الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

تشتكي من اختلاف مستوى الثقافة بينها وبين زوجها ومن حرصه على المال واغتيابه للناس

149372

تاريخ النشر : 29-07-2010

المشاهدات : 11233

السؤال

أنا امرأة متزوجة من رجل طيب إلا أننا دائماً نختلف بسبب التفاوت الكبير بيننا في المستوى الثقافي والفكري فأنا أحب القراءة والاطلاع ومشاهدة البرامج الحوارية والثقافية ومتابعة علماء ومثقفي الأمة ، وأسعى لتطوير مهاراتي في مختلف المجالات ، وهو عكسي تماماً ، فتجده يأخذ الأمور بسطحية شديدة وضيق أفق ، كما أن في من الصفات التي لا أحبها مثل حب جمع المال مع أن حالته المادية جيدة وتجده يقع في الغيبة والشتم في أعراض الناس ومراقبة أحوال الناس والاستهزاء بهم . إضافة إلى أني فأنا أحاول جاهدة أن أقوم بواجباتي تجاهه من حيث تنظيف البيت وتجهيز الطعام ، وأحاول أن أجهز له ملابسه قبل خروجه من البيت. أرجو أن ترشدوني لطريقة أستطيع فيها التعايش معه ، كما أني أخشى من طريقة تربية أطفالي في ظل الوضع الذي ذكرته.. و جزاكم الله خير...

الجواب

الحمد لله.


1. من حكَم الزواج الجليلة أن يجد الرجل فيه السكن لزوجته ، وأن تتحقق المودة والرحمة بينهما ، ولذا ذكر الله تعالى هذا النكاح من آياته الدالة على قدرته وعظمته ورحمته وحكمته .
قال تعالى : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ ) الروم/ 21 .
قال ابن القيم – رحمه الله - :
وجعل خلق الأزواج التي تسكن إليها الرجال وإلقاء المودة والرحمة بينهم آيات لقوم يتفكرون ؛ فإن سكون الرجل إلى امرأته وما يكون بينهما من المودة والتعاطف والتراحم : أمر باطن مشهود بعين الفكرة والبصيرة ، فمتى نظر بهذه العين إلى الحكمة والرحمة والقدرة التي صدر عنها ذلك : دلَّه فكرُه على أنه الإله الحق المبين الذي أقرَّت الفِطَر بربوبيته وإلاهيته وحكمته ورحمته .
" مفتاح دار السعادة " ( 1 / 186 ) .
2. والناس ليسوا كلهم سواء في الثقافة والعلم والفهم وحسن التصرف ، وهذا أمر مشاهد محسوس ، وهو بين الأزواج موجود ، فالأنبياء والمرسلون هم أعلم وأحكم وأتقى الناس في زمانهم وكان لهم زوجات دون ذلك بكثير ، ولم يمنع هذا من إقامة تلك البيوت على المودة والرحمة ، وقد نجح كثير من الرجال في هذا الأمر ، فالغالب أنهم أعلى ثقافة وفهماً من نسائهم ولم يكن هذا سبباً لتفرقهما وشتات أسرتهما ، فعلى المرأة أن تستوعب هذا إذا ما كانت هي الأعلى ثقافة والأحكم والأفهم ، وعليها أن تعلم أنها داخل بيتها مع زوجها وبين أولادها ليست في ندوة ثقافية ! بل هي الأم الرحيمة ، والزوجة الحنونة ، وعندها من الأعمال الجليلة ما يستغرق وقتها كله ، بل وتحتاج لأكثر مما هو موجود ، ولا مانع أن يكون في بيتها أثر لما وهبها الله تعالى من علم وفهم وحسن تصرف ، لكن عليها أن تتحلى بالصبر لتوصيل ذلك إلى من هو أقل منها من زوج وولد ، وتتصف بالحكمة في اختيار الوقت المناسب والطريقة المناسبة لإيصال ذلك لمستحقه من غير تجريح ولا إهانة .
وأنت تلاحظين أن الزوج العسكري خارج المنزل لا يمكن أن يكون كذلك في بيته ، والعالم صاحب الهيبة والحشمة لا ينجح إن كان كذلك مع زوجته وأولاده ، ولا نعلم عن أحدٍ – أصلاً – أنه كذلك ، والمهم في هذا أنه لا ينبغي للزوجة التي تكون أعلم وأفهم وأحكم من زوجها ، أن تجعل بيتها مركزاً ثقافيّاً تديره ! تحكم عليهم وتثيبهم وتعاقبهم ، بل عليها أن تراعي مستوى أولئك – وخصوصا زوجها – فتوصل الفكرة أو المعلومة بحكمة وحنان .
وكم من البيوت التي نعلمها جيدا : طرفاها زوجة في أعلى درجات التعليم ، وزوجها لم يحصل على شهادة ، أو يعمل مهنة بسيطة ؛ فزوجة أستاذة جامعية ، وزوجها يعمل فلاحا في أرضه ، وهذا أمر واقعي نعلمه مباشرة ، وحياتهما مستقيمة ، لا نزاع ، ولا مشكلات !!
3. وتستطيع المرأة بحسن أسلوبها وحنكتها أن تعالج حبَّ زوجها للمال ، وتعالج بخله ، بجعله يقرأ كتباً في الكرم وذم البخل والبخلاء ، وأن يستمع للمواد السمعية في المواضيع تلك ، ولا بدَّ من مواجهته باستمرار بوجوب النفقة على بيته وأهله ، وبوجوب إظهار نعمة الله عليه ، وإذا ما طُلب من الزوج أن يهتم بشئون لباسه أو النفقة على بيته أن يُطلب منه ذلك برفق ولين دون عنف وقسوة .
وليُعلم أن الزوج البخيل ليس يقع في الإثم إلا أن يبخل في النفقة الواجبة على زوجته وأولاده من طعام وكسوة ، وأما ما زاد على ذلك من الكماليات : فليس للزوجة أن تطالبه بها على وجه الحق اللازم ، والذي يظهر لنا من سؤال الأخت أن زوجها ليس مقصِّراً في نفقته الواجبة عليها ، فتبقى مطالبته بما هو فوق ذلك ينبغي أن يكون بتلطف ودون إلزام .
4. ومثله يقال فيما تعانين منه – وحُقَّ لك – من غيبته للناس واستهزائهم به ، فهي وإن كانت ليست كالبخل – حيث هي من الكبائر ، والبخل ـ في غير الحقوق ـ خلق ذميم ليس معصية في الأصل ، لكن هذا لا يعني تركه يفعل ذلك دون نصح ووعظ ، فيُذكر له حكم الشرع فيما يفعل ، ولا يعان على فعل تلك المعاصي بالاستماع له ومشاركته في الجلوس معه ، ولعلَّ الله تعالى أن يجعل نصحك له ووعظك إياه سبباً لترك معاصيه .
5. اعلمي أنه يمكنك التغلب على قدر لا بأس به من مشكلات زوجك ، وبناء جسور التفاهم بينكما ، بتحبيبه بالعلم الشرعي ، فحبذا لو يوضع له على القنوات التي تُعنى بالعلم ومسائل الشرع ليرى مدى حاجته للعلم ، وعليك إعانته على توفير السبل الملائمة لكي يحبَّ العلم وأهله ؛ بربطه بأناس من أصدقائكم وأقربائكم ممن يعرف عنهم حب العلم ، وتكوين علاقة معهم .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب