الحمد لله.
أولاً :
لا يجوز للمسلم أن يحرم على نفسه شيئاً أحله الله له ، قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِين ) المائدة/87 .
ويقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا رهبانية في الإسلام ) ذكره الألباني في “سلسلة الأحاديث الصحيحة” (4/387) .
ووصف المعاشرة بين الزوجين بأنها أمر غير صحيح وأنها أمر سلبي ، منكر من القول ، إذ كيف تكون كذلك وقد أحلها الله تعالى لعباده ، وتمتع بها أفضل البشر وهم الأنبياء والمرسلون، قال الله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) الرعد/38 .
ثم لو أخذ الناس بهذا القول المنكر ، كيف يبقى الجنس البشري على الأرض ؟ وكيف تتحقق مباهاة النبي صلى الله عليه وسلم للأنبياء يوم القيامة بأن أمته أكثر الأمم ، ولهذا السبب فقد حثنا النبي صلى الله عليه وسلم على التزوج بالمرأة كثيرة الولادة .
فقال صلى الله عليه وسلم : (تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ) رواه أبو داود (2050) .
ثانياً :
إذا اشترطت المرأة أو وليها على الزوج ألا يطأها مطلقا ، أو ألا يطأها إلا مرة ، فالشرط باطل ؛ لأنه ينافي مقصود العقد ؛ إذ الزواج يراد منه الاستمتاع ، والإحصان ، وإنجاب الذرية .
وهل يصح العقد ويلغى هذا الشرط الباطل ؟ أم يبطل العقد من أصله ؟ خلاف بين الفقهاء .
فالمالكية والشافعية يرون بطلان العقد حينئذ ، والحنفية والحنابلة يرون صحة العقد مع إلغاء الشرط .
قال في “مغني المحتاج” (4/377) من كتب الشافعية : ” وإن أخل الشرط بمقصود النكاح الأصلي كأن شرط أن لا يطأها الزوج أصلا , وأن لا يطأها إلا مرة واحدة مثلا في السنة أو أن لا يطأها إلا ليلا فقط أو إلا نهارا فقط أو أن يطلقها ولو بعد الوطء ، بطل النكاح لأنه ينافي مقصود العقد فأبطله ” انتهى بتصرف .
وقال ابن قدامة في “المغني” (7/72) وهو من كتب الحنابلة : ” ما يبطل الشرط , ويصح العقد , مثل أن يشترط أن لا مهر لها . . . أو تشترط عليه أن لا يطأها , أو يعزل عنها … فهذه الشروط باطلة في نفسها ; لأنها تنافي مقتضى العقد … فأما العقد في نفسه فصحيح … فإن شرط عليه ترك الوطء , احتمل أن يفسد العقد ; لأنه شرط ينافي المقصود من النكاح , وهذا مذهب الشافعي ” انتهى .
وينظر : “حاشية ابن عابدين” (3/131) ، “فتاوى عليش المالكي” (1/333) ، “حاشية الدسوقي” (2/237).
وبناء على ذلك فلا يجوز لك الموافقة على هذا الشرط ، ولا يجوز للمرأة أن تشترطه ، لأنه شرط فاسد مخالف لمقصود النكاح ، والواجب عليها أن تتوب إلى الله تعالى ، وأن تحذر من القول على الله بلا علم .
واعلم أن الخاطب أجنبي عن مخطوبته فلا يجوز له الحديث معها إلا للحاجة ، شأنها شأن سائر الأجنبيات .
والله أعلم
تعليق