الحمد لله.
نبينا محمد صلى الله عليه وسلم سيد ولد آدم أجمعين ، وهو بشر من بني آدم ، وُلِد من أبوين ، يأكل الطعام ويتزوج النساء ، يجوع ويمرض ، ويفرح ويحزن ، ومن أظهر مظاهر بشريته أن الله سبحانه توفاه كما يتوفى الأنفس ، ولكن الذي يميز النبي صلى الله عليه وسلم هو النبوة والرسالة والوحي .
قال الله تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ ) الكهف/110 .
وحال النبي صلى الله عليه وسلم في بشريته هو حال جميع الأنبياء والمرسلين .
قال الله تعالى : ( وَمَا جَعَلْنَاهُمْ جَسَداً لا يَأْكُلُونَ الطَّعَامَ وَمَا كَانُوا خَالِدِينَ ) الأنبياء/8 .
وقد أنكر الله على الذين تعجبوا من بشرية الرسول صلى الله عليه وسلم ، فقال سبحانه : ( وَقَالُوا مَالِ هَذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعَامَ وَيَمْشِي فِي الأَسْوَاقِ ) الفرقان/7 .
فلا يجوز تجاوز ما يقرره القرآن الكريم من رسالة النبي صلى الله عليه وسلم وبشريته ، ومن ذلك : أنه لا يجوز وصفه صلى الله عليه وسلم بأنه نور أو لا ظل له ، أو أنه خلق من نور ، بل هذا من الغلو الذي نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم حين قال : ( لاْ تُطْرُونِيْ كَمَا أُطرِيَ عِيْسَى ابْنُ مَرْيَمَ ، وَقُولُوْا عَبدُ اللهِ وَرَسُولُهُ ) رواه البخاري (6830) .
وقد ثبت أن الملائكة هي التي خلقت من نور ، وليس أحد من بني آدم ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( خُلِقَت المَلائِكَةُ مِن نُورٍ ، وَخُلِقَ إِبلِيسُ مِن نَارِ السَّمومِ ، وَخُلِقَ آدَمُ عَلَيهِ السَّلامُ مِمَّا وُصِفَ لَكُم ) رواه مسلم (2996) .
قال الشيخ الألباني رحمه الله في "السلسلة الصحيحة" (458) :
" وفيه إشارة إلى بطلان الحديث المشهور على ألسنة الناس : ( أول ما خلق الله نور نبيك يا جابر ) ! ونحوه من الأحاديث التي تقول بأنه صلى الله عليه وسلم خلق من نور ، فإن هذا الحديث دليل واضح على أن الملائكة فقط هم الذين خلقوا من نور ، دون آدم وبنيه ، فتـنبّه ولا تكن من الغافلين " انتهى .
وقد سئلت اللجنة الدائمة للإفتاء السؤال التالي :
هنا في الباكستان علماء فرقة ( البريلوية ) يعتقدون أنه لا ظل للنبي صلى الله عليه وسلم ، وهذا دلالة على عدم بشرية النبي صلى الله عليه وسلم . هل هذا الحديث صحيح . ليس الظل للنبي صلى الله عليه وسلم ؟
فأجابت : " هذا القول باطل ، مناف لنصوص القرآن والسنة الصريحة الدالة على أنه صلوات الله وسلامه عليه بشر لا يختلف في تكوينه البشري عن الناس ، وأن له ظلا كما لأي إنسان ، وما أكرمه الله به من الرسالة لا يخرجه عن وصفه البشري الذي خلقه الله عليه من أم وأب ، قال تعالى : ( قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوْحَى إِلَيَّ ) الآية ، وقال تعالى : ( قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاْ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) الآية .
أما ما يروى من أن النبي صلى الله عليه وسلم خلق من نور الله ، فهو حديث موضوع " انتهى .
"فتاوى اللجنة الدائمة" (1/464) .
تعليق