الحمد لله.
لا يشترط لذبح شيء من بهيمة الأنعام سن محدد ، إذا كان المراد بذلك مجرد الأكل .
فمن ذبح شاة لها من العمر يوم واحد أو أقل ، فإنه يجوز له أكل ذلك اللحم ؛ لأنه لم يرد شرعاً ما يدل على المنع من ذلك ، ولأن الأصل فيما خلق الله لنا الحل ، فمن زعم التحريم فعليه الدليل ، قال تعالى ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا ) البقرة/29 .
وقد جاءت الأحاديث الصحيحة التي تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل العناق .
أخرج البخاري (4101) ، ومسلم (2039) عن جابر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قال َقُلْتُ : " يَا رَسُولَ اللَّهِ ائْذَنْ لِي إِلَى الْبَيْتِ فَقُلْتُ لِامْرَأَتِي رَأَيْتُ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَيْئًا مَا كَانَ فِي ذَلِكَ صَبْرٌ فَعِنْدَكِ شَيْءٌ ؟ قَالَتْ عِنْدِي شَعِيرٌ وَعَنَاقٌ ، فَذَبَحَتْ الْعَنَاقَ وَطَحَنَتْ الشَّعِيرَ ، حَتَّى جَعَلْنَا اللَّحْمَ فِي الْبُرْمَةِ ، ثُمَّ جِئْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ...) فذكر الحديث وفيه أكل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من هذه العناق .
وجاء في حديث أبي هريرة ، لما زار النبي صلى الله عليه وسلم أبا الهيثم هو وأبو بكر وعمر : " فَانْطَلَقَ أَبُو الْهَيْثَمِ لِيَصْنَعَ لَهُمْ طَعَامًا فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَذْبَحَنَّ ذَاتَ دَرٍّ قَالَ فَذَبَحَ لَهُمْ عَنَاقًا أَوْ جَدْيًا فَأَتَاهُمْ بِهَا فَأَكَلُوا " رواه مسلم (2038) ، والترمذي (2369) واللفظ له .
والعناق : " الأنثى من أولاد المعز ما لم يَتِمَّ له سَنَة " . انتهى من كتاب "النهاية" (باب العين مع النون) .
وقد نص العلماء رحمهم الله تعالى ، على أن الجنين من بهيمة الأنعام ، إذا خرج من بطن أمه حياً ، وذكّي حل أكله .
قال ابن قدامة في "المغني" (9/321) : " فَإِنْ خَرَجَ حَيًّا حَيَاةً مُسْتَقِرَّةً , يُمْكِنُ أَنْ يُذَكَّى , فَلَمْ يُذَكِّهِ حَتَّى مَاتَ , فَلَيْسَ بِذَكِيٍّ . قَالَ أَحْمَدُ : إنْ خَرَجَ حَيًّا , فَلَا بُدَّ مِنْ ذَكَاتِهِ ; لِأَنَّهُ نَفْسٌ أُخْرَى " .
وقال ابن نجيم في "البحر الرائق" (8/198) : " إذا علم حياة الشاة وقت الذبح ؛ حلت بالذكاة ، تحركت ، أو لا " انتهى ، وانظر أيضاً "البحر الرائق" (8/195) .
وإذا ثبت أن الله عز وجل قد أحل لعباده أكل ذلك دون التقيد بسن معينة ، فكل شرط أو قيد يزاد على ذلك هو ابتداع في الدين ، وعدوان على ما شرع الله لعباده .
قال الله تعالى : ( وَلَا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلَالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ ) النحل/116 .
وقد قال صلى الله عليه وسلم " مَا بَالُ رِجَالٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللَّهِ فَهُوَ بَاطِلٌ وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ قَضَاءُ اللَّهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللَّهِ ... " الحديث رواه البخاري (2168) ، ومسلم (1504) .
لكن إذا كانت البهيمة تراد للأضحية ونحوها ، فإنه لابد من بلوغها سناً محدداً ، وقد سبق بيان هذا مفصلاً في جواب السؤال رقم (41899) .
والله أعلم
تعليق