الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

أبوها يدخن في نهار رمضان خفيةً ولا تدري ما تفعل .

السؤال


والدي يتظاهر أمامنا أنه صائم رغم أني أشم رائحة الدخان منه خلال نهار رمضان ، وعندما أقول له : أنت مفطر رائحتك دخان" ، يقول لي : لا تكوني مجنونة ، مع العلم أنه يتناول معنا على السحور ، ويصلي الصبح ، وينام ولا يأكل أو يشرب شيئاً بعد ذلك كالصائم ، مرة رأيته على الشرفة يدخن لكني خجلت أن اقول له شيء ، لا أدري كيف أساعده أو ماذا أقول له كي يلتزم ويترك هذا الآفة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا:
التدخين من المحرمات في رمضان وفي غير رمضان ، وقد سبق بيان ذلك في الفتوى رقم : (10922) ، وهو من المفطرات كما سبق بيانه في الفتوى رقم : (37765).
فإن ثبت أن والدك قد أفطر في نهار رمضان ، بالتدخين أو بغيره : فإنه يكون قد ارتكب إثماً عظيماً ، وقارف كبيرة من كبائر الذنوب .
فقد روى ابن خزيمة (1986) ، وابن حبان (7491) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( بينا أنا نائم إذ أتاني رجلان فأخذا بضبعيّ ( الضبع هو العضد ) فأتيا بي جبلا وعِرا ، فقالا : اصعد .
فقلت : إني لا أطيقه .
فقالا : إنا سنسهله لك .
فصعدت حتى إذا كنت في سواء الجبل إذا بأصوات شديدة ، قلت : ما هذه الأصوات ؟
قالوا : هذا عواء أهل النار .
ثم انطلق بي فإذا أنا بقوم معلقين بعراقيبهم ، مشققة أشداقهم ، تسيل أشداقهم دما ، قلت : من هؤلاء ؟ قال : هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلة صومهم" صححه الألباني في " صحيح موارد الظمآن "(1509) .
وقال الألباني رحمه الله معلقاً : " أقول: هذه عقوبة من صام ثم أفطر عمدا قبل حلول وقت الإفطار ، فكيف يكون حال من لا يصوم أصلا ؟! نسأل الله السلامة والعافية في الدنيا والآخرة " ، وتراجع الفتوى رقم:(38747) .

ثانياً:
الواجب عليك أن تتحلي بالحكمة في التعامل مع هذه المشكلة المعقدة ، فإن غلب على ظنك أن والدك سينتفع بكلامك المباشر ، فكلميه في ذلك ، وبيني له حرمة ما يفعل .
وإلا ، فاجتهدي في توصيل ذلك الأمر إليه ، بطرق غير مباشرة ، مثل تشغيل مقطع يسمع عن حكم التدخين في نهار رمضان ، وأنه من المفطرات ، أو ضعي أمامه فتوى مكتوبة في بيان ذلك ، وفي تعظيم شهر رمضان ، وخطر تعدي حرمته .
وإن غلب على ظنك حصول مفسدة أكبر من الكلام معه ، فلا تستعجلي بمفاتحته ، إلى أن تحين الفرصة الملائمة إلى ذلك .
ومثل هذا من الأمور المحرمة المعلومة عند الناس ، ولا شك أن العلم بتحريمها مستقر في نفسه ، وإلا لما استخفى به ؛ فليست القضية قضية بيان لأمر يجهله ، أو إقامة للحجة عليه ، فهي قائمة أصلا من غير كلامك ونصحك ؛ فلم يبق هنا إلا أن تقدري أنت الأمر من جوانبه المختلفة ، التي تعرفينها أنت أكثر من غيرك ، بحكم معرفتك بوالدك ، وطبيعته ؛ ثم توازني بين مصلحة الكلام معه ، وما يتوقع من المفاسد والأضرار عليك ، أو على الأسرة من جراء ذلك .
فإن خشيت مضرة ، أو مفسدة غالبة من ذلك ، فلا يلزمك أمره ولا نهيه ، ولا نصحه ولا وعظه أصلا ، ويبقى واجبك نحوه : في الدعاء له بالهداية والصلاح ، وتحين الفرص المناسبة لنصحه ووعظه ، ولو بصورة عامة ، وغير مباشرة .

واحذري كل الحذر من مراقبته أو التجسس عليه ، فإن ذلك لا يجوز ، إضافة إلى أنه إن أحس منك بذلك فإن ذلك سيؤدي إلى نفوره وعدم قبوله النصيحة ، وقد سبق بيان كيفية دعوة المسلمين للالتزام بصوم شهر رمضان ، فليراجع ذلك في الفتوى رقم : (50745).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب