الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

حكم إدخال القنوات الفضائية

42458

تاريخ النشر : 19-08-2006

المشاهدات : 23211

السؤال

حصل خلاف بيني وبين زوجتي على إدخال الدش إلى البيت ، لأنها تريد أن ترى القنوات ، وأنا أخشى أن يكون هذا هذا محرما ، فما رأيكم ؟.

الجواب

الحمد لله.

الذي يسمع أو يقرأ أو يرى ! ما يعرض في تلك القنوات لا يتردد في تحريم إدخال هذا الجهاز إلى البيت ، لما يشتمل عليه من مخاطر عظيمة على الدين والخلق ، لا سيما مع وجود أولاد في البيت ، وقلة الوازع الديني ، وتقوى الله .

ويمكن الاستعاضة عن ذلك بإدخال القنوات الإسلامية ، كالمجد ، أما القنوات الخليعة ، فأمرها واضح لا خفاء فيه .

وقد حذر الشيخ ابن عثيمن رحمه الله من إدخال هذا الجهاز إلى البيت في إحدى خطبه فقال :

"وقد تحدثنا عن الدش قبل جمعتين وبينا خطره على الإنسان في حياته وبعد موته ، واستغرب كثير من الناس كيف يكون الوعيد بهذه الشدة ، ولكن نحن هنا نسأل أسئلة يعرف بها الحكم من الإجابة عليها ، فنسأل عن قول النبي صلي الله عليه وسلم : (ما من عبد يسترعيه الله على رعية فيموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة ) أهذا الحديث صحيح ؟ نعم ، هو صحيح ، ثبت في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما .

ثانياً : هل الإنسان راع على أهله أو لا ؟ الجواب : نعم ، إنه راع على أهله ، لتنصيب النبي صلى الله عليه وسلم له حيث قال : ( الرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته) وكما يفيد ذلك قوله تعالى : ( يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة ) .

السؤال الثالث : هل من يضع عند أهله دشاً وهو يرى ما فيه من المنكرات العظيمة المخالفة للأخلاق القويمة ، هل هو غاش لهم أو ناصح لهم ؟

إني أعتقد أن جوابنا جميعا هو أنه غاش لهم بلا شك ، لأن هذا ينافي قول الله عز وجل : ( يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارا ) لأن مثل هذه الأمور التي تشاهد مما نسمع عنها سبب لانحلال الأخلاق ، وإذا انحلت الأخلاق انحل الدين والعقيدة ، لأن الأمم الأخلاق ما بقيت ، وإذا كان كذلك فإنه إذا مات وفي بيته هذا الدش صار غاشاً لرعيته الذين استرعاهم الله عليه بكلام رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذن فلا مخرج إلا بأن يزيل الإنسان هذا الدش من بيته إزالة كاملة ، وقد بينا في الخطبة السابقة أنه لا يحل له بيعه ، لأنه إذا باعه فسوف يُستعمل في معصية الله ، فيكون ذلك من باب الإعانة على معصية الله ، وحينئذ ليس شيء أبرأ للذمة ولا أحسن للعبد من أن يكسره ، ويخلف الله عليه ، ألم تروا أن نبي الله تعالى سليمان عليه الصلاة والسلام (عرضت عليه بالعشي الصافنات الجياد) أي الخيل الجياد فلهى بها عن ذكر الله عز وجل حتى غابت الشمس ، ثم دعا بها ، فجعل يضرب أعناقها وسوقها ، وذلك لأنها ألهته عن ذكر الله ، فأتلفها خوفا من أن تلهيه مرة أخرى ، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أهدي إليه خميصة - يعني كساء جيدا - فلبسه ، وفي أثناء صلاته نظر إليه نظرة واحدة ، فلما سلم قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( اذهبوا بخميصتي هذه إلى أبي جهم ، وآتوني بأنبجانيته) لأنه هو الذي أهدى الخميصة ، فلم يُرِد النبي صلى الله عليه وسلم أن يكسر قلبه ، وقال عليه الصلاة والسلام معللا ذلك : ( إنها ألهتني آنفا عن صلاتي ) فدل هذا على أن الإنسان إذا رأى شيئا من ماله يلهيه عن ذكر الله ، أو يوقعه في معصية الله ، فلا أسلم له من أن يبعده عنه ، بأن يبعده عن ملكه إبعادا تاما .

أعود مرة أخرى فأقول : إن بعض الناس فهم من كلامي السابق حول الدشوش أن من مات وفي بيته دش فإنه يكون من أصحاب النار ، ولكن هذا فهم خاطئ لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال: (حرم الله عليه الجنة ) وهذا من نصوص الوعيد التي تحمل على ما جاء في الكتاب والسنة من أن الإنسان إذا عمل معصية ، فإن كان في قلبه إيمان فإنه لا يخلد في النار ، لقول الله تعالى : (إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) ولقد أعجبني بعض الناس الذين سمعوا خطبتنا السابقة أنه وفقه الله وجزاه خيرا قام بتكسير الدش الذي عنده حتى أتلفه نهائيا ، وهذا سوف يجد لذة ذلك في قلبه ، لأنه من كمال الإيمان ، ولما جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وفي يدها سواران غليظان من ذهب قال: ( أتؤدين زكاة هذا ؟ قالت : لا . قال: أيسرك أن يسورك الله بهما سوارين من نار ؟ فخلعتهما وألقتهما إلى النبي صلي الله عليه وسلم ، وقالت : هما لله ورسوله ) ولما رأى النبي صلي الله عليه وسلم رجلا وفي يده خاتما من ذهب قال: ( يعمد أحدكم إلى جمرة من نار فيضعها في يده أو قال في إصبعه ، ثم أخذ النبي صلي الله عليه وسلم الخاتم فطرحه فرمى به) ثم قيل للرجل بعد أن انصرف النبي صلي الله عليه وسلم : خذ خاتمك انتفع به . قال : والله لا آخذ خاتما طرحه النبي صلى الله عليه وسلم ، فتأملوا أيها الإخوة حال الصحابة رضي الله عنهم وكيف مسارعتهم إلى التخلي عما نهى الله عنه ورسوله ؟ ولهذا كانوا أكمل الأمة إيمانا ، وكانوا خير القرون ، كما ثبت ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : ( خير الناس قرني ، ثم الذين يلونهم ، ثم الذين يلونهم ) وإنني أكرر، أكرر وأقول إنه يُخشى على الإنسان الذي يجلب هذه الآلة التي تهدم الأخلاق وتوجب ما لا ينبغي أن يكون من المسلم ، أقول : إنه من كمال عقله أن يكسرها حتى يسلم بيته من هذه الأمور المحرمة ، وحتى يموت إن شاء الله وهو ناصح لأهله ، وفقني الله وإياكم لأداء الأمانة ، اللهم وفقنا لأداء الأمانة ، والقيام بما تحب وترضى يا رب العالمين ، اللهم أصلحنا وأصلح لنا ، وأصلح بنا يا رب العالمين " انتهى من موقع الشيخ :

http://www.ibnothaimeen.com/all/khotab/article_139.shtml

وهذا الكلام كافٍ إن شاء الله تعالى ، لبيان حكم هذا الجهاز وخطورته .

نسأل الله أن يقي المسلمين الفتن ، ما ظهر منها وما بطن .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب