الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حديث ضعيف في فضل الدعاء بـ يا رب يا رب

112158

تاريخ النشر : 10-02-2008

المشاهدات : 74678

السؤال

أرغب في معرفة صحة الأحاديث الآتية : روى ابن أبي الدنيا عن عائشة وأنس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ( إذا قال العبد : يا رب ! يا رب ! يا رب ! قال الله تعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) . روى البزار عن عائشة رضي الله عنها : ( إذا قال العبد : يا رب ! أربعا ، قال الله تعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) .

الجواب

الحمد لله.


من أسباب إجابة الدعاء سؤال الله تعالى بذكر ربوبيته ، فهو سبحانه يحب من عباده الاعتراف بالفقر والذل إليه ، فدعاء العبد بقوله : " يا رب " ، هو مما يحبه الله ويرضاه .
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كلام له عن أسباب إجابة الدعاء ، وذكر منها :
" الإلحاح على الله عز وجل بتكرير ذكر ربوبيته ، وهو من أعظم ما يطلب به إجابة الدعاء...ثم روي عن أبي الدرداء وابن عباس رضي الله عنهما كانا يقولان : اسم الله الأكبر ( رب ، رب ) ، وعن عطاء قال : ما قال عبد : يا رب ! يا رب ! ثلاث مرات إلا نظر الله إليه ، فذكر ذلك للحسن فقال : أما تقرؤون القرآن ، ثم تلا قوله تعالى : ( الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ . رَبَّنَا إِنَّكَ مَنْ تُدْخِلِ النَّارَ فَقَدْ أَخْزَيْتَهُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ . رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِيًا يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آَمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآَمَنَّا رَبَّنَا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَكَفِّرْ عَنَّا سَيِّئَاتِنَا وَتَوَفَّنَا مَعَ الْأَبْرَارِ . رَبَّنَا وَآَتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلَا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) آل عمران/191-194 .
ومن تأمل الأدعية المذكورة في القرآن وجدها غالبا تفتتح باسم الرب ، كقوله تعالى : (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) البقرة/201 . (رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ) البقرة/286 . وقوله : (رَبَّنَا لَا تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا) آلعمران/8 ، ومثل هذا في القرآن كثير ، وسئل مالك وسفيان عمن يقول في الدعاء : يا سيدي ؟ فقال : ألا يقول : يا رب . زاد مالك : كما قالت الأنبياء في دعائهم " انتهى .
"جامع العلوم والحكم" (ص106-107) .
وقال المناوي رحمه الله :
"من أسباب الإجابة ، بل من أعظمها : الإلحاح عليه تعالى ، والترامي على فضله وكرمه وعظيم ربوبيته ونواله . وإنما يقول الداعي في جؤره : " يا رب يا رب " بأداة البعد ، مع كونه أقرب إليه من حبل الوريد ، احتقارا لنفسه ، واستبعادا لها من مظان الزلفى ومنازل المقربين ، هضما لنفسه ، وإقرارا عليها بالتفريط في جنب الله ، مع فرط التهالك على استجابة دعوته . ذكره الزمخشري . وقد احتج بهذا الحديث مَن ذهب إلى أن الاسم الأعظم هو "الرب" ." انتهى .
"فيض القدير" (1/526) .
غير أن الحديث المذكور في السؤال لا يصح ، وهو ما جاء عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا قال العبد : يا رب . أربعا . قال الله تبارك وتعالى : لبيك عبدي ، سل تعط ) .
فقد رواه ابن أبي الدنيا في "الدعاء" ، وأبو الشيخ في "الثواب" – كما عزاه إليهما السيوطي في "الجامع الكبير" - والبزار في مسنده – كما في "كشف الأستار" (4/41) - ، وابن عساكر في "تاريخ دمشق" (51/165) ، والديلمي في "مسند الفردوس" (1122) جميعهم من طريق يعقوب بن محمد الزهري عن الحكم بن سعيد الأموي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها به .
وقال البزار : لا نعلمه بهذا اللفظ إلا من هذا الوجه . انتهى .
وهذا السند ضعيف ، فيه علتان :
إحداهما : يعقوب بن محمد الزهري ، فقد قال فيه أبو زرعة : واهي الحديث . وقال أبو حاتم : أدركته فلم أكتب عنه . ومما أُخذ عليه تحديثه عن الضعفاء . انظر ترجمته في "تهذيب التهذيب" (11/397) .
الثانية : الحكم بن سعيد الأموي ، قال فيه البخاري : منكر الحديث . انظر "ميزان الاعتدال" (1/570) .
ولذلك قال الهيثمي عن هذا الحديث : " فيه الحكم بن سعيد الأموي وهو ضعيف " انتهى .
"مجمع الزوائد" (10/159) .
وقال الشيخ الألباني رحمه الله : "ضعيف جدا" انتهى . "السلسلة الضعيفة" (2693) .
والله أعلم .
 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب