الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حلف بالطلاق أن لا يدخل على الشات ، ثم دخل .

138147

تاريخ النشر : 05-10-2009

المشاهدات : 27293

السؤال

أنا شاب كنت مدمنا على غرف الشات قبل الزواج ومحادثة الفتيات عبر الانترنت ، فلما تزوجت أقسمت بالطلاق ألا أتعمد فعل هذا الأمر إلا أني أنسى أو يسهى علي . ومنذ هذا القسم وأنا أخاف حتى من مجرد النظر إلى غرف الشات ، ولكنى نسيت صيغة القسم هل كان القسم على مجرد الدخول إلى الشات أو على الشات نفسه. ومنذ أيام كنت على الانترنت وكان الشاب الجالس قبلى يحدث فتاة على الشات وترك إميله مفتوحا ، فأخذنى الفضول أن أشاهد صورة هذه الفتاة ، أستغفر الله ، ولم يكن فى خاطرى أن أعمل شات معها أبدا . ففتحت غرفة الشات التي تركها الشاب واطلعت عليها ، ومن يومها وأنا أتعذب : هل وقع الطلاق أم لا؟ أحيانا أقول لنفسى : أنت تخاف من مجرد الدخول إلى الشات وهذا يدل على أن القسم كان على دخول الشات ، ثم بعدها أقول لنفسي إن مجرد الخوف من الدخول ليس دليلا على أن قسم الطلاق كان على مجرد الدخول ، وأحيانا أخرى أقول لنفسي أراجع زوجتى وأحتسبها طلقة على نفسى ، ثم أرجع وأقول : كيف أحسب على نفسي طلقة ، ولعلها ليست طلقة ما دمت لست متذكرا بالضبط صيغة القسم ؟!

الجواب

الحمد لله.

أولا :

لقد أسأت ـ يا عبد الله ـ إلى نفسك ، وأسأت إلى زوجتك ، وأسأت إلى هذا الذي تجسست على خصوصياته ، وتلصصت على غرفته .

فما ذنب زوجتك ـ أيها الرجل ـ حتى تجعل زواجك بها في مهب الريح ، كلما دفعتك نزوتك وطيشك إلى الدخول إلى الشات ، أو كلام النساء : كان جزاء زوجك منك : أنها طالق؟ فيالله للعجب !!

ولقد كان عليك أن تجعل زواجك فرصة للتوبة من تلك القاذورة ، والاستغناء بما أحل الله لك عما حرم عليك ، من عبث الصبيان ، وأفعال المراهقين ، نسأل الله أن يهدينا وإياك سواء السبيل .

ومن الحق أن هذا الذي كان يتحدث ، وترك غرفته مفتوحة ، قد وقع في محرم ، وأساء ، إن كان فعلا يحادث فتاة أجنبية عنه ؛ لكن ذلك لا يعني أن تشاركه أنت أيضا في المحرم ، ولا أن تجسس عليه ، فلا أنت آمر بمعروف ، ولا ناه عن منكر ، ولا أنت تارك لما عليه غيرك.

ثانيا :

بخصوص يمينك إن كنت حلفت بالطلاق لتمنع نفسك من الدخول على الشات ، وتصرفها عن هذا الأمر بهذا اليمين ، ولم تقصد طلاق زوجتك : فلا تطلق زوجتك ، وعليك كفارة يمين . وينظر لبيان مقدار كفارة اليمين إجابة السؤال رقم (9985) ، (45676) .

وإن كنت قصدت بيمينك طلاق زوجتك إن أنت فعلت ذلك ، عقابا لنفسك على سوء فعلها : احتسبت عليك طلقة .

قال شيخ الإسلام رحمه الله :

" قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : الطَّلَاقُ عَنْ وَطَرٍ وَالْعِتْقُ مَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ . ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ . بَيَّنَ ابْنُ عَبَّاسٍ أَنَّ الطَّلَاقَ إنَّمَا يَقَعُ بِمَنْ غَرَضُهُ أَنْ يُوقِعَهُ ؛ لَا لِمَنْ يَكْرَهُ وُقُوعَهُ كَالْحَالِفِ بِهِ وَالْمُكْرَهِ عَلَيْهِ وَعَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتْ : كُلُّ يَمِينٍ وَإِنْ عَظُمَتْ فَكَفَّارَتُهَا كَفَّارَةُ الْيَمِينِ بِاَللَّهِ . وَهَذَا يَتَنَاوَلُ جَمِيعَ الْأَيْمَانِ : مِنْ الْحِلْفِ بِالطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَالنَّذْرِ . وَغَيْرِ ذَلِكَ . وَالْقَوْلُ بِأَنَّ الْحَالِفَ بِالطَّلَاقِ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ مَذْهَبُ خَلْقٍ كَثِيرٍ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ ؛ لَكِنْ فِيهِمْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْكَفَّارَةُ : كدَاوُد وَأَصْحَابِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْزَمُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ : كَطَاوُوسِ وَغَيْرِهِ مِنْ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ " انتهى .

"مجموع الفتاوى" (33 / 61)


وسئل علماء اللجنة عن رجل كان يشرب الدخان بكثرة ، وكان يريد الإقلاع عن التدخين ، فقال لنفسه : والله لتكون زوجتي علي حرام إذا لم أقلع عن شرب الدخان ، ولكنه لم يستطع الإقلاع عن التدخين .

فأجاب علماء اللجنة :

" إذا كان قصدك من تحريم زوجتك منع نفسك من التدخين ولم تقصد الطلاق - فإنه لا يقع طلاق بهذا الحلف ، وإنما يلزمك كفارة يمين ، وإن كان قصدك من التحريم وقوع الطلاق إن عدت إلى شرب الدخان فإنه يقع على زوجتك طلقة واحدة ، ولك مراجعتها ما دامت في العدة إذا لم تكن هذه التطليقة الثالثة . كما يلزمك كفارة يمين عن الحنث في يمينك ، والكفارة هي : إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة مؤمنة ، فإن لم تجد فصم ثلاثة أيام " انتهى .

"فتاوى اللجنة الدائمة" (20 / 99-100)


وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله :

" إذا كان هذا الرجل قصد بقوله " عليّ الطلاق " اليمين ، فإن ذلك يمين له حكم اليمين ؛ إن حنث فيه فعليه كفارة اليمين ، وإن لم يحنث فلا شيء عليه ، وإن قصد به الطلاق كان طلاقاً ، فإذا حنث فيه وقع الطلاق منه على امرأته " انتهى .

"فتاوى نور على الدرب" ( / 17) .


راجع إجابة السؤال رقم : (39941) ، (132586)

والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب