الحمد لله.
الأخطاء في الدعاء كثيرة جداً وأكثرها داخل تحت باب الاعتداء في الدعاء ومنها :-
1- اشتمال الدعاء على الشرك بالله كدعاء غير الله معه من بشر أو شجر أو قبر لأن الدعاء عبادة وصرفه لغير الله شرك والشرك أعظم ذنب عصي الله به وفي الحديث :" أي الذنب عند الله أعظم ؟ قال : أن تجعل لله نداً وهو خلقك ". رواه البخاري ومسلم .
2- أن يشتمل الدعاء على شيء من التوسلات المبتدعة ، كالتوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم أو بجاهه . والدين مبنيٌّ على الاتباع لا على الابتداع .
3- تمني الموت من أجل بلاء نزل به ، ففي الحديث عن خباب رضي الله عنه قال : " لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن تمني الموت لدعوت به ". رواه البخاري (6350) ومسلم (2681).
وفي الحديث : " لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به فإن كان لا بد متمنياً فليقل : اللهم أحيني ما كانت الحياة خيراً لي ، وتوفني ما كانت الوفاة خيراً لي ". رواه البخاري(6351) ومسلم (2680).
4- الدعاء بتعجيل العقوبة ، والأولى أن يسأل الله السلامة في الدارين ، ولمَّا رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من المسلمين قد ضعف حتى صار مثل الفرخ قال له : " هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه ؟ قال : نعم ، كنت أقول : اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فافعله في الدنيا ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : سبحان الله ! لا تطيقه أو لا تستطيعه ، أفلا قلت : " اللهم آتنا في الدنيا حسنة ، وفي الآخرة حسنة ، وقنا عذاب النار " ؟ فدعا الله له فشفاه " رواه مسلم (1688).
5- الدعاء على الأهل والمال وفي الحديث : " لا تدعوا على أنفسكم إلا بخير ، ولا تدعوا على أولادكم ، ولا تدعوا على أموالكم ، لا توافقوا من الله ساعة يسأل فيها عطاءً فيستجيب لكم " رواه مسلم (3009) .
6- الدعاء بقطيعة الرحم كأن يدعو على أحد بأن يفرق بينه وبين زوجه أو أقاربه .
7- الدعاء بتحجير الرحمة كأن يقول : اللهم انزل الغيث على بلادنا خاصة ونحو ذلك .
8- ترك الأدب في الدعاء مع الله بأن يدعو بما لا يليق . قال الخطابي : " ولا يحسن أن يقال : يا رب الكلاب ويا رب القردة والخنازير.. وإن كانت جميع المكونات إليه من جهة الخلق لها ، والقدرة عليها شاملة لجميع أصنافها . شأن الدعاء (153).
فاللائق بالعبد حال دعائه بربه أن يتأدب غاية ما يمكنه وأن يجتنب ما لا يليق فإن المقام مقام ذل وخضوع .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يبالغ في ثنائه على ربه في دعائه حتى إنه أظهر العجز والانقطاع عن الوصول إلى غاية مدحه فقال : " وأعوذ بك منك لا نحصي ثناء عليك".
9- أن يعتمد على غيره في الدعاء :
فتجد من الناس من لا يدعو الله بنفسه بحجة أنه مذنب ، فتجده دائماً يطلب من غيره الدعاء ، وهذا وإن كان جائزاً في الجملة إلا أن فيه محاذير . ولهذا فعلى العبد أن يكثر من الدعاء ويحسن الظن وينظر إلى عظيم جوده وكرمه مهما كان متمادياً في المعصية فإن رحمة الله سبحانه تَسَعُه ، فإذا كان الله سبحانه يجيب دعاء المشركين عند الاضطرار فإن إجابته للمؤمنين مع تقصيرهم من باب أولى.
وجاء رجل إلى مالك بن دينار فقال : أنا أسألك بالله أن تدعو لي ، فأنا مضطر . قال :" إذاً فاسأله فإنه يجيب المضطر إذا دعاه" الجامع لأحكام القران (13/223).
10- اليأس وقلة اليقين من إجابة الدعاء فبعض الناس إذا أصيب بمرض عضال يغلب على الظن أنه لا يبرأ يدع الدعاء ويترك اللجوء إلى الله وربما ألقى الشيطان في روعه أن الدعاء لا داعي له .
وهذا من أعظم الأخطاء وهو جهل بالله وقدرته وجميل إحسانه ، فهو سبحانه على كل شيء قدير ، يقول للشيء إذا أراده كن فيكون .
وقد دعا زكريا عليه السلام وهو شيخ كبير وامرأته عاقر طالباً الذرية : ( رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء ) فأجاب الله دعاءه : (فنادته الملائكة وهو قائم يصلي في المحراب أن الله يبشرك بيحيى...) فلا تيأس من روح الله ، ولا تحجر رحمة الله سبحانه .
11- المبالغة في رفع الصوت خاصة مع وجود مكبرات الصوت فربما سمعت أصوات الداعين من مكان بعيد وهو خطأ واعتداء وباب من أبواب الرياء والأولى رفع الصوت بقدر ما يسمعه المصلون إذا كانوا يؤمنون وراءه .
12- الدعاء بـ : اللهم إني لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه ، وهو خطأ لأنه سبحانه شرع لنا أن نسأله رد القضاء ؛ لأن كل ما يصيب الإنسان من بلاء هو من القضاء .
وفي الدعاء المشهور : " وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك " وقال البخاري : " باب من تعوذ بالله من درك الشقاء وسوء القضاء " وقوله تعالى : ( قل أعوذ برب الفلق من شر ما خلق ) ثم ذكر قوله صلى الله عليه وسلم : " تعوذوا بالله من جهد البلاء ودرك الشقاء وسوء القضاء" رواه البخاري (7/215).
13- إطالة الدعاء في القنوت ، والدعاء بما لا يناسب المقصود ، وخاصة في النوازل فإن القنوت عند النوازل إنما يشرع للدعاء لقوم أو الدعاء على آخرين ، قال ابن تيمية رحمه الله تعالى - : " وينبغي للقانت أن يدعو عند كل نازلة بالدعاء المناسب لتلك النازلة .." الفتاوى 22/271.
وقال : " فالسنة أن يقنت عند النازلة ويدعو فيها بما يناسب أولئك القوم المحاربين." الفتاوى 21/155.
فهذه بعض الأخطاء التي ترتكب في الدعاء ، نسأل الله تعالى أن يلهمنا رشدنا ، ويوفقنا للصواب في القول والعمل .
تعليق