الخميس 9 شوّال 1445 - 18 ابريل 2024
العربية

طرق للحث على الاستغفار والأذكار في مواقع التواصل الاجتماعي

239365

تاريخ النشر : 05-03-2016

المشاهدات : 31368

السؤال


أود أن أسأل عن الصور التي نجدها في مواقع التواصل الاجتماعي ـ انستقرام وتويتر وغيرها ـ التي تحث على الاستغفار والأذكار مثل : هل من مستغفر؟ ، أو اكتب ما يحمله شهر ميلادك لنأخذ بعض الحسنات ، فكل رقم شهر بجانبه ذكر، فلو أني ولدت شهر ٥ مثلاً فإني اكتب لا إله إلا الله في التعليقات ، وغيرها من الصور التي هي بنفس الفكرة . فهل في ذلك شيء ؟ وإن كان فيها شيء فماذا علي أن أفعل إذا رأيتها ؟ لأن مثل هذا منتشر كثير جداً .

الجواب

الحمد لله.


أولا :
مواقع التواصل الاجتماعي أصبحت تأخذ وقتا كثيرا من حياة الناس ، والإبحار فيها يلهي الإنسان ، ويؤدي به في الغالب إلى الغفلة وربما إلى تضييع الفرائض وصلوات الجماعة ؛ فلهذا كان الاجتهاد في تذكير الناس وتنبيههم من غفلتهم ، في مثل هذه الوسائل : من فضائل الأعمال .
ومن المعلوم من دين الإسلام أن على المسلم ألا يقدم على أي عمل من الأعمال الشرعية إلا بإخلاص ، واتباع للسنة ، وعدم الابتداع .

وهذه الصور والتصمايم التي تحث على ذكر الله تعالى وعدم الغفلة ، يمكن توزيعها على نوعين بالنظر لمحتوياتها ومقصد أصحابها :
النوع الأول :
وهي التصاميم التي تنبه المسلم إلى ذكر الله تعالى وتحذره من الغفلة على وجه العموم ، أو تنبه إلى ذكر مشروع يغفل عنه الناس ، وغالبا ما تستدل بآية أو حديث ، أو تستأنس بقول من أقوال أهل العلم .
فمثل هذه التصاميم لا شك في مشروعيتها ، وهي صورة من صور الدعوة إلى الله تعالى ، والأمر بالمعروف ، والنهي عن المنكر ، ووضوح مشروعيتها هو على درجة يغني عن سرد الأدلة .

النوع الثاني :
وهي تصاميم تحتوي على مخالفات للسنة الثابتة ، ويمكن حصرها في الصور الآتية :
الصورة الأولى :
التصاميم التي تجعل للذكر قيودا أو فضائل أو اعتبارات خاصة لم يرد بها النص الشرعي ، وإنما هي من وضع كاتبها ، مثل ما أشرت إليه في سؤالك أن أحدهم يقول : " اكتب ما يحمله شهر ميلادك لنأخذ بعض الحسنات ، فكل رقم شهر بجانبه ذكر ، فلو أني ولدت شهر ٥ مثلاً فإني اكتب لا إله إلا الله في التعليقات " وما شابه هذا .
فمثل هذا ، يدخل في تعريف البدعة المذمومة شرعا .
وذكر الله تعالى هو عبادة ، فيجب التقيد بالأوصاف الشرعية للذكر والتي أرشد إليها القرآن والسنة .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى :
" لا ريب أن الأذكار والدعوات من أفضل العبادات ، والعبادات مبناها على التوقيف والاتباع ، لا على الهوى والابتداع " انتهى من " مجموع الفتاوى " (22 / 510 – 511) .
وانظر لمزيد الفائدة الفتوى رقم : (226211) .
وبعض هذه التصاميم تحتوي على التحريج والإقسام على من يراها أن يذكر الله تعالى أو يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بصيغة معينة أو عدد معين ونحو هذا ، أو الدعاء على من لم يفعل هذا ، فهذا لا شك أنه ليس من الهدي الشرعي :
1- لأن فيها إلزاما للناس بعبادة ما في وقت معين مع أن الشرع لم يلزم بها ، ولا شك أن هذا ابتداع في الدين وليس من الهدي النبوي .
2- الله سبحانه وتعالى أمر المسلم بالدعوة إلى الله تعالى بالحكمة ؛ حيث قال تعالى :
( ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ ) النحل /125.
وهذه التصاميم ليست من الحكمة في شيء بل هي تؤدي إلى عكس المقصود منها ، فإنها بكثرتها قد يستثقلها المتصفح ويتجنب مطالعتها حتى لا يلزم نفسه بتكرار ما فيها ، وقد تُولّد في كثير من المتصفحين النفرة من الإرشادات الشرعية التي ينشرها الدعاة إلى الله تعالى .
وينظر للفائدة : جواب السؤال رقم : (11938) ، ورقم (88102) ، ورقم : (72382) .

ثانيا :
من يرى تلك المخالفات ويكون قادرا على نصح أصحابها وتوجيههم إلى الصفة الشرعية للأذكار ، فعليه القيام بذلك ؛ لأن على المسلم أن ينصح إخوانه المسلمين ويرشدهم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم ، إذا كان قادرا على النصيحة والإرشاد .
عَنْ تَمِيمٍ الدَّارِيِّ : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: ( الدِّينُ النَّصِيحَةُ ) ، قُلْنَا : لِمَنْ ؟ قَالَ : ( لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ ) " رواه مسلم (55) .
وعن جَرِيرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ ، قَالَ: " أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قُلْتُ : أُبَايِعُكَ عَلَى الإِسْلاَمِ ، فَشَرَطَ عَلَيَّ : وَالنُّصْحِ لِكُلِّ مُسْلِمٍ ، فَبَايَعْتُهُ عَلَى هَذَا " رواه البخاري (58) ، ومسلم (56) .
لكن النصيحة لها آداب ، ينبغي للناصح أن يتحلى بها راجع الفتوى رقم : (225160) .

ولا يظهر أنه يلزمه أن ينبه على ذلك ، كلما رآه ، لكن لو كتب تنبيها عاما ، أو وضع رابطا فيه بيان حكم ذلك ، في مكان يغلب على الظن أن يرتاده أصحاب هذه الصفحات ، أو يغلب على الظن أن يبلغهم العلم به : فنرجو أن يكون ذلك كافيا ، وألا يكون عليه شيء بعد ذلك .

وراجع للأهمية الفتوى رقم : (96662) وخاصة النقطة الخامسة .


والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب