الثلاثاء 9 رمضان 1445 - 19 مارس 2024
العربية

حكم بيع المجسمات الأثرية

98632

تاريخ النشر : 22-05-2007

المشاهدات : 91630

السؤال

ما حكم الإسلام في بيع المجسمات الأثرية المسماة بالتحف (تماثيل كاملة ورؤوس تماثيل وأبدان بلا رؤوس) ؟ حيث إنني أستطيع أن أزاول تجارة الأثريات بكل أشكالها مع ذوى الاختصاص بدراسة التاريخ والآثار القديمة والمتاحف العالمية وغيرها وذلك لغاية الدراسة والبحث العلمي والتاريخي . وظروفي المادية والاجتماعية صعبة ، ولكني أردت أن أتأكد من حكم الشرع قبل أن أتاجر فيها ، وأعلم أن حكم الحلال والحرام ثابت في الفقر والغنى .

الجواب

الحمد لله.


لا يجوز صناعة التماثيل والمجسمات لذوات الأرواح ، من الإنسان أو الطير أو الحيوان ، لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد ، وقد سبق بيان ذلك مفصلا في جواب السؤال رقم (7222 )
وما حرمت صناعته ، فلا يجوز بيعه لأن الله إذا حرم شيئا حرم ثمنه .
روى أحمد (2678) عن ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لَعَنَ اللَّهُ الْيَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمْ الشُّحُومُ فَبَاعُوهَا وَأَكَلُوا أَثْمَانَهَا وَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا حَرَّمَ أَكْلَ شَيْءٍ حَرَّمَ ثَمَنَهُ ) والحديث صححه شعيب الأرنؤوط في تحقيق المسند ، وأصله في الصحيحين .
وقد سئل الشيخ ابن باز رحمه الله : هل يجوز للمسلم أن يبيع التماثيل ، ويجعلها بضاعة له ، ويعيش من ذلك ؟
فأجاب : " لا يجوز للمسلم أن يبيع أو يتجر فيها ، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة من تحريم تصوير ذوات الأرواح ، وإقامة التماثيل لها مطلقا ، والإبقاء عليها . ولاشك أن في الاتجار فيها ترويجاً لها ، وإعانةً على تصويرها وإقامتها بالبيوت والأندية ونحوها .
وإذا كان ذلك محرما ، فالكسب من إنشائها وبيعها حرام ، لا يجوز للمسلم أن يعيش منه بأكل أو كسوة أو نحو ذلك ، وعليه إن وقع في ذلك أن يتخلص منه ، ويتوب إلى الله تعالى ، عسى الله أن يتوب عليه ، قال تعالى : ( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ لِمَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحاً ثُمَّ اهْتَدَى ) طه/82 ، وقد صدرت منا فتوى في تحريم تصوير ذوات الأرواح مطلقا ، صورا مجسمة أو غير مجسمة ، بنحت أو نسخ ، أو صبغ أو بآلة التصوير الحديثة " كوداك " " انتهى من "الجواب المفيد في حكم التصوير" لسماحة الشيخ ابن باز ص 49-50 .
وأما ما أزيل رأسه ، فلا يعد صورة محرمة ، ولا حرج في اقتنائه ، وبيعه إن كان ينتفع به ، بشرط ألا يستعان به على محرم ، كأن يكون جزءا من تمثال يعبد أو يتبرك به ونحو ذلك .
وقد دل على إباحة ما قطع رأسه من الصور ، ما رواه الترمذي (2806) عن أَبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَتَانِي جِبْرِيلُ فَقَالَ : إِنِّي كُنْتُ أَتَيْتُكَ الْبَارِحَةَ فَلَمْ يَمْنَعْنِي أَنْ أَكُونَ دَخَلْتُ عَلَيْكَ الْبَيْتَ الَّذِي كُنْتَ فِيهِ إِلَّا أَنَّهُ كَانَ فِي بَابِ الْبَيْتِ تِمْثَالُ الرِّجَالِ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ قِرَامُ سِتْرٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ ، وَكَانَ فِي الْبَيْتِ كَلْبٌ ، فَمُرْ بِرَأْسِ التِّمْثَالِ الَّذِي بِالْبَابِ فَلْيُقْطَعْ فَلْيُصَيَّرْ كَهَيْئَةِ الشَّجَرَةِ ، وَمُرْ بِالسِّتْرِ فَلْيُقْطَعْ وَيُجْعَلْ مِنْهُ وِسَادَتَيْنِ مُنْتَبَذَتَيْنِ يُوطَآَنِ ، وَمُرْ بِالْكَلْبِ فَيُخْرَجْ ، فَفَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَكَانَ ذَلِكَ الْكَلْبُ جَرْوًا لِلْحَسَنِ أَوْ الْحُسَيْنِ تَحْتَ نَضَدٍ لَهُ فَأَمَرَ بِهِ فَأُخْرِجَ ) والحديث صححه الألباني في صحيح الترمذي .
ورواه النسائي (5365) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ : اسْتَأْذَنَ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَام عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : ادْخُلْ فَقَالَ كَيْفَ أَدْخُلُ وَفِي بَيْتِكَ سِتْرٌ فِيهِ تَصَاوِيرُ ؟ فَإِمَّا أَنْ تُقْطَعَ رُءُوسُهَا أَوْ تُجْعَلَ بِسَاطًا يُوطَأُ فَإِنَّا مَعْشَرَ الْمَلَائِكَةِ لَا نَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ تَصَاوِيرُ . وصححه الألباني في صحيح النسائي .
وروى الإسماعيلي في معجمه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( الصورة الرأس فإذا قطع الرأس فلا صورة ) وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم (3864) .
وبناء على ما سبق فلا يجوز لك الاتجار في المجسمات الأثرية المصورة على صور ذوات الأرواح ، إلا أن تكون مقطوعة الرؤوس ، وقد أحسنت في السؤال عن حكم العمل قبل أن تقدم عليه .
واعلم أن خزائن الله تعالى ملأى ، ورزقه واسع ، وعطاءه لا حدّ له ، وقد وعد أهل طاعته بالرزق الحسن فقال : ( وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً ) الطلاق/2، 3 .
وقال تعالى : ( مَنْ عَمِلَ صَالِحاً مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) النحل/ 97 .
فما عليك إلا أن تبذل الأسباب ، وتستعين بالله تعالى ، وتبحث عن العمل المباح ، ثم أبشر بالخير والرزق الحسن .
نسأل الله لنا ولك التوفيق والسداد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب