاع بعد ركعتي الفجر (ص 51)، وسنية السكوت بعد ركعتي الفجر حتى تطلع الشمس (ص 66)، بل ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتحدث مع زوجته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها بعد صلاة الفجر كما في صحيح البخاري وغيره ... وسنية حل الأزرار (ص212)، وسنية لبس العمامة المحنكة (ص222)... إلى غير ذلك من التسنن بما ليس بسنة ، والتشويش على الناس بذلك .
لهذا فإن اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ترى منع هذا الكتاب من البيع والتداول ، وتنصح كاتبه بطلب العلم الشرعي على العلماء المشهود لهم بالعلم والفضل وسلامة المعتقد وصحة الفهم وسلامته ، والله الموفق " انتهى.
وقد سئل الشيخ الألباني رحمه الله عن القول باستحباب فتح أزرار القميص والاستدلال على ذلك بحديث معاوية بن قرة عن أبيه مع ما ورد عن بعض السلف من العمل به .
فأجاب : " هذا ينبني على التفريق بين سنن العادة وسنن العبادة ... [ وذكر بعض الأمثلة التي يتضح بها الفرق بين النوعين ] ثم قال :
" (كان الرسول صلى الله عليه وسلم يكره أكل الضب) ، وليس من السنة أن يكره المسلم أكله .
و(كان الرسول صل الله عليه وسلم يحب العسل) ، ومن لم يحب العسل لا يقال : إنه خالف السنة.
و(كان الرسول صلى الله عليه وسلم يطيل شعر رأسه ، حتى إنه صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وقد جعل شعر رأسه أربع ضفائر) .
ولا يقال لمن لم يجعل شعره ضفائر : إنه خالف السنة .
إذن : هناك سنة عادة ، وسنة عبادة ، وهذه الأمثلة تؤكد أنه ليس كل فعل فعله الرسول صلى الله عليه وسلم هو سنة عبادة ، لأنه قد يفعل الشيء بحكم الطبيعة ومزاجه ، أي : يحب شيئا من الأطعمة ويكره شيئا منها، هذا ليس له علاقة بالدين .
كذلك إطالة الشعر ، فعل ذلك صلى الله عليه وسلم لأنه عادة العرب ، وكانوا يجعلونه في بعض الأحيان ضفائر .
ولا يقول أحد من أهل العلم والفقه : إن جعل الشعر ضفائر من السنة ، مع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك .
كذلك اليوم نلبس "الصندل" وفيه فتحة واحدة لأصابع الرجل الخمسة ، بينما كان نعل الرسول صلى الله عليه وسلم فيه فتحة للإبهام ، وفتحة أخرى لسائر الأصابع . كما رواه البخاري .
فإذا نحن لبسنا النعال التي نلبسها اليوم لا يقال : إننا خالفنا السنة ، لأن هذه الأمور عادية .
فهذا التفصيل يريح طالب العلم في كثير من الأمور ، منها : قضية فك الأزرار ، فيمكن الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الترويح والنشاط في جو حار كان يفتح القميص ، فيتروح ، ليس هناك مانع من ذلك ، أما من جعلها عبادة مقصودة كجعل الثوب إلى نصف الساق ، فهذا فيه أحاديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم ، حيث قال : (إِزْرَةُ الْمُؤْمِنِ إِلَى نِصْفِ السَّاقِ) فجعلها علامة للمؤمن ، فهذا شيء ، وفك أزرار القميص شيء آخر .
فإذا عرفت هذه القاعدة : أن السنة سنتان : سنة عبادة ، وسنة عادة ، فيجب على طالب العلم أن ينظر إلى ما فعله الرسول صلى الله عليه وسلم ، هل صدر ذلك الفعل منه بقصد العبادة والتقرب إلى الله ؟ أم هو عادة أو جبلة أو ... أو ..... إلخ مما هناك من الحوافز والحوامل .
