الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

هل أفتى ابن حجر العسقلاني بجواز الرقص الصوفي ؟

217996

تاريخ النشر : 31-12-2014

المشاهدات : 31809

السؤال


قرأت الفتوى التي ذكرتموها في حكم الرقص أثناء الذكر ، ولكن ماذا عن قول ابن حجر العسقلاني الذي يستدل به الصوفية ، حيث ذكر الدكتور يوسف خطار محمد صاحب " الموسوعة اليوسفية في أدلة الصوفية " والتي نشرت في دمشق عام 1999 في الصفحة رقم 185 ما نقله السيوطي في " السيف القاطع " ، ومحمود أبو الشامات في " الإلهامات الإلهية " في أنّ : " الحافظ بن حجر سئل عن رقص الصوفية ، وهل له أصل ، وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله وسلامه عليه وآله وصحبه ؟ قال: نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار، والنبي صلى الله عليه وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه " ، ولكننا نقرأ في " فتح الباري " في كتاب المناقب أنّ الحافظ ذكر في شرحه على قصة رقص الحبشة في المسجد أنّ استدلال الصوفية بهذا الحديث على جواز الرقص هو خطأ ، وذلك يتعارض مع ما نقله السيوطي عنه فما هو الصحيح في ذلك ؟ وهل فعلاً نقل السيوطي عن الحافظ ابن حجر ذلك ؟

ملخص الجواب

فالخلاصة : أن هذا الكلام ثابت عن السيوطي وابن حجر الهيتمي ، أما الحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري " ، فهو ممن ينكر هذا الرقص الصوفي ، فقد نقل رحمه الله تعالى قول القرطبي في إنكاره مقرا له فقال : " قال القرطبي : وأما ما ابتدعه الصوفية في ذلك فمن قبيل ما لا يختلف في تحريمه ، لكن النفوس الشهوانية غلبت على كثير ممن ينسب إلى الخير ، حتى لقد ظهرت من كثير منهم فعلات المجانين والصبيان ، حتى رقصوا بحركات متطابقة وتقطيعات متلاحقة ، وانتهى التواقح بقوم منهم إلى أن جعلوها من باب القرب وصالح الأعمال ، وأن ذلك يثمر سني الأحوال ، وهذا - على التحقيق - من آثار الزندقة ، وقول أهل المخرفة والله المستعان" اهـ . وينبغى أن يعكس مرادهم ويقرأ " سيء " – أي بدل " سني الأحوال " تقرأ " سيئ الأحوال " – " انتهى من " فتح الباري " ( 2 / 442 – 443 ) . وفي شرحه لحديث عَائِشَةُ : ( رَأَيْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَسْتُرُنِي ، وَأَنَا أَنْظُرُ إِلَى الْحَبَشَةِ ، وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي الْمَسْجِدِ ، فَزَجَرَهُمْ ‏‏عُمَرُ‏ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم : دَعْهُمْ ، أَمْنًا بَنِي أَرْفِدَةَ ‏،‏ يَعْنِي مِنَ الأَمْنِ‏ ) رواه البخاري ( 3530 ).‏ قال ابن حجر العسقلاني رحمه الله تعالى : " واستدل قوم من الصوفيّة بحديث الباب على جواز الرّقص وسماع آلات الملاهي ، وطعن فيه الجمهور باختلاف المقصدين ، فإنّ لعب الحبشة بحرابهم كان للتّمرين على الحرب فلا يحتج به للرّقص في اللّهو ، والله أعلم " انتهى من " فتح الباري " ( 6 / 553 ) . ولمزيد الفائدة عن بدعية هذا الرقص وضعف أدلته راجعي الفتوى رقم : (143924) ، ورقم : (197384) ، ورقم : (133594) ، وينظر للفائدة جواب السؤال رقم : (216480). والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


رجعنا إلى الكتاب المذكور " الموسوعة اليوسفية " فوجدنا في الصفحة ( 206 وهو منشور ، متاح بصيغة ورد ) قد قال كاتبه :
" سئل الحافظ ابن حجر المحدث الكبير عن رقص الصوفية وهل له أصل وهل رقص أحد بحضرة الرسول صلوات الله عليه وعلى آله وصحبه ؟
قال : نعم ، إن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما قال له : أشبهت خلقي وخلقي ، وذلك من لذة الخطاب ، ولم ينكر عليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهو في مصطلح الحديث إقرار والنبي صلى الله عليه وآله وسلم لا يسكت عن حرام أو مكروه .
وأفتى بجواز الرقص عند سؤال أحد الحاضرين في مجلسه فقال : يجوز الرقص بدليل فعل الحبشة في المسجد بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وكان رقصهم بالوثبات والوجد وإنشاد الشعر جائز بين يدي النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصل هذه الطرائق من الكتاب والسنة الحاثين على كثرة ذكر الله والاجتماع على محبة الله أما سب المشايخ وتكفيرهم فكفر شرعا بلا خلاف " انتهى .
ونسب هذا النقل في الهامش لـ " السيف القاطع " للسيوطي ، و" الإلهامات الالهية " لأبي الشامات .
وكتاب " الإلهامات الإلهية " لأبي الشامات وجدناه مخطوطا ، وهذا نص كلامه :
" وسُئل الحافظ ابن حجر عن رقص الصوفية وتواجدهم هل له أصل أم لا ؟ ( فأجاب ) بقوله نعم له أصل فقد روى أن جعفر بن أبي طالب رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم لما قال له ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) وذلك من لذة هذا الخطاب ولم ينكر عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقد صح التمايل والرقص عن جماعة من كبار الأئمة منهم الشيخ عز الدين بن عبد السلام . انتهى " انتهى ( ص 50 مخطوط ) .
فأبو الشامات أيضا لم يحدد من هو ابن حجر .

وقد بحثنا عن هذا النص فوجدنا أنه لابن حجر الهيتمي ، وليس للحافظ ابن حجر العسقلاني .
وقد ذكر هذا الكلام في كتاب " الفتاوى الحديثية " لابن حجر الهيتمي " ( ص 212 ) ونصه :
" سُئل نفع الله به عن رقص الصوفية عند تواجدهم هل له أصل ؟
( فأجاب ) بقوله : نعم له أصل ؛ فقد روى في الحديث أن جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه رقص بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ، لما قال له : ( أشبهت خَلقي وخُلقي ) ؛ وذلك من لذة هذا الخطاب ، ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم ، وقد صح القيام والرقص في مجالس الذكر والسماع عن جماعة من كبار الأئمة، منهم عز الدين شيخ الإسلام بن عبد السلام " انتهى .

فهذه الفتوى ليست للحافظ ابن حجر العسقلاني صاحب " فتح الباري بشرح صحيح البخاري " ، ، وإنما هي لابن حجر الهيتمي ، الفقيه الشافعي المعروف ، المتوفى (974هـ) .

أما كتاب " السيف القاطع " فلم نجده وصاحب كتاب " الموسوعة اليوسفية " ذكره في فهرس المصادر والمراجع ، ولم يذكر عنه أيّ معلومات تدل على أنه موجود ، وقد حاول الأستاذ إياد خالد الطباع حصر أسماء مؤلفات السيوطي ، المطبوع منها والمخطوط والمفقود في كتابه " الإمام الحافظ جلال الدين السيوطي معلمة العلوم الإسلامية " ففي أكثر من تسعين صفحة ( 314 - 407 ) جمع من أسماء مؤلفاته 1193 عنوانا ، ولم نجد ضمنها هذا العنوان " السيف القاطع " والله أعلم .

لكن وجدنا مثل هذا الكلام في كتاب آخر للسيوطي ، ولم ينسبه إلى ابن حجر العسقلاني ؛ ففي كتاب " الحاوي للفتاوي " للسيوطي ( 2 / 234 ) :
" وقد ورد في الحديث رقص جعفر بن أبي طالب بين يدي النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - لمّا قال له: ( أشبهت خلقي وخلقي ) ، وذلك من لذّة هذا الخطاب ، ولم ينكر ذلك عليه النّبيّ - صلّى اللّه عليه وسلّم - فكان هذا أصلا في رقص الصّوفيّة لما يدركونه من لذّات المواجيد ، وقَد صحّ القيام والرقص في مجالس الذّكر والسّماع عن جماعة من كبار الأئمّة ، منهم شيخ الإسلام عز الدين بن عبد السلام " انتهى .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب