الثلاثاء 14 شوّال 1445 - 23 ابريل 2024
العربية

بيع البيت للبنك ثم شراؤه بالإجارة المنتهية بالتمليك .

244661

تاريخ النشر : 18-05-2016

المشاهدات : 10089

السؤال


لدي بيت ملك ، أتممت بناءه حديثا ـ ولله الحمد ـ ، لكني اقترضت قروضاً حسنة كثيرة ، وتورقت مرارا حتى تسنى لي ذلك ، الآن الدائنون ضيقوا علي كثيرا ، تقدمت لبنك الرياض بطلب تمويل مالي ، وكانت صيغة العقد أن يشتري البنك عقاري ، ومن ثم يؤجره علي بأقساط تستقطع من راتبي على مدة ١٥ سنة، ويكون سعر العقار ١،٧٠٠،٠٠٠ ، وتسدد ٢،٥٠٠،٠٠٠ ما مدى شرعية البنك ، وعقده في هذه التعاملات ؟

ملخص الجواب

والحاصل : أن تواطؤك مع البنك على بيع هذا العقار له ، ثم استئجارك له إجارة تنتهي بالتمليك : حيلة على القرض الربوي ، فلا يجوز لك الإقدام على هذه المعاملة . والله أعلم .

الجواب

الحمد لله.


الظاهر من سؤالك أنك تعني أن البنك سيشترى منك هذا البيت ، ثم يقوم بتأجيره عليك بأجرة معلومة لمدة معلومة ، ويكون هذا التأجير مع الوعد بالتمليك ، بحيث يعود العقار إليك بعد انتهاء مدة الإجارة .
وهذه الصورة محرمة ، لأمور:
1- أن هذه الإجارة ليست حقيقية ولا مقصودة ، وإنما المقصود هو شراؤك البيت من البنك ، وقد ذكر العلماء أن الإجارة المنتهية بالتمليك تكون حراما : إذا كانت الإجارة غير حقيقية ، وإنما هي ساترة للبيع ، كما تقدم في الفتوى رقم : (97625) .
2- أنها حيلة على الربا ، وهي صور من صور العينة ، وتسمى "عكس العينة ".
لأن حقيقة المعاملة أن ( طالب التمويل ) قد باع عقارا يملكه إلى البنك بثمن معجل ، ثم استعاده بتأجير (صوري) منتهٍ بالتمليك ، بثمن مؤجل أكثر منه .
وهذا واضح في الصورة المسؤول عنها حيث إن ثمن العقار ( مليون وسبعمئة ألف) ، وأقساط الإيجار ( مليونان ونصف ) .
ولا فرق في هذا الحكم بين أن يكون عقد الإجارة مشروطاً مع عقد البيع ، أو دون شرط ، لوجود المواطأة بينك وبين البنك على هذا الأمر؛ ولأن المحصلة النهائية أن ثمن الأقساط سيكون أكثر من ثمن السلعة .
قال ابن القيم : " فهو إنما عقد معه العقد الأول ليعيد إليه الثمن بعينه ، ويأخذ العوض الآخر ، وهذا تواطؤ منهما حين عقداه على فسخه ، والعقد إذا قصد به فسخه ، لم يكن مقصوداً ، وإذا لم يكن مقصوداً كان وجوده كعدمه ، وكان توسطه عبثا " .
انتهى من " إعلام الموقعين " (3/ 228).
وجاء في "قرارات الهيئة الشرعية لبنك الراجحي" (2/155-156) : " إذا كانت الشركة ستملك العين ملكا شرعيا تاما ، ثم تؤجرها ، فإن الهيئة لا ترى مانعا شرعيا من المعاملة المسئول عنها بشرط ألا تبيع الشركة العين المؤجرة إلى من اشترتها منه ، بطريق مباشر أو غير مباشر ، حيث إن ذلك يمكن أن يتخذ وسيلة مستورة لقرض ربوي". انتهى
2-أن هذه الصورة تشبه " بيع الوفاء " الذي نص جمهور العلماء على بطلانه ، وهو أن يبيع المحتاج إلى النقد عقارا له ، على أنه متى رد الثمن استرد العقار المبيع .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/260) : " بَيْعُ الْوَفَاءِ هُوَ: الْبَيْعُ بِشَرْطِ أَنَّ الْبَائِعَ مَتَى رَدَّ الثَّمَنَ يَرُدُّ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَ (بَيْعَ الْوَفَاءِ) لأِنَّ الْمُشْتَرِيَ يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِالشَّرْطِ.
وَيُسَمِّيهِ الْمَالِكِيَّةُ: بَيْعَ الثُّنْيَا ، وَالشَّافِعِيَّةُ: بَيْعَ الْعُهْدَةِ ، وَالْحَنَابِلَةُ : بَيْعَ الأْمَانَةِ ...
وذَهَبَ الْمَالِكِيَّةُ وَالْحَنَابِلَةُ وَالْمُتَقَدِّمُونَ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ إِلَى: أَنَّ بَيْعَ الْوَفَاءِ فَاسِدٌ؛ لأِنَّ اشْتِرَاطَ الْبَائِعِ أَخْذَ الْمَبِيعِ ، إِذَا رَدَّ الثَّمَنَ إِلَى الْمُشْتَرِي : يُخَالِفُ مُقْتَضَى الْبَيْعِ وَحُكْمَهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْمُشْتَرِي لِلْمَبِيعِ ، عَلَى سَبِيل الاِسْتِقْرَارِ وَالدَّوَامِ...
وَلأِنَّ الْبَيْعَ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ لاَ يُقْصَدُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْبَيْعِ بِشَرْطِ الْوَفَاءِ، وَإِنَّمَا يُقْصَدُ مِنْ وَرَائِهِ الْوُصُول إِلَى الرِّبَا الْمُحَرَّمِ، وَهُوَ إِعْطَاءُ الْمَال إِلَى أَجَلٍ، وَمَنْفَعَةُ الْمَبِيعِ هِيَ الرِّبْحُ ، وَالرِّبَا بَاطِلٌ فِي جَمِيعِ حَالاَتِهِ " انتهى .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " أَمَّا بَيْعُ الْأَمَانَةِ الَّذِي مَضْمُونُهُ اتِّفَاقُهُمَا عَلَى أَنَّ الْبَائِعَ إذَا جَاءَهُ بِالثَّمَنِ ، أَعَادَ عَلَيْهِ مِلْكَهُ ذَلِكَ ، يَنْتَفِعُ بِهِ الْمُشْتَرِي بِالْإِجَارَةِ وَالسَّكَنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: هُوَ بَيْعٌ بَاطِلٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ إذَا كَانَ الشَّرْطُ مُقْتَرِنًا بِالْعَقْدِ.
وَإِذَا تَنَازَعُوا فِي الشَّرْطِ الْمُقَدَّمِ عَلَى الْعَقْدِ: فَالصَّحِيحُ أَنَّهُ بَاطِلٌ بِكُلِّ حَالٍ ، وَمَقْصُودُهُمَا إنَّمَا هُوَ الرِّبَا بِإِعْطَاءِ دَرَاهِمَ إلَى أَجَلٍ وَمَنْفَعَةُ الدَّرَاهِمِ هِيَ الرِّبْحُ " انتهى من "مجموع الفتاوى" (30/36).
وقال أيضا : " وَأَمَّا صُورَة : وَهُوَ أَنْ يَتَوَاطَآ عَلَى أَنْ يَبْتَاعَ مِنْهُ الْعَقَارَ بِثَمَنِ ، ثُمَّ يُؤَجِّرَهُ إيَّاهُ إلَى مُدَّةٍ ، وَإِذَا جَاءَهُ بِالثَّمَنِ ، أَعَادَ إلَيْهِ الْعَقَارَ: فَهُنَا الْمَقْصُودُ أنَّ الْمُعطَى شَيْئًا أَدَّى الْأُجْرَةَ مُدَّةَ بَقَاءِ الْمَالِ فِي ذِمَّتِهِ ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَخْذِ الْمَنْفَعَةِ ، وَبَيْنَ عِوَضِ الْمَنْفَعَةِ ، الْجَمِيعُ حَرَامٌ".
انتهى من "مجموع الفتاوى" (29/335).
وصدر في هذا البيع قرار من مجمع الفقه الإسلامي جاء فيه : " إن حقيقة هذا البيع (قرض جر نفعاً) ، فهو تحايل على الربا، وبعدم صحته قال جمهور العلماء" .
انتهى من "قرارات وتوصيات مجمع الفقه الإسلامي" (ص: 103) .
وينظر جواب السؤال : (163762) .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب