الأربعاء 15 شوّال 1445 - 24 ابريل 2024
العربية

مذهب الحنابلة في قبول خبر الكافر المتأول والفاسق المتأول

284408

تاريخ النشر : 18-02-2018

المشاهدات : 7404

السؤال

ما هو رأي الحنابلة المتأخرين في قبول خبر الآحاد من الكافر المتأول والفاسق المتأول ؟

الجواب

الحمد لله.

المذهب عند الحنابلة عدم قبول خبر الكافر والفاسق مطلقا، أي سواء كانا متأولين أو غير متأولين.

وذهب بعضهم كأبي الخطاب إلى قبول خبر المتأول – كافرا كان أو فاسقا- إذا لم يكن داعية.

والكافر المتأول: هو من كفر ببدعة، لكنه مستند في بدعته إلى ما يظنه دليلا من الكتاب أو السنة، كدعوى غلاة الرافضة حلول الإلهية في علي، أو القول بتحريف القرآن. وينظر: "تيسير الوصول إلى قواعد الأصول"، للشيخ عبد الله الفوزان، ص 110

والفاسق المتأول: من فسق ببدعة ، كالاعتزال.

قال ابن قدامة رحمه الله: "ويعتبر في الراوي المقبول روايته أربعة شروط:

الإسلام، والتكليف، والعدالة، والضبط.

أما الإسلام: فلا خلاف في اعتباره؛ فإن الكافر متهم في الدين.

فإن قيل: هذا يتجه في كافر لا يؤمن بنبينا -صلى الله عليه وسلم- إذ لا يليق بالسياسة تحكيمه في دين لا يعتقد تعظيمه، أما الكافر المتأول: فإنه معظم للدين، يمتنع من المعصية، غير عالم أنه كافر، فلم لا تقبل روايته؟

قلنا: كل كافر : متأولٌ ؛ فاليهودي – أيضًا – متأول ؛ فإن المعاند هو الذي يعرف الحق بقلبه ، ويجحده بلسانه، وهذا يندر، بل تورّع هذا من الكذب ، كتورع اليهودي، فلا يلتفت إلى هذا، ولا يستفاد هذا المنصب بغير الإسلام.

وقال أبو الخطاب -في الكافر والفاسق المتأولين-: إن كان داعية فلا يقبل خبره؛ فإنه لا يؤمن أن يضع حديثًا على موافقة هواه، وإن لم يكن داعية...

واختار أبو الخطاب: قبول رواية الفاسق المتأول، لما ذكرناه، وأن توهم الكذب منه كتوهمه من العدل؛ لتعظيمه المعصية وامتناعه منها، وهو مذهب الشافعي...

الرابع: العدالة:

فلا يقبل خبر الفاسق؛ لأن الله -تعالى- قال: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا وهذا زجر عن الاعتماد على قبول [قول] الفاسق، ولأن من لا يخاف الله -سبحانه- خوفًا يزعه عن الكذب ، لا تحصل الثقة بقوله" " انتهى من "روضة الناظر" (1/ 329).

وقال ابن النجار رحمه الله:

" وَمِنْ شُرُوطِ رَاوٍ: عَقْلٌ" إجْمَاعًا؛ إذْ لا وَازِعَ لِغَيْرِ عَاقِلٍ يَمْنَعُهُ مِنْ الْكَذِبِ، وَلا عِبَارَةَ أَيْضًا، كَالطِّفْلِ.

"وَ" مِنْهَا "إسْلامٌ" ، إجْمَاعًا ؛ لِتُهْمَةِ عَدَاوَةِ الْكَافِرِ لِلرَّسُولِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِشَرْعِهِ...

"وَ" مِنْهَا "عَدَالَةٌ" ، إجْمَاعًا ؛ لِمَا سَبَقَ مِنْ الأَدِلَّةِ، "ظَاهِرًا وَبَاطِنًا"، عِنْدَ أَحْمَدَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمَا. وَذَكَرَهُ الآمِدِيُّ عَنِ الأَكْثَرِ...

"وَيُرَدُّ مُبْتَدِعٌ دَاعِيَةٌ" ، أَيْ رِوَايَةُ مُبْتَدِعٍ يَدْعُو النَّاسَ إلَى بِدْعَتِهِ.

وَالْمُبْتَدِعُ وَاحِدُ الْمُبْتَدِعَةِ، وَهُمْ أَهْلُ الأَهْوَاءِ مِنْ الْجَهْمِيَّةِ وَالْقَدَرِيَّةِ، وَالْمُعْتَزِلَةِ وَالْخَوَارِجِ وَالرَّوَافِضِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ.

وَالْمُرَادُ إذَا كَانَتْ بِدْعَتُهُ غَيْرَ مُكَفِّرَةٍ. كَالْقَوْلِ بِتَفْضِيلِ عَلِيٍّ عَلَى سَائِرِ الصَّحَابَةِ، بِدَلِيلِ قَوْلِهِ "أَوْ مَعَ بِدْعَةٍ مُكَفِّرَةٍ" ، كَالْقَوْلِ بِإِلاهِيَّتِهِ أَوْ غَيْرِهِ....

وَعُلِمَ مِمَّا فِي الْمَتْنِ: أَنَّ الْمُبْتَدِعَ غَيْرَ الدَّاعِيَةِ ، وَغَيْرَ الْمُكَفَّرِ بِبِدْعَتِهِ : تُقْبَلُ رِوَايَتُهُ.

وَهَذَا الصَّحِيحُ مِنْ الرِّوَايَاتِ عَنْ الإِمَامِ أَحْمَدَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِعَدَمِ عِلَّةِ الْمَنْعِ، وَلِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ الرِّوَايَةِ عَنْ الْمُبْتَدَعَةِ. كَالْقَدَرِيَّةِ وَالْخَوَارِجِ وَالْمُرْجِئَةِ، وَرِوَايَةِ السَّلَفِ وَالأَئِمَّةِ عَنْهُمْ" انتهى من "شرح الكوكب المنير" (2/ 379- 403).

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب