الحمد لله.
الفرح بالزواج فرح مشروع ، فهو نعمة عظيمة من الله تعالى ، أن يَسَّر لهذين الزوجين بابا من أبواب السعادة ، وطريقا من طرق الستر والعفاف ، وما زال الناس يعبرون عن فرحتهم بهذه النعمة منذ قديم الزمان ، وإلى يومنا هذا ، واتخذ ذلك أشكالا مختلفة ، وعادات منوعة بتنوع المجتمعات والبلدان .
وليس من قصد الشريعة الإسلامية الحكيمة التضييق على الناس في عوائدهم ، ولا السعي لإلزامهم بعادة واحدة ، بل إن استقراء فروع الشريعة يبين أن الأمر في العادات مبنيٌّ على السعة والإباحة ، مع بعض القيود والضوابط .
والمسلم مندوب لموافقة عادات قومه ، ومنهي عن مخالفتها ، ما لم تكن مخالِفةً لأحكام الشريعة ، أو كانت تسبب الحرج والضيق للناس ، وقد قاس العلماء استحباب موافقة الناس في عاداتهم على استحباب موافقتهم في لباسهم ، فقد جاء في ذلك حديث ينهى عن المخالفة في اللباس والاشتهار بين الناس به ، فعَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما قال : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( مَنْ لَبِسَ ثَوْبَ شُهْرَةٍ أَلْبَسَهُ اللَّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثَوْبَ مَذَلَّةٍ )
رواه ابن ماجه (3606) ، وحسنه الشيخ الألباني في صحيح ابن ماجه .
" والشهرة من الثياب وهو المترفع الخارج عن العادة ، والمتخفض الخارج عن العادة ، فإن السلف كانوا يكرهون الشهرتين : المترفع والمتخفض ".
كذا في "مجموع الفتاوى" لابن تيمية (22/138)
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله في "الشرح الممتع" (6/115) :
" وهذه مسألة لا بد أن نَتَفَطَّنَ لها ، وهي : أن موافقة العادات في غير المُحرَّمِ هو السنة ؛ لأن مخالفة العادات يجعل ذلك شهرةً ، والنبي صلى الله عليه وسلم نهى عن لباس الشهرة ، فيكون ما خالف العادةَ منهِيًّا عنه " انتهى .
ولذلك فنحن ندعوك – أخي السائل – لإقامة حفل الزواج الذي نسأل الله أن يكون مباركا وسعيدا - على هدي ما يقوم به الناس في بلدك من مراسم ومظاهر ، وألا تحاول نبذ جميع ما يعتادونه ، والواجب عليك فقط هو نبذ واجتناب المحرَّم من تلك العادات ، كاستعمال المعازف - غير الدفوف - والاختلاط بين الرجال والنساء ، ولمزيد الفائدة راجع جواب السؤال رقم (11446)
والمباح في الأعمال أكثر – بحمد الله – من المحرم منها ، فالغناء الخالي من المعازف ، وصنع الولائم ، واجتماع الناس ، وإظهار الزينة ، كل ذلك مما أباحته الشريعة . فاستعمل من ذلك ما تراه مناسبا ومحببا إلى قلوب الناس ، واسأل الله في كل ذلك السداد والتوفيق .
والله أعلم .
تعليق