إذا عرفت هذه القاعدة استرحت في كثير من الأمور ، منها : أزرار القميص " انتهى.
الشريط رقم (785) من سلسلة الهدى والنور .
https://www.youtube.com/watch?v=73NIJYh7SU8
وكذلك ذكر الشيخ محمد بن عثيمين رحمه الله أن هذا الفعل (فك أزرار القميص) من النبي صلى الله عليه وسلم ليس من سنة العادات ، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يداوم على هذا الفعل ، بل غاية ما ورد في ذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم فعله مرة أو مرتين ، وهذا لا بد أن يكون له سبب .
فقد سئل رحمه الله : ما حكم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأفعال التي فعلها ولم يظهر فيها قصد القربة، كإطالة الشعر (شعر الرأس) وفتح الأزرار .
فأجاب: "هذه ليس لها حكم [يعني أنها لا توصف لا بوجوب ولا استحباب ، وهو بمعنى كلام الشيخ الألباني رحمه الله السابق : هذا ليس له علاقة بالدين] ، ثم إن كانت خلاف عادة البلد صار ذلك مخالفا للسنة ، لأن السنة موافقة أهل البلد في غير ما هو من معصية الله .
وقد مثَّلْتَ بفك الأزرار ، والواقع أن هذا ليس من سنة النبي صلى الله عليه وسلم الراتبة ، ولكن معاوية بن قرة رآه قد فتح أزراره ، وهذا لابد أن يكون له سبب ، إما حر شديد ، أو حرارة في جلده ، أو نسيانا لزره أو غير ذلك .
لأنه من المعلوم بالعقل أنه لا يمكن أن يضع الإنسان أزرارا على ثوبه ثم لا يزره ، إن هذا يكون عبثا لا إشكال فيه . والنبي صلى الله عليه وسلم كل أفعاله خير وجد ، ليس فيها شيء عبث" انتهى.
https://bit.ly/3jiguC4
وقال أيضا رحمه الله في شرحه لرياض الصالحين (4/278) : "في هذا الحديث عدة فوائد:
منها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر ، يناله ما ينال البشر من الأمور الطبيعية ، يبرد كما يبرد الناس ، ويحتر كما يحتر الناس ، ولهذا رآه مرة معاوية وقد فك أزرار القميص ، لأنه -والله أعلم- كان محترا ففك الأزرار ، فظن معاوية رضى الله عنه أن هذا من السنة ، وهو ليس من السنن المطلقة ، لكن من السنة إذا كان فيه تخفيف على البدن ، لأن كل ما يخفف عن البدن فهو خير .
فإذا كان الإنسان محترا وأراد أن يفتح الأزرار الأعلى والذي يليه فلا بأس ، ويكون هذا من السنة ، أما بدون سبب فإنه ليس من السنة ، لأنه لو كان من السنة لكان وضع الأزرار عبثا لا فائدة منه ، والدين الإسلامي ليس فيه شيء عبث ، فكله جد" انتهى .
تنبيه :
إذا قيل بإباحة فتح الأزرار فإن هذه الإباحة يشترط لها أن لا يكون هذا الفعل مخالفا لعادة أهل البلد ، كما نص ذلك الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في فتواه السابقة ، وفتح الأزرار الآن وإبداء الصدر ليس من أفعال أهل المروءة والعدالة ، وإنما هو من فعل غيرهم ، ولذلك سئل الشيخ عبد العزيز الراجحي حفظه الله : هل من السنة فتح الزر الأعلى من القميص ؟
فأجاب:
"أما كونه يفتح الأزرار بحيث يبقي الصدر مفتوحاً ، فقد ذكر العلماء أن هذا من خوارم المروءة ... أما كونه يفتح الزر الأعلى لأنه اشتد عليه الحر فذلك لا يضر " انتهى من " فتاوى منوعة " (8/ 54، بترقيم الشاملة آليا).

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب