الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

هل المرأة غير المحجبة ستدخل النار

السؤال

إذا لم تكن الفتاة ترتدي الحجاب، فهل سيكون مصيرها إلى النار؟ وإذا كانت تصلي وتقرأ القرآن بانتظام وتتصرف بأدب ولا تنظر إلى الفتيان ولا تمارس الغيبة والنميمة وغيرها فهل يؤدي عدم ارتدائها الحجاب إلى أن تدخل النار على الرغم من صفاتها الحميدة جميعا؟.

الجواب

الحمد لله.

يجب العلم أولاً بأن المسلم والمسلمة يجب عليهما أن ينقادا لأوامر الله ورسوله ، مهما كان صعبة وشاقة على النفس ، دون خجل من أحدٍ من الناس ، فإن المؤمن الصادق في إيمانه هو الذي يصدق في تحقيق طاعة ربه سبحانه وتعالى وامتثال أوامره واجتناب نواهيه ، وليس للمؤمن ولا المؤمنة أن يتلكآ أو يترددا في الأمر ، بل يجب السمع والطاعة مباشرة عملا بقوله جل وعلا : ( وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم ) الأحزاب وهذا هو دأب المؤمنين الذي مدحهم ربهم سبحانه وتعالى بقوله : ( إنما كان قول المؤمنين إذا دعوا إلى الله ورسوله ليحكم بينهم أن يقولوا سمعنا وأطعنا وأولئك هم المفلحون ، ومن يطع الله ورسوله ويخش الله ويتقه فأولئك هم الفائزون ) سورة النور/50 -51 .

ثم إن المسلم لا ينظر إلى صغر الذنب وكبره ، بل ينظر إلى عظمة من عصاه سبحانه وتعالى فهو الكبير المتعال ، وهو شديد المحال ، وهو جل وعلا شديد البطش ، أخذه أليم ، وعذابه مهين ، وإذا انتقم سبحانه ممن عصاه فالهلاك هو مصيره ، قال عزّ وجلّ : ( وكذلك أخذ ربك إذا أخذ القرى وهي ظالمة إن أخذه أليم شديد ، إن في ذلك لآية لمن خاف عذاب الآخرة ذلك يوم مجموع له الناس وذلك يوم مشهود ) سورة هود/102-103 .

وقد تصغر المعصية في نظر العبد وهي عند الله عظيمة كما قال الله تعالى : ( وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم ) والأمر كما قال بعض أهل العلم : " لاتنظر إلى صغر المعصية ولكن انظر إلى عظمة من عصيت " والواجب علينا طاعة الله وتنفيذ أوامره ومراقبته في السر والعلانية واحتناب نواهيه وزواجره .

أما من جهة الاعتقاد فإن المسلم المصلي إذا صدرت منه بعض المعاصي والسيئات فإنه باق على الاسلام ما لم يرتكب أمرا مخرجا عن الملة ويقع في ناقض من نواقض الإسلام ، وهذا المسلم العاصي تحت مشيئة الله في الآخرة إن شاء عذّبه وإن شاء غفر له ، ولو دخل النار في الآخرة  فإنه لا يخلد فيها ، ولا يستطيع أحدٌ من الناس أن يجزم بمصيره من ناحية وقوع العذاب عليه أو عدم وقوعه لأنّ هذا أمر مردّه إلى الله وعلمه عنده سبحانه وتعالى .

والذنوب تنقسم إلى قسمين ( صغيرة - وكبيرة ) فالصغيرة تكفّرها الصلاة والصيام والأعمال الصالحة ، والكبيرة ( وهي التي ورد فيها وعيد خاص أو حَدٌّ في الدنيا أو عذاب في الآخرة ) فلا تكفّرها الأعمال الصالحة ، بل لابد لمن وقع فيها أن يحدث لها توبة نصوحاً ، ومن تاب تاب الله عليه ، والكبائر أنواع كثيرة منها مثلاً ( الكذب والزنا والربا والسرقة وترك الحجاب بالكلية ونحوها ) .

وبناء على ما تقدّم فلا يمكن الجزم بأن من تركت الحجاب سوف تدخل النار ، ولكنها مستحقّة لعقوبة الله لأنها عصت ما أمرها به ، وأما مصيرها على التعيين فالله أعلم به ، وليس لنا أن نتكلم فيما لا نعلمه قال تعالى : ( ولا تقف ما ليس لكَ به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولاً ) . ويكفي المسلم صاحب القلب الحيّ أن ينفر من عمل يعلم بأنّه إذا فعله سيكون معرّضا لعقوبة الربّ عزّ وجلّ لأنّ عقابه شديد وعذابه أليم وناره حامية ( نار الله الموقدة . التي تطّلع على الأفئدة )

وفي المقابل فإن من أطاعت ربها فيما أمرها به - ومن ذلك الالتزام بالحجاب الشرعي - فإننا نرجو لها الجنة والفوز بها والنجاة من النار وعذابها .

وغريب حقاً في امرأة صفاتها حميدة وتصلي وتصوم ولا تنظر للفتيان وتجتنب الغيبة والنميمة ثم بعد هذا لا تلتزم بالحجاب ، وذلك لأن من تمسكت حقاً بهذه الأعمال الصالحة الحسنة فإن هذا مؤشر كبير على حبها للخير ، ونفورها من الشر ، ثمّ لا ننسى أنّ الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، والحسنة تأتي بأختها ، ومن اتقى الله تعالى في نفسه وفقه الله وأعانه على نفسه ، ويبدو أن هذه المسلمة فيها خير كثير ، وهي قريبة من طريق الاستقامة فلتحرص على الحجاب الذي أمرها به ربها تبارك وتعالى ولتترك الشبهات وتقاوم ضغوط أهلها ولا تستسلم لكلام الناس والمنتقدين ، ولتترك مشابهة العاصيات اللاتي يردن التبرّج على حسب الموضة والموديلات ، ولتقاوم هوى النفس الذي يدعوها لإظهار الزينة والتباهي بها ، وتتمسك بما فيه صون لها وستر وحماية وتترفّع عن أن تكون سلعة يتمتع بها الغادي والرائح من الأشرار ، وتأبى أن تكون سببا لفتنة عباد الله ، ونحن نخاطب فيها إيمانها وحبها لله ورسوله ، ونناشدها ان تحافظ على ما أُمرت به من الحجاب وأن تلتزم بقول الله تعالى : ( ولا يبدين زينتهن ) ، وبقوله ( وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ ) . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد