الأحد 23 جمادى الأولى 1446 - 24 نوفمبر 2024
العربية

أبواها مصران على الخروج للعمل وهي لا تريد ، ولديها أسئلة متعلقة بدعوة أهلها .

218870

تاريخ النشر : 27-12-2014

المشاهدات : 4790

السؤال


مترددة في الخروج والذهاب إلى العمل كمدرسة في إحدى المدارس ؛ لأني أرى جلوسي في المنزل مفيد لي ولأسرتي أكثر ، فمنذ أن أنهيت دراستي الجامعية وعباداتي بدأت تتحسن ، وكذلك صرت متفرغة أكثر لنصيحة أهلي ، والداي مصران على البحث عن وظيفة براتب جيد ، وأنا أحب الزهد بشكل عام ، ولكن نظرة الأقارب وكلامهم عني بأنني أفكر بطريقة خاطئة يضايقني قليلا ، ومنزعجة من طريقة اهتمام الجميع بأمر دنياي وانشغالهم عن آخرتهم ، فبعضهم لا يصلي ، كما أن لدي أخ ينام عن صلواته ، ويزجرني والداي إذا تحدثت معه أنا أو أختي بشدة حول صلاته ، وهم كذلك غير مهتمين كثيرا بشأن ذهاب إخوتي بشكل عام إلى صلاتهم في المسجد أو تأخيرهم لصلواتهم أو فواتها حتى عنهم ، بينما يهتمون بأمور أخرى كدراستهم ، ويعاقبونهم على تلك الأمور ، ثم يقولون لي الهداية بيد الله مما يجعلني اغتاظ جدا. وأخيرا أختي الصغرى كانت تغطي وجهها حتى قبل أن تبلغ وبعد أن بلغت أمرتها بأن تلبس الحجاب الشرعي الكامل ولكنها رفضت ، وقال لها والداي شيئا لا أعلمه ، وصارت الآن لا تغطي وجهها ، وتلبس عباءة متبرجة جدا، نصحتها كثيرا . فهل يحق لي أن أخرب لها بعض عباءتها دون علمها وأصبر على ما ألقاه من الأذى بعدها أم أنه لا يجوز لي فعل ذلك ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
اعلمي أن طريق الالتزام ليس سهلا ، وهو طريق الأنبياء والمرسلين ، والمسلم لابد أن يلاقي ويواجه صعوبات في طريق التزامه ، فعليك أن تتحلي بالصبر ، فعن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( حُفَّت الجنة بالمكاره ، وحُفَّت النار بالشهوات) رواه مسلم ( 2823 ) ، والأنبياء عليهم الصلاة والسلام قد لقوا من أقوامهم بل من أقرب الناس إليهم الأذى والمضايقة فكان جزاء صبرهم أن جعل الله العاقبة لهم ، وأسأل الله أن تكون عاقبتك حميدة .
واعلمي أيضا أن ما تقومين به من نصح أهلك أمر محمود ومشكور عند الله ، فحذار أن تيأسي ، وليكن ذلك باللين والموعظة الحسنة ، مع إظهار الأخلاق الحميدة وطيّب الأفعال والأقوال ومد يد العون والإحسان إليهم ؛ فإن هذا له تأثير كبير ، وهو من أنجح الوسائل للدعوة إلى الله ، ولا بأس بالاستعانة بمن تريه مناسباً بالتأثير عليهم لعل الله أن يهديهم ويصلح حالهم .

ثانيا:
الأصل للمرأة قرارها في بيتها ، وألا تخرج منه إلا لحاجة ، قال تعالى : (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) الأحزاب / 33 .
وليس لوالديك إجبارك على العمل ، لكن الذي ينبغي لك أن تتلطفي في الرد عليهما ، وتتوددي إليهما ، لعل الله أن يهديهما .
وإن رأيتِ إرضاءهما في الحصول على عمل يناسب طبيعتك ، ولا يخل بشيء من التزامك بدينك ؛ فهو أفضل برا بهما وإحسانا إليهما ، قال الشيخ محمد الصالح العثيمين : " المجال العملي للمرأة أن تعمل بما يختص به النساء مثل أن تعمل في تعليم البنات سواء كان ذلك عملا إداريّاً أو فنيّاً , وأن تعمل في بيتها في خياطة ثياب النساء وما أشبه ذلك.." .
انتهى من " فتاوى المرأة المسلمة " ( 2 / 981).
ولعل ذلك يعزز وضعك بين أهلك ، وتكوني سندا لوالديك في تحسين وضعهم المادي ، وتغدقي على إخوتك بالهدايا ، ويصبح تأثيرك أكبر عليهم ؛ فيقبلون منك النصح والتوجيه .

لكن ذلك مشروط بأمرين :
الأمر الأول : ألا يكون في عملك هذا مخالفة شرعية ، كأن يعرضك للاختلاط بالرجال ، أو الخلوة ببعضهم ؛ فإن كانت طبيعة العمل في بلدك تقتضي ذلك : فليس لك أن تقدمي عليه ، إرضاء لوالديك ؛ فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق .
الثاني : ألا يؤثر ذلك على دينك ، وينقص طاعتك ، ويضعف إيمانك ، وإن كان في أصله عملا مباحا .
ويكفي أن تعرفي ذلك بتجربتك السابقة ، وقياس حالك بين الأمرين : التفرغ للطاعة ، والعمل ، في حين أنه ليس هناك سبب يضطرك إليه .

ثالثا:
عليك بنصح إخوتك بالتي هي أحسن ، خاصة تارك الصلاة منهم ولا شك أن الرفق واللين في النصيحة له أثر كبير على النفوس ، وهو أدعى للقبول ، قال - صلى الله عليه وسلم - : (يا عائشة ، ارفقي فإن الرفق لم يكن في شيء قط إلا زانه ، ولا نزع من شيء قط ، إلا شانه ) رواه أبو داود (2478) ، وهذا هو الواجب عليك : النصيحة باللسان ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، قدر طاقتك .

وأما ما ذكرت من إتلاف عباءة أختك : فلا يجوز فعله ؛ لأنه ـ أولا ـ لن يترتب عليه شيء من تغيير المنكر ، بل متى تلفت على تلك الحال ، فسوف يأتون لأختك ببدلها ، وربما يزيد عنادهم ، فيلبسوها ما هو شر منها ؛ وهذا كله فضلا عما يترتب على ذلك من أذاهم لك ، وإساءتهم إليك ، وتضييقهم عليك ؛ فليس من الحكمة في شيء أن تتصرفي على هذا النحو .

وأخيرا
أختي الكريمة أكثري من الدعاء للوالدين ولأخوتك بالهداية والصلاح ، واعلمي أن الهداية من الله ، وأن قلوب العباد بين أصبعين من أصابع الرحمن يقلبها كيف يشاء ، فكرري النصح ولا تستعجلي النتائج .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب