الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

المعاونة في شراء سيارات مستعملة بالربا

السؤال


أنا رجل مسلم أملك محل لبيع السيارات المستعملة في الولايات المتحدة وأرجو إرشادي ما إذا كان ما أفعله حلال أم حرام ؟ إنني أبيع السيارات للذين لا يستطيعون أن يدفعوا ثمنها كاملاً حالاً ولذا فإني أبيعهم السيارات بثمن أقل وبقسط أسبوعي أقل وبلا فائدة . ولكن العيب في هذا أن بعض هؤلاء يدفع قليلاً ثم ينقطع أو أن يقع حادث للسيارة وينقطع عن الدفع والعيب الآخر هو أنني أنتظر طويلا حتى أحصل على مستحقاتي ومعظم الناس هنا في الولايات المتحدة يتعاملون مع مؤسسات مالية لتساعدهم بالقروض لشراء سيارات منهم وإليك الطريقة :
1) العميل يشتري السيارة التي يحبها .
2) أساعده في ملئ الاستمارة نيابة عن المؤسسة المالية .
3) أرسل الاستمارة إلى المؤسسة المالية كوكيل عن المشتري ووكيل عن المؤسسة.
4) عندما توافق الشركة على الطلب ترسل لي 75-90% من مستحقاتي وتأخذ أقساطا من العميل نظير استمرار القرض. والسؤال هل هذا حلال أم حرام أن أساعد الناس في التعامل مع المؤسسة المالية وهل علي إثم أمام الله أنني أساعدهم في الحصول على قروض بفائدة لشراء السيارة رغم أنني لا أحصل من الشركة أو العميل على أي شيء سوى 75-90% من ثمن السيارة.
كل ما أريده أن أعرف حكم الشرع حتى أنال رضا الله .

الجواب

الحمد لله.

هذه الطريقة حرام شرعا لأنها ربا محض ، قال تعالى :  ( وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا ) البقرة < 275 >  ، وذلك لعدة أسباب :

أولا : المؤسسة المالية كما هو واضح في السؤال مؤسسة ربوية تتعامل بالربا .

ثانيا : الطريقة التي ذكرت - بأن تدفع المؤسسة المالية القيمة للبائع ومن ثم تسترد المبلغ بزيادة على أقساط من المشتري - لا تعدو أن تكون قرضا بفائدة ، فكأن المؤسسة المالية تقرض العميل مبلغا من المال ( مثلا 10.000 دولار ) وتشترط عليه زيادة ( مثلا 10% ) فيرد العميل المال إلى المؤسسة  بزيادة على أقساط ( فمبلغ 10.000 يصبح 11.000 ) وهذا ربا فضل واضح لا يجوز وهو عين الربا ، وهو ربا الجاهلية الذي نهانا الله ورسوله عنه .

قال تعالى : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَذَرُوا مَا بَقِيَ مِنَ الرِّبَا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِين َ*  فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ ) البقرة < 278 - 279 > .

وقال عز وجل : ( وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) البقرة < 281 > .

وقال صلى الله عليه وسلم : " ألا إن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون ولا تُظلمون " أخرجه أبو داود < 2896 > وابن ماجه < 3064 > .

قال القرطبي في تفسيره : " أجمع المسلمون نقلا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم أن اشتراط الزيادة في السلف ( القرض ) ربا ، ولو كان قبضة من علف ، كما قال ابن مسعود : أو حبة واحدة " .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية : " وقد اتفق العلماء على أن المقرض متى اشترط زيادة على قرضه كان ذلك حراما " .

ثالثا : وأيضا فإن المؤسسة المالية تشترط على عملائها زيادة أخرى في حال تأخر العميل عن موعد السداد ، وهذا أيضا من الربا .

وقد جاء في قرارات مجلس مجمع الفقه الإسلامي المنعقد في دورته الثانية ما يلي :

" كل زيادة أو فائدة على الدين الذي حل أجله وعجز المدين عن الوفاء به مقابل تأجيله ، وكذلك الزيادة أو الفائدة على القرض منذ بداية العقد : هاتان الصورتان ربا محرم شرعا . "

رابعا : بعد معرفة حكم القرض بفائدة ، ومعرفة تشديد الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم في النهي عنه ، بقي أن نعرف أن المعاونة على الربا - ولو لم يستفد المعاون - وتيسيره للناس بأي صورة من الصور حرام شرعا . قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَاب ِ) المائدة < 2 > ، وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : " لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والحال والمحلل له ومانع الصدقة والواشمة والمستوشمة " أخرجه مسلم < 50 > والترمذي < 1038 > وغيرهما .

وقد قرر مجلس مجمع الفقه الإسلامي في دورته التاسعة ما يلي :

يجب على المسلمين كافة أن ينتهوا عما نهى الله تعالى عنه من التعامل بالربا أخذا أو عطاء ، والمعاونة عليه بأي صورة من الصور ، حتى لا يحل بهم عذاب الله ولا يأذنوا بحرب من الله ورسوله .

وهذا القرار اتخذ بالإجماع .

وبناء عليه فلا يجوز لك المشاركة في ابتداء ولا في إكمال المعاملة الربوية بين المشتري والمؤسسة المالية وعليك بالبحث عن طرق أخرى مباحة تضمن فيها حقّك ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لم يحتسب ، ومن ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه . وفقنا الله وإياك لكل خير ، والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الشيخ محمد صالح المنجد