الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

شرح حديث ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه

142501

تاريخ النشر : 07-11-2009

المشاهدات : 24650

السؤال

نود شرحا لحديث : ( ثلاث من كن فيه آواه الله في كنفه ، ونشر عليه رحمته ، وأدخله جنته ‏:‏ من إذا أُعطي شكر ، وإذا قدر غفر ، وإذا غضب فتر ) بالتحديد ما معنى : ( إذا أُعطي شكر ، وإذا قدر غفر ، وإذا غضب فتر ) ؟ وجزاكم الله خيرا .

الجواب

الحمد لله.

أولا :

هذا الحديث لا يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، يُروَى عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :

( ثلاثة مَن كُنَّ فيه آواه الله في كنفه ، وستر عليه برحمته ، وأدخله في محبته . قيل : ما هن يا رسول الله ؟ قال : من إذا أُعطِيَ شَكَر ، وإذا قَدِرَ غفر ، وإذا غضب فتر )

وله عن ابن عباس طريقان ، كلاهما ضعيف جدا :

الطريق الأول : رواه الخطيب البغدادي في " المتفق والمفترق " (رقم/1070)، والحاكم في " المستدرك " (1/214)، وعنه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/249)، من طريق عمر بن راشد مولى عبد الرحمن بن أبان بن عثمان التيمي ، ثنا محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب القرشي ، عن هشام بن عروة ، عن محمد بن علي ، عن ابن عباس به .

وعمر بن راشد هذا متهم بالكذب ، ترجم له الذهبي في " ميزان الاعتدال " (4/303) فقال : " عمر بن راشد المدني الجاري – كان ينزل الجار -، أبو حفص ، عن ابن عجلان ، ومالك ، ويزيد بن عبد الملك النوفلي .

قال أبو حاتم : وجدت حديثه كذبا وزورا .

وقال العقيلي : منكر الحديث .

وتكلم فيه ابن عدي .

روى عنه مطرف بن عبد الله ، وأبو مصعب المديني ، ويعقوب الفسوي .

قال ابن عدي : كل أحاديثه مما لا يتابعه عليها الثقات .

وقال الدارقطني : كان ضعيفا ، لم يكن مرضيا ، وكان يتهم بوضع الحديث على الثقات .

وقال أبو حاتم : العجب من يعقوب بن سفيان كيف روى عنه لأني في ذلك الوقت وأنا شاب علمت أن تلك الأحاديث موضوعة ، فلم تطب نفسي أن أسمعها ، فكيف تخفى على يعقوب ذلك.

قلت ـ القائل هو الحافظ الذهبي ـ : هذا يدل على عظم قدر يعقوب عند أبي حاتم .

وقال أبو داود : ضعيف .

وقال الحاكم وأبو نعيم : يروي عن مالك أحاديث موضوعة .

وقال الخطيب : كان ضعيفا ، روى المناكير عن الثقات " انتهى

ولذلك ضعف هذا الحديث ابن حبان في " المجروحين " (2/93) وقال : " فيما يشبه هذا من الأخبار التي ينكرها من لم يجهل صناعة الحديث ، إذ الخبر لا أصل له " انتهى.

وضعفه البيهقي – بعد روايته له – بقوله : " عمر بن راشد : مولى مروان بن أبان بن عثمان ، وهو شيخ مجهول من أهل مصر يروي ما لا يتابع عليه " انتهى.

فلا يقبل كلام الحاكم عقب روايته الحديث : " هذا حديث صحيح الإسناد ، فإن عمر بن راشد شيخ من أهل الحجاز ، من ناحية المدينة ، قد روى عنه أكابر المحدثين " انتهى.

ولذلك تعقبه الذهبي في " التلخيص " بقوله : " بل واه " انتهى.

وقد رواه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/249) بسند آخر فيه عمر بن راشد أيضا ، ولكن جعله من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، وقد تعقبه البيهقي نفسه بقوله : " وهذا إسناد ضعيف " انتهى.

الطريق الثاني :

رواه مطرف بن عبد الله أبو مصعب المديني ، عن ابن أبي ذئب . كما عند ابن عدي في " الكامل " (6/378) ، ومن طريقه البيهقي في " شعب الإيمان " (6/249) .

وفيه أحمد بن داود بن أبي صالح قال فيه ابن حبان : " يضع الحديث " انتهى. " المجروحين " (1/146)، وانظر: " ميزان الاعتدال " (1/96)

ولذلك حكم على الحديث بالوضع الشيخ الألباني رحمه الله في " السلسلة الضعيفة " (رقم/587)

ثانيا :

فضيلة الشكر عند النعمة ، والعفو عند المقدرة ، وتمالك النفس عند الغضب أبواب ثابتة في الكتاب والسنة الصحيحة بما يغني عن الأحاديث المكذوبة والموضوعة :

يقول الله تعالى : ( نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنَا كَذَلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ ) القمر/35.

ويقول سبحانه : ( وَالَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْإِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ وَإِذَا مَا غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ ) الشورى/37.

ويقول عز وجل : ( وَإِنْ تَعْفُوا وَتَصْفَحُوا وَتَغْفِرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) التغابن/14.

والنصوص الثابتة في هذا الباب كثيرة ، تراجع في مظانها ، مثل رياض الصالحين وغيره من كتب الترغيب والرقاق .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب