الحمد لله.
ليس لإقامة الصلاة وقت محدد ، لكن يراعى في ذلك ما يلي :
1- إذا كان الإنسان منفردا ، أو كانت المرأة تصلي في بيتها ، فإن الأفضل تعجيل الصلاة في أول وقتها إلا العشاء والظهر عند اشتداد الحر ، فتصلي السنة القبلية ثم تصلي الفريضة ، وذلك لما روى البخاري (527) ومسلم (85) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ : سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ ؟ قَالَ : الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ . قَالَ : ثُمَّ أَيٌّ ؟ قَالَ : الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ .
ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إذا اشتد الحر فأبردوا بالصلاة [يعني : صلاة الظهر] فإن شدة الحر من فيح جهنم ) رواه البخاري (537) ومسلم (615) .
ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم :
(لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم أن يؤخروا العشاء إلى ثلث الليل ، أو نصفه) رواه الترمذي (167) وصححه الألباني في صحيح الترمذي .
2- أما جماعة المسجد ، فينبغي أن يكون هناك وقت بين الأذان والإقامة يكفي للتطهر ، والذهاب إلى المسجد ، وصلاة الراتبة .
قال الشيخ سيد سابق رحمه الله في "فقه السنة" (1/100) : "يطلب الفصل بين الأذان والإقامة بوقت يسع التأهب للصلاة وحضورها ، لأن الأذان إنما شرع لهذا . وإلا ضاعت الفائدة منه ، والأحاديث الواردة في هذا المعنى كلها ضعيفة . وقد ترجم البخاري : باب "كم بين الأذان والإقامة" ، ولكن لم يثبت التقدير . قال ابن بطال : لا حد لذلك غير تمكن دخول الوقت واجتماع المصلين" انتهى .
وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله في "فتح الباري" (2/126) تعليقاً على قول الإمام البخاري : كم بين الأذان والإقامة : قال :
"وَلَعَلَّهُ أَشَارَ بِذَلِكَ إِلَى مَا رُوِيَ عَنْ جَابِر أَنَّ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِبِلَالٍ : (اِجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِك وَإِقَامَتك قَدْرَ مَا يَفْرُغ الْآكِلُ مِنْ أَكْلِهِ ، وَالشَّارِب مِنْ شُرْبِهِ ، وَالْمُعْتَصِر إِذَا دَخَلَ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيّ وَالْحَاكِم لَكِنْ إِسْنَادُهُ ضَعِيفٌ , وَلَهُ شَاهِد مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَة وَمِنْ حَدِيث سَلْمَانَ أَخْرَجَهُمَا أَبُو الشَّيْخ وَمِنْ حَدِيث أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَخْرَجَهُ عَبْد اللَّه بْن أَحْمَد فِي زِيَادَات الْمُسْنَد وَكُلُّهَا وَاهِيَةٌ , فَكَأَنَّهُ أَشَارَ إِلَى أَنَّ التَّقْدِير بِذَلِكَ لَمْ يَثْبُت" انتهى .
وقد سئل الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : هل كان الرسول صلى الله عليه وسلم يحدد وقتاً بين الأذان والإقامة؟
فأجاب :
"كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الصلاة في أول الوقت إلا العشاء الآخرة، فإنه كان ينظر إلى اجتماع الناس إذا رآهم اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم أبطؤوا أخَّر، وكان يبقى في البيت حتى يأتيه المؤذن فيعلمه بحضور الصلاة ، وربما خرج إليها بدون إعلام.
فالسنة تعجيل جميع الصلوات إلا العشاء وإلا الظهر عند اشتداد الحر، ولكن الصلوات التي لها نوافل راتبة كالفجر والظهر ينبغي للإنسان أن يراعي حال الناس بحيث يتمكنون من الوضوء بعد الأذان ومن صلاة هذه الراتبة" انتهى .
"مجموع فتاوى الشيخ محمد صالح العثيمين" (12/190) .
وإن اتفق جماعة المسجد على إقامة الصلاة في وقت محدد ، أو كان ذلك بتوجيه مسئولي الأوقاف ، منعا للاختلاف ، فلا بأس ، وينبغي التقيد به .
والله أعلم .
تعليق