الجمعة 10 شوّال 1445 - 19 ابريل 2024
العربية

حكم إبقاء العضو المريض بحجة عدم التشويه ولو أدى إبقاؤه للموت

159052

تاريخ النشر : 29-01-2011

المشاهدات : 10906

السؤال

قرأت إجابتكم المتعلقة بالأدوية الطبية والتي قد تؤدي الى الوفاة ، لكن سؤالي مختلف بعض الشيء ، فهناك بعض الناس هنا في الولايات المتحدة - وهم كثر - يصابون بأمراض خبيثة - والعياذ بالله - ولا طريقة لعلاجهم إلا باستئصال أو بتر عضو من أعضائهم ، وما لم يفعل ذلك فإن الموت هو النتيجة الحتمية ، فبعض هؤلاء المرضى يرفض الخضوع لعملية الاستئصال أو البتر ويفضل الموت ؛ لأنه يرى أن الموت أفضل من العيش مشوَّهاً مقعداً ، فهل يُعتبر هذا انتحاراً ؟ وما حكم هؤلاء الأشخاص ؟ .

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
اختلف العلماء في حكم التداوي ، وقد سبق في جواب السؤال رقم (2148) أن ذلك يختلف باختلاف الأحوال والأشخاص .
ثانياً :
إذا أصيب الإنسان بمرض يؤدي إلى الموت ، ولا سبيل إلى إنقاذه منه إلا بقطع العضو المريض من جسمه ، فقطعه واجب ، فإذا لم يفعل ومات بسبب ذلك فهو نوع من الانتحار .
وقد نص العلماء رحمهم الله على بعض الصور القريبة مما جاء في السؤال .
قال ابن هبيرة – رحمه الله - :
"لو ترك تاركٌ جرحَه يسيل دمه فلم يعصبه حتى سال منه الدم فمات : كان عاصياً لله تعالى قاتلاً لنفسه" .انتهى
انظر " الآداب الشرعية " لابن مفلح الحنبلي ( 2 / 349 ) .
وفي " الموسوعة الفقهية " ( 34 / 53 ) :
"للحر البالغ العاقل قطع سِلْعة - أي : ورم ونحوه - من جسده لا خطر في قطعها ، ولا في تركها ؛ لأن له غرضا في إزالة الشيْن ، فإن كان في قطعها خطر على نفسه بقول طبيبين أو طبيب ثقة ولا خطر في تركها ، أو زاد خطر القطع : فلا يجوز له قطعها ؛ لأن ذلك يؤدي إلى هلاك نفسه ، والله يقول ( وَلاَ تُلْقُوا بِأَيْدِيكُم إِلَى التَّهْلُكَةِ ) البقرة/ 195 .
وإن قال الأطباء : إن لم يقطع حصل أمر يفضي إلى الهلاك : وجب القطع ، كما يجب دفع المهلكات ، ومثل السلعة العضو المتآكل في الأحكام" انتهى .
وفي ( 6 / 283 ، 284 ) قالوا :
"الامتناع من التداوي في حالة المرض لا يعتبر انتحاراً عند عامة الفقهاء ، فمن كان مريضاً وامتنع من العلاج حتى مات : لا يعتبر عاصيا ، إذ لا يتحقق بأنه يشفيه .
كذلك لو ترك المجروح علاج جرح مهلك فمات : لا يعتبر منتحراً ، بحيث يجب القصاص على جارحه ، إذ البرء غير موثوق به وإن عالج .
أما إذا كان الجرح بسيطا والعلاج موثوقا به ، كما لو ترك المجني عليه عصب العِرق : فإنه يُعتبر قد قتل نفسه ، حتى لا يسأل جارحه عن القتل عند الشافعية ... .
فيفهم منه : أن ترك الجرح اليسير لنزف الدم حتى الموت يشبه الانتحار" انتهى مختصراً .
والبقاء مشوَّهاً بعد قطع العضو المتآكل أو العضو المريض : ليس عذراً يبيح للمريض إبقاءه ، كما أنه يحرم قطع الورم إن كان قطعه يؤدي إلى الوفاة ، ولو قصد بقطعه إزالة العيب والتشوه .
جاء في " الموسوعة الفقهية " ( 19 / 207 ، 208 ) :
"يحرم على الشخص قطع غدة أو عضو متآكل إذا كان في القطع خطر على النفس ، وليس في بقائهما خطر أو زاد خطر القطع ، وإن كانت تشينه ؛ لأنه قد يؤدي إلى هلاك نفسه .
أما إذا لم يكن في إزالتها خطر : فله إزالتها ، لإزالة الشين .
وإن تساوى الخطران أو زاد خطر الترك : فله قطعها" انتهى .
والخلاصة :
أنه إذا كان المرض الذي أصاب العضو يسري في بدنه ويكون مسببا للوفاة ، وليس هناك طريقة لعلاجه إلا بقطع العضو : فإنه يجب قطع العضو المريض .
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
"فإن الناس قد تنازعوا في التداوي هل هو مباح أو مستحب أو واجب ؟ .
والتحقيق : أن منه ما هو محرم ، ومنه ما هو مكروه ، ومنه ما هو مباح ، ومنه ما هو مستحب ، وقد يكون منه ما هو واجب وهو : ما يُعلم أنه يحصل به بقاء النفس لا بغيره ، كما يجب أكل الميتة عند الضرورة ؛ فإنه واجب عند الأئمة الأربعة وجمهور العلماء ، وقد قال مسروق : "من اضطر إلى أكل الميتة فلم يأكل حتى مات دخل النار" ، فقد يحصل أحيانا للإنسان إذا استحرَّ المرض ما إن لم يتعالج معه مات ، والعلاج المعتاد تحصل معه الحياة كالتغذية للضعيف وكاستخراج الدم أحياناً". انتهى من مجموع الفتاوى (18 / 12) .
ولمزيد الفائدة ينظر جواب السؤال رقم : (2148) ، (81973) .
والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب