الثلاثاء 7 شوّال 1445 - 16 ابريل 2024
العربية

وعدها أن يطلق زوجته الأولى ، فتزوجته على ذلك ، ولم يف بوعده

174979

تاريخ النشر : 05-12-2011

المشاهدات : 29405

السؤال


تزوجت ابن عمي ، وهو رجل متزوج منذ أربعة عشر عاماً من امرأة أخرى ، من جنسية مختلفة ، وقال إنه غير سعيد معها بسبب الاختلافات الثقافية، أما بالنسبة لي فهذا هو الزواج الأول ، عندما أتى إلى والدي لطلبي للزواج وعدَنا أنه لن يبقى مع زوجته الأولى ، وأنه سيطلقها في أسرع وقت ، وتم الزواج على هذا الاتفاق ، والآن وبعد الزواج رأيت أنه يقصّر في حقي ، ويُمضي معظم وقته مع زوجته الأولى ، ولا يأتي إليّ إلا في النادر ، وتركني أعيش بمفردي وأصرف على نفسي . لقد ذكّرته بوعده الذي قطعه على نفسه ، فقال إنه لا يمكن أن يطلقها لأنه يلاقيّ ضغطاً من قبل عائلته ، وكونه غير سعيد معها لا يعني أن يطلقها ، كما أنها بدأت بالتحسن كما قال ، بل قال لي يجب أن تعتادي على هذا الوضع ، وأن تعيشي معي على أنك زوجة ثانية . كان يأتي إلينا قبل الزواج ويقول إنه خائف من العودة إلى زوجته لسوء طباعها ، وأنها سيئة ، وأنها مريضة نفسياً..الخ ، وكأنه فقط كان يستعطفنا لكي نقبل الزواج به ، وقد تم له ما يريد، فلماذا لا يفي بالوعد الذي قطعه..؟! إنني ومنذ اليوم الأول للزواج وأنا انتظر منه أن يفي بهذا الوعد ، ولكنه أخيراً يقول لي يجب أن تتأقلمي مع هذا الوضع ، ولا تطلبي مني تطليقها ، ماذا وإلا فسوف أطلقك أنت..! وللعلم فليس بيني وبينه أي مشاكل ، فهو يحبني وقد أخبرني أنه سعيد معي، إلا أنه لا يريد فتح ذاك الموضوع نهائياً.. فما رأيكم ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يحل للمرأة أن تطلب من خاطبها طلاق زوجته ولا أن تشترط ذلك عليه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : " لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تَسْأَلُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتَسْتَفْرِغَ صَحْفَتَهَا فَإِنَّمَا لَهَا مَا قُدِّرَ لَهَا " رواه البخاري ( 5152) ، ومسلم ( 1408) .
وفي لفظ " نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَشْتَرِطَ الْمَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا " رواه البخاري ( 2727) .
وينظر : سؤال رقم (14021) .
ثانيا :
إذا تزوجت المرأة على هذا الشرط ، فلا يلزمه الوفاء بهذا الشرط لبطلانه ، عند كثير من أهل العلم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( َمَا بَالُ أَقْوَامٍ يَشْتَرِطُونَ شُرُوطًا لَيْسَتْ فِي كِتَابِ اللهِ، مَا كَانَ مِنْ شَرْطٍ لَيْسَ فِي كِتَابِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَإِنْ كَانَ مِائَةَ شَرْطٍ، كِتَابُ اللهِ أَحَقُّ وَشَرْطُ اللهِ أَوْثَقُ ) رواه البخاري (2168) ومسلم (1504) .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " إذا قلنا بجوازه ، فمعنى ذلك أننا خالفنا النص ، وأبحنا للمرأة أن تشترطه ، إذا هذا الشرط يدخل في الشروط الفاسدة لا في الشروط الصحيحة؛ لمخالفته للنص.
وقولهم : إن لها في ذلك غرضا مقصودا ، نقول: صحيح لكن فيه اعتداء على غيرها ممن هي أمكن منها بزوجها ، فيكون هذا النظر الذي قالوه مقابلا بأثر ونظر، فلو تزوجها على هذا الشرط ، ثم دخل بها وأمسك الأولى فليس لها أن تطالبه بطلاقها ؛ لأن الشرط الفاسد كأن لم يكن " الشرح الممتع (12/ 166).
وجاء في "فتاوى اللجنة الدائمة" (18/397) : " س: تزوجت من امرأة وجلست معي أربع سنوات ونصف، ولم يقسم الله لي منها ذرية ، ورغبت الزواج وخطبت بنت عمي؟ لأنها ولله الحمد ملتزمة وتخاف الله عز وجل ، ووافقت علي الزواج ولكن شرطت طلاق زوجتي الأولى ، ورفضت الشرط وجلست أفكر لمدة شهر، وبعدها وافقت على الشرط ؛ لأني قلت بيني وبين نفسي : إذا تزوجتها أذكرها بالله عز وجل وتوافق على إرجاع زوجتي ، وبعد الزواج سمعت حديث الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا يحل نكاح امرأة بطلاق أختها)، خفت من هذا الحديث أن يكون نكاحنا باطلا وهي كذلك، فقلنا: نسأل فضيلة الشيخ عن صحة هذا الحديث، وإذا كان نكاحنا باطلا فماذا علينا أن نفعل، هل أراجع زوجتي ويحل نكاحنا أو ماذا علينا من كفارة ؟ علما بأن زوجتي قالت : إذا كان نكاحنا فيه شك لا مانع لدي من إرجاع زوجتك ، وأرجو من فضيلتكم نصح زوجتي على أن توافق على رجوع زوجتي الأولى وجزاكم الله خيرا .
ج: إذا كان الأمر كما ذكر