الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

هل قوله في الاستخارة: "اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر" يعني تشكيكا في علم الله؟

128675

تاريخ النشر : 05-04-2009

المشاهدات : 41269

السؤال

في دعاء الاستخارة المروي عن النبي محمد صلى الله عليه وسلم وردت هذه الجملة (اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر ويسمي الإنسان حاجته..........إلى آخر الدعاء) هل في قول (إن كنت تعلم) تشكيك في علم الله سبحانه وتعالى؟

الجواب

الحمد لله.

ليس هذا تشكيكاً في علم الله تعالى ، وكيف يكون تشكيكاً والعبد يريد بهذا الكلام طلب الخير من الله عز وجل ، وأن يرشده إليه ؟

وكيف يكون تشكيكاً وهو يقول في هذا الدعاء : (إِنِّي أَسْتَخِيرُكَ بِعِلْمِكَ) ؟

وكيف يكون تشكيكاً وهو يقول : (فَإِنَّكَ تَقْدِرُ، وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ) ؟

قال الحافظ في "الفتح" :

" وَقَوْله (إِنْ كُنْت) اِسْتَشْكَلَ الْكَرْمَانِيُّ الْإِتْيَان بِصِيغَةِ الشَّكّ هُنَا وَلَا يَجُوز الشَّكّ فِي كَوْن اللَّه عَالِمًا ، وَأَجَابَ بِأَنَّ الشَّكّ فِي أَنَّ الْعِلْم مُتَعَلِّق بِالْخَيْرِ أَوْ الشَّرّ لَا فِي أَصْل الْعِلْم " .

فالمعنى : أنك يا رب إما أن تكون تعلم هذا الأمر خيراً لي أو تعلمه شراً لي ، فإن كان خيراً فيسره .

وليس المعني : إما أن تكون تعلم هذا الأمر خيراً لي ، أو لا تعلم - حاشا لله - .

قال في تحفة الأحوذي :

قَالَ الطِّيبِيُّ : " مَعْنَاهُ : اللَّهُمَّ إِنَّك تَعْلَمُ , فَأَوْقَعَ الْكَلَامَ مَوْقِعَ الشَّكِّ عَلَى مَعْنَى التَّفْوِيضِ إِلَيْهِ وَالرِّضَا بِعِلْمِهِ فِيهِ , وَهَذَا النَّوْعُ يُسَمِّيهِ أَهْلُ الْبَلَاغَةِ تَجَاهُلَ الْعَارِفِ وَمَزْجَ الشَّكِّ بِالْيَقِينِ . ويُحْتَمَلُ : أَنَّ الشَّكَّ فِي أَنَّ الْعِلْمَ مُتَعَلِّقٌ بِالْخَيْرِ أَوْ الشَّرِّ لَا فِي أَصْلِ الْعِلْمِ اِنْتَهَى . قَالَ الْقَارِي : وَالْقَوْلُ الْآخَرُ هُوَ الظَّاهِرُ ، وَنَتَوَقَّفُ فِي جَوَازِ الْأَوَّلِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى " اِنْتَهَى .

وهذا الأسلوب معروف مشهور في الأحاديث ، وفي كلام العرب :

ففي حديث الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة ، قال كل واحد منهم : ( اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنِّي فَعَلْتُ ذَلِكَ ابْتِغَاءَ وَجْهِكَ فَافْرُجْ عَنَّا ) متفق عليه ، واللفظ للبخاري (3215) .

قال الحافظ في "الفتح" (6/507) :

" قوله : ( اللهم إن كنت تعلم ) فيه إشكال ؛ لأن المؤمن يعلم قطعا أن الله يعلم ذلك . وأجيب بأنه تردد في عمله ذلك هل له اعتبار عند الله أم لا ؟ وكأنه قال : إن كان عملي ذلك مقبولا فأجب دعائي " انتهى .

وروى البخاري (7029) عن ابْن عُمَرَ رضي الله عنهما قَالَ إِنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانُوا يَرَوْنَ الرُّؤْيَا ... الحديث ، وفيه : (فلما اضْطَجَعْتُ ذَاتَ لَيْلَةٍ قُلْتُ : اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ فِيَّ خَيْرًا فَأَرِنِي رُؤْيَا) .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب