الثلاثاء 14 شوّال 1445 - 23 ابريل 2024
العربية

أسباب التعرض للاعتداء الجنسي وطرق الوقاية منه

174503

تاريخ النشر : 15-11-2011

المشاهدات : 24010

السؤال


لماذا يتعرض الشخص للاعتداء الجنسي ؟ هل يمكن أن يكون عقوبة على خطيئة اقترفها في الماضي .. إلخ ؟ هل هناك في القرآن أو السنة ما يدل على هذا ؟ أرجو إلقاء الضوء على هذا الموضوع بأي معلومات وسأكون مقدراً لكم ذلك حق التقدير .

الجواب

الحمد لله.


أولاً:
الاعتداء الجنسي ظاهرة عالمية باتت تقلق الشرفاء والعقلاء ، وقد عقد من أجله مؤتمرات ، وقامت ندوات ، ووضعت توصيات ، وسنَّت القوانين والأنظمة للحد منها ، ولم يحدَّ ذلك كله من تلك الظاهرة المقلقة ؛ وذلك بسبب انتشار مظاهر الفساد في هذا الزمان وسهولة افتراس الضحايا وما في وسائل الاتصالات والإعلام من تهييج عظيم على ارتكاب الفحشاء في الضعفاء والبسطاء والأطفال والأقارب .
والاعتداء الجنسي سلوك خبيث يخطط صاحبه لافتراس ضحيته يبدأ باللفظ واللمس وينتهي بالاغتصاب ، وغالب ضحايا هذا الاعتداء هم من الأطفال والنساء ، سواء كانوا من الأقارب أو من الأباعد .
وليس بالضرورة أن من وقع عليه الاعتداء الجنسي أن يكون عقوبة له على ذنب ارتكبه في ماضيه ؛ إذ قد يكون ما أصابه ابتلاءً واختباراً ليكفر الله تعالى به عن سيئاته ويرفع به درجاته إن كانوا بالغين ، وقد يكون ذلك ابتلاء لأهاليهم إذا كانوا صغاراً دون البلوغ ؛ لأنه ليس ثمة ذنوب من الأطفال الصغار والطفلات البريئات أصلاً ، وهم غالب من يقع عليه الاعتداءات الجنسية ، وقد يكون عقوبة على بعض المُعتدَى عليهم من الكبار ، بسبب تعديهم على أعراض الناس وانتهاكها .
وانظر ما سبق بيانه حول الفرق بين المصيبة متى تكون عقوبة ومتى تكون ابتلاء في جواب السؤال رقم ( 112905 ) .

ثانياً:
من أعظم ما يقع بسببه الاعتداء الجنسي على الأطفال وغيرهم هو ترك الالتزام بتعاليم الشرع في الوقاية من هذا الفعل ، وقد أثبتت بعض الدراسات أن ما نسبته 75 % من المعتدين الجنسيين هم من الأقارب كأب وأخ وعم وخال ، وفي موقعنا هذا تجد شكاوى التحرشات الجنسية من الوالد والجد والأخ والخال ، كما أن نسبة كبيرة من المعتدين هم من أقارب الزوج أو أقارب الزوجة ، وقد جاءت الشريعة المطهرة بأحكام تقي المسلم من تعرضه لاعتداءات جنسية سواء باللفظ أو بالفعل ، ومن ذلك :
1. الأمر بالتفريق بين الأولاد في الفراش عند النوم .
وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم أولياء الأمور بالتفريق في المضاجع بين أولادهم ذكوراً وإناثاً إذا بلغوا سن العاشرة ؛ لما في ذلك من الوقاية لهم من الاطلاع على العورات وملامستها ، وخاصة أن وقت النوم وقت راحة ويكون في الليل ، وهما مهيجان للشهوة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 148242 ) وفيه نقل مهم عن ابن عابدين الحنفي الذي توفي عام 1252 هـ وفيه يقول إن أطفال زمانه يعرفون الفسق أكثر من الكبار ! فماذا يقول لو رأى أطفال زماننا ؟! .
2. الاهتمام بلباس البنات أن لا يكون قصيراً ولا ضيِّقاً ولو كان ذلك أمام إخوانهن وأقاربهن ، والاهتمام بالصحبة الصالحة ومتابعة أحوالهم - ذكوراً وإناثاً – ولو كانوا عند أقارب لهم .
وانظر جواب السؤال رقم ( 103526 ) .
3. تعليم الأولاد مسائل الاستئذان والنظر والعورة وغير ذلك مما يتعلق بآداب الخلطة والمعاشرة .
وانظر جواب السؤال رقم ( 138101 ) .
4. الاهتمام بالمرحلة الخطيرة في حياة الأولاد وهي مرحلة المراهقة ؛ لئلا يستغل بدء مرحلة البلوغ والشعور بالشهوة الجنسية ، في تصريفها بالحرام ، أو استغلالها بالتهييج ، ليقع الاعتداء عليه بسبب ذلك .
وانظر جواب السؤال رقم ( 111213 ) .
5. الحذر من فتنة أخي الزوج وفتنة أخت الزوجة ، ويحصل كثير من الاعتداءات الجنسية في بيئات يتساهلون فيما شدد فيه الشرع ، فمع معرفة الناس ، أو كثير منهم ، بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( الحَمُو المَوْتُ ) ، نجد أن كثيرين يتساهلون في هذا الأمر فيختلط أخوه البالغ بزوجته ويمازحها ، ويخلو بها ، فيحصل ما لا تحمد عقباه ، كما يحدث الأمر نفسه في فتنة أخت الزوجة مع زوج أختها .
قال الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - : " لو قيل : إنه يجب أن تستر عن أخي زوجها أكثر مما تستتر عن رجل الشارع ، لو قيل بذلك : لكان له وجه ؛ لأنها إذا كشفت وجهها لأخي زوجها ، وهو معه في البيت : صارت الفتنة أعظم ، فأي ساعة يدخل البيت - وقد أغراه الشيطان - يمكن يحاول خداعها ، لكن في الشارع لو أن الرجل نظر إليها وأعجبته ، لا يستطيع الوصول إليها كأخي زوجها ، فالمهم أن الرسول عليه الصلاة والسلام أشار إلى هذه النقطة ، حيث قال ( إِيَّاكُمْ وَالدُّخُولَ عَلَى النِّسَاءِ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ الْأَنْصَارِ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَرَأَيْتَ الْحَمْوَ ؟ قَالَ : الْحَمْوُ الْمَوْتُ ) – متفق عليه – يعني : فاحذروه " انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " ( 85 / السؤال 5 ) .
وقال - رحمه الله - : " يعني : فِرُّوا منه كما تفرون من الموت ، وهو البلاء ؛ لأن الحمو إذا دخل على بيت قريبه تجد الناس لا تنكره ، وهو - أيضاً - يرى أن الأمر هين أن يدخل على بيت قريبه ؛ فيحصل الشر " انتهى من " لقاءات الباب المفتوح " ( 63 / السؤال 1 ) .
وانظر ما كتبناه في أجوبة الأسئلة ( 103507 ) و ( 13261 ) و ( 12852 ) و (7650 ).

والخلاصة ::
أن من يتعرض للاعتداء الجنسي من الأطفال ذكورا وإناثاً فالغالب في سببه ما يكون من تقصير أهليهم وتساهلهم في الوقاية من ذلك مما جاء في الشرع ، ولا ينبغي لأحدٍ وهو يرى فتن هذا الزمان وما فيه من تهييج للشهوات أن يجعل ثقته في كل أحد ، بل على الآباء والأمهات مسئولية عظيمة تجاه أفراد أسرتهم عناية ورعاية ومتابعة وتربية .
وأما من يتعرض لاعتداء جنسي وهو بالغ من الذكور والإناث ، فقد يكون عقوبة على ذنب مضى من جنس ما فُعل به ، أو من غيره ، وقد يكون ابتلاء لتكفير ذنبه ورفع درجته .
ونسأل الله تعالى أن يحفظ عوراتنا وأن يطهر مجتمعاتنا من المعتدين الآثمين ..

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب