الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

يتقدم للصلاة بهم من لا يحسن القراءة ، ولا يطمئن في صلاته .

219808

تاريخ النشر : 23-09-2014

المشاهدات : 50848

السؤال


هل تصح الصلاة خلف مسلم لا يتقن قراءة القرآن بشكل صحيح؟ ولا يتقن الإتيان بكلمات وألفاظ الصلاة بصورة صحيحة؟ ولا يتقن الحركات الواجبة أو السنن الحركية في الصلاة؟ من حيث رفع اليدين والاستقامة الكاملة في الصلاة ، والاستعجال في الحركات والقراءة للصلاة ؟ حيث في جامعة في لندن نحن الطلاب عندنا غرفة صغيرة نصلي فيها والحمد لله ، الإخوان والأخوات. حيث لا نصلي مع بعض. الأخوة يصلون مع بعضهم ، والأخوات ينتظرن في خارج الممر ، لا يدخلون الغرفة ، وبالعكس نحن ننتظر إذا سبقنا الأخوات في الصلاة. سؤالي كان عن : صحة الصلاة خلف قليل العلم بأحكام الصلاة؟ حيث في بعض المرات تحصل مناقشاتُ إمامةِ الصلاة ، واحد يقول : أنا أحق منك في الإمامة كوني أتقن قراءة القرآن بشكل أصح منك ، والثاني يقول : كيف تعرف أنك تتقن القرآن أحسن مني؟ وهكذا يتجادلون حتى في بعض الأحيان يتنازعون على الإمامة . السؤال هو : هل يصح الصلاة خلف المسلم الذي لا يتقن قراءة القرآن ولا يعرف أحكام الصلاة بصورة صحيحة ؟

الجواب

الحمد لله.

 

 

مدار السؤال على ثلاث مسائل : إتقان الإمام للقراءة ، والأحق بالإمامة ، والإخلال بحركات الصلاة .
أما المسألة الأولى فلها حالان :

 

 

الحال الأولى : إذا كان السائل يقصد بعدم إتقان إمامهم قراءة القرآن: أن الإمام يخطئ في قراءة الفاتحة بما يغير معنى الآيات ، سواء كان الخطأ في الأحرف ، أو في الحركات ، مثل أن يقرأ (أنعمت) بكسر التاء أو ضمها : فصلاته باطلة ؛ ويجب عليه أن يصحح قراءته ، وأن يتعلم قراءة الفاتحة على الوجه الصحيح .

فإن عجز عن تعلم ذلك ، بعد اجتهاده فيه ، فلا يكلف الله نفسا إلا وسعها ، وصلاته صحيحة لنفسه ، ويجب أن لا يتقدم للإمامة إلا بمثله أو من هم دونه .
فإن تقدم وصلى بأقرأ منه : لم تصح صلاة من خلفه عند جمهور العلماء .
وقال بعض أهل العلم : تصح الصلاة خلفه ، وهو رواية عن الإمام أحمد ، واختار هذا القول الشيخ ابن عثيمين ؛ لأن من صحت صلاته لنفسه صحت إمامته لغيره [ ينظر " الشرح الممتع " (4/249) ، و" الإنصاف " للمرداوي (2/268) ] .

والحال الثانية : إن كان هذا الإمام يخطئ في الفاتحة خطأ لا يحيل المعنى ، أو كان يخطئ في غير الفاتحة ، فهذا يسميه العلماء " اللحّان " وصلاته صحيحة ، ويكره أن يتقدم أحدا أحسن قراءة منه ، لقول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ ) رواه مسلم (673) ؛ وهذا ليس أقرأهم ، فخالف أمر النبي صلى الله عليه وسلم بتقدمه ، وفيهم من هو أقرأ منه .
ويكره لهم أيضا أن يقدموه ، وفيهم من هو أقرأ منه .
فإن فعل : صحت صلاتهم .
قال في " الروض المربع " (3/307) : " وتكره إمامة... كثير اللحن الذي لا يحيل المعنى .
فإن أحاله في غير الفاتحة : لم يمنع صحة إمامته ، إلا أن يتعمده " انتهى .
وينظر للاستزادة جواب السؤال رقم : (43737) .

المسألة الثانية :
جاءت السنة مبينة أوصاف الأحق بالإمامة ، بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( يَؤُمُّ الْقَوْمَ أَقْرَؤُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ، فَإِنْ كَانُوا فِي الْقِرَاءَةِ سَوَاءً فَأَعْلَمُهُمْ بِالسُّنَّةِ، فَإِنْ كَانُوا فِي السُّنَّةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ هِجْرَةً، فَإِنْ كَانُوا فِي الْهِجْرَةِ سَوَاءً فَأَقْدَمُهُمْ سِلْمًا وفي رواية فَأَكْبَرُهُمْ سِنًّا ، وَلَا يَؤُمَّنَّ الرَّجُلُ الرَّجُلَ فِي سُلْطَانِهِ، وَلَا يَقْعُدْ فِي بَيْتِهِ عَلَى تَكْرِمَتِهِ إِلَّا بِإِذْنِه ) رواه مسلم برقم (673) عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه .

فعلم من الحديث أن الأولى تقديم : الأقرأ لكتاب الله ، ثم الأعلم بالسنة ، ثم الأسبق إلى الهجرة ، ثم الأسبق إلى الإسلام ، ثم الأكبر سنا .
فإن قُدّر أن كان في جماعتكم من هو أقرأ ، لكنه يجهل فقه الصلاة ، فيقدم عليه مَن يعلم فقه الصلاة ، بحيث لو طرأ طارئ ، فإن الأفقه يستطيع إكمال الصلاة دون إخلال .
قال شيخ الإسلام : " فإذا استويا في كمال الصلاة ... قدم الأقرأ ، ثم الأعلم بالسنة .
وإلا [ يعني : وإن لم يستويا في كمال الصلاة ] ؛ ففضل الصلاة في نفسها مقدم على صفة إمامها ، وما يحتاج إليه من العلم والدين فيها ، مقدم على ما يستحب من ذلك " . انتهى من " مجموع الفتاوى " (23/244) .
وينظر جواب السؤال رقم : ( 20219 ) ، ورقم: ( 1875 ) ، ورقم : ( 201552)
وهذا التقديم : تقديم استحباب ، فلا ينبغي أن يكون بينكم فيه نزاع .
قال ابن قدامة : " وهذا كله تقديم استحباب ، لا تقديم اشتراط ، ولا إيجاب ، لا نعلم فيه خلافا ، فلو قدم المفضول : كان ذلك جائزا ؛ لأن الأمر بهذا أمر أدب واستحباب " . انتهى من " المغني " (3/17) .

المسألة الثالثة : الإخلال بحركات الصلاة .
إذا كان الإمام يسرع - كما تقول - إسراعاً واضحاً يخلُّ بالطمأنينة ، فإن الصلاة لا تصح خلفه ، لعدم أهليته ، ولافتقاده ركناً من أركان الصلاة وهو " الطمأنينة في جميع الأركان " ويدل على ركنيتها حديث المسيء في صلاته المشهور .
أما إذا كانت سرعة الإمام نسبية ، بأن كان يحافظ على القدر الواجب من الطمأنينة ، فتجوز الصلاة خلفه .

والقدر الواجب من الطمأنينة : قيل : هو السكون وإن قلّ ، وقيل : هو السكون بقدر الذكر الواجب ، وهو الراجح .
قال الشيخ ابن عثيمين " فعلى هذا القول : يطمئن في الركوع بقدر ما يقول : " سبحان ربي العظيم " مرة واحدة ، وفي الاعتدال منه بقدر ما يقول : " ربنا ولك الحمد " ، وفي السجود بقدر ما يقول : " سبحان ربي الأعلى " ، وفي الجلوس بقدر ما يقول : " ربي اغفر لي " وهكذا " انتهى من "الشرح الممتع " (3/307) .
وللاستزادة ينظر جواب السؤال رقم : (6551) .

وأما رفع اليدين للتكبير فليس بواجب ، وإنما هو سنّة ، وينظر جواب السؤال رقم : (21439) .

وحاصل ذلك :
أنه ما دام ليس لكم إمام راتب ، وإنما تقدم الجماعة من يصلي بها في مصلى الجامعة ؛ فالمشروع في حقكم أن تقدموا الأقرأ لكتاب الله ، الأعرف بأحكام الصلاة ، الأحسن إقامة لها على مقتضى السنة والشرع في ذلك .
فإذا تنازعتم في تحديده ، فليحكم بينكم رجل من أهل العلم والحكمة ترتضونه .
ولا ينبغي أن تكون صلاة الجماعة التي شرعت لجمع القلوب ، سببا للفرقة والاختلاف ، الذي هو سبب الهلاك ، لا سيما وأنتم في بلاد الغربة ؛ وقد قال صلى الله عليه وسلم ( إنما هلك من كان قبلكم باختلافهم في الكتاب ) رواه مسلم (6947) .

فإن حصل بتقديم الأفضل نزاع وشقاق ، فإن مراعاة اجتماع القلوب على المفضول ، خير من تفرقها على الفاضل ، ما دام المفضول يصلي صلاة صحيحة .
وتقديم الأفضل مستحب ، واجتماع قلوب المسلمين واجب ، فكيف نفرط في الواجب لأجل المستحب ؟!
أما إن كان الإمام لا يحسن قراءة الفاتحة ، فلا يجوز – في الأحوال العادية والظروف المستقيمة - تقديمه للصلاة ، ما دام يوجد في المصلين من يحسنها .

وقد سئل الشيخ ابن عثيمين عن إمام مسجد يكسر في قراءة القرآن؟
فأجاب : " إن كان إماماً راتباً في المسجد فينبغي تبليغ المسؤولين عن حال هذا الرجل ليبدلوه بغيره .
وإن كان غير إمام راتب ، فإنه لا يجوز لأهل المسجد أن يمكنوه من الصلاة فيهم , وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة... ) " انتهى من " مجموع فتاوى العثيمين " (15/157) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب