الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم استئجار شقة لسماع الأغاني ولعب الورق والتدخين ، وحكم مديرها

109075

تاريخ النشر : 21-10-2008

المشاهدات : 9314

السؤال

نحن مجموعة من الشباب ، مستأجرين شقة في رمضان ؛ لنتجمع ؛ ونسهر فيها ؛ ونلعب فيها الورقة ، وبعض الشباب يدخنون الشيشة ، ويسمعون الأغاني ، والبعض يلعب الطاولة ، وقررنا أن نستمر بعد رمضان ، وهناك أحد الشباب يقوم بإدارة الشقة ، وهناك بعض الشباب محافظون على الصلاة ، ومنهم متكاسل ، ومنهم لا يصلي ، علما بأنه لا يوجد الزنى ، ولا شرب الخمر في هذه الشقة ، ويقوم كل واحد منا بدفع مبلغ معين كل شهر . السؤال : ما حكم هذه الشقة ؟ وما حكم الشاب الذي يقوم بإدارة الشقة ، علماً بأنه محافظ على الصلاة في جماعة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
نشكر لك سؤالك واستفسارك عن حكم الشقة التي قمتم باستئجارها ، وإن دلَّ سؤالكم على شيء فإنما يدل على خيرٍ وصلاح فيكم إن شاء الله .
وإن كان منا عتب عليكم قبل بيان الحكم الشرعي فهو أنكم بسهركم هذا إنما تضيعون أفضل سني عمركم قوة ونشاطاً ، تضيعونها فيما لا فائدة منها على أقل الأحوال ، وفي أسوئها أنكم تعصون الله تعالى فيها ، فكان الواجب عليكم الالتفات إلى هذا السن ، وهذه النعمة التي حباكم الله تعالى إياها ، واستثمارها فيما يحب ربكم ويرضاه منكم من الأقوال والأفعال ، واغتنام المسلم لصحته قبل سقمه ، ولشبابه قبل هرمه ، ولفراغه قبل شغله ، ولحياته قبل موته : يدل على إيمان صادق ، وعقل راجح ، فبادروا إلى اغتنام صحتكم ، وشبابكم ، وفراغكم ، وحياتكم ، قبل أن تأتي ساعة الندم في الدنيا بفوات ذلك كله عليكم ، أو في الآخرة – وهو أشد وأصعب – وليس هناك مجال لاستدراك ما فات من عمركم بعدها .
وكل إنسان سيسأل يوم القيامة بين يدي ربه : عن عمره فيما أفناه ، وعن شبابه فيم أبلاه ؟
فهل يسركم أن يكون جوابكم : كنا نسهر ونلعب ونلهو ؟
وهل هذا الجواب سينجيكم يوم القيامة ؟
ثانياً :
أما بخصوص حكم استئجار تلك الشقة : فإننا نرى أنه لا يجوز لكم أن تستأجروها ؛ لأن اجتماعكم فيها هو على معاصٍ متعددة ، من اللعب بالورق ، إلى شرب الدخان والشيشة ، إلى سماع الأغاني ، وكل ذلك مما حرَّمه الله تعالى ، وإذا أضيف إليه أنكم تفعلون ذلك في زمان فاضل وهو رمضان : كان الإثم أعظم ، وخاصة في العشر الأواخر منه ، حيث يتسابق الناس للاعتمار والاعتكاف والصلاة والدعاء ، وأنتم – يا للأسف – تضيعون الساعات الفاضلة لا نقول فيما لا فائدة فيه ، بل فيما فيه معصية ربكم تعالى .
فعليكم جميعاً ترك فعل تلك المحرمات في تلك الشقة وفي غيرها ، وعليكم إعلان التوبة والمصالحة مع ربكم تعالى ، وإدراك ما تبقى من أعماركم لتكونوا دعاة إلى هذا الدين ، ولتكونوا حماة لهذه الشريعة المطهرة .
وانظر في تحريم الموسيقى والغناء جواب السؤال رقم : ( 5000 ) .
وانظر في تحريم اللعب بالنرد جوابي السؤالين ( 14095 ) و ( 22305 ) .
وفي تحريم الشيشة والدخان انظر جواب السؤال رقم : ( 45271 ) .
ثالثاً :
على الأخ الذي يدير الشقة أن يعلم أنه لا يحل له فعله ذاك ، وأنه شريك فيما يُفعل في الشقة من معاصٍ وآثام ، ولا يعفيه من الإثم كونه من المصلين في جماعة ، وقد وقع هذا الأخ في مخالفات شرعية ، ومنها :
1. الإعانة على الإثم والعدوان .
قال تعالى : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) المائدة/ 2 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي رحمه الله :
"فكل معصية وظلم يجب على العبد كف نفسه عنه ، ثم إعانة غيره على تركه" انتهى .
" تفسير السعدي " ( ص 218 ) .
2. السكوت عن إنكار المنكر ، وعدم هجر أصحابه .
قال الله تبارك وتعالى : ( وَقَدْ نَزَّلَ عَلَيْكُمْ فِي الْكِتَابِ أَنْ إِذَا سَمِعْتُمْ آَيَاتِ اللَّهِ يُكْفَرُ بِهَا وَيُسْتَهْزَأُ بِهَا فَلَا تَقْعُدُوا مَعَهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ إِنَّكُمْ إِذًا مِثْلُهُمْ إِنَّ اللَّهَ جَامِعُ الْمُنَافِقِينَ وَالْكَافِرِينَ فِي جَهَنَّمَ جَمِيعًا ) النساء/ 140 .
قال القرطبي رحمه الله :
"فكل من جلس في مجلس معصية ولم ينكر عليهم : يكون معهم في الوزر سواءً ، وينبغي أن ينكر عليهم إذا تكلموا بالمعصية وعملوا بها ، فإن لم يقدر على النكير عليهم : فينبغي أن يقوم عنهم حتى لا يكون من أهل هذه الآية" انتهى .
" تفسير القرطبي " ( 5 / 396 ) .
والله أعلم
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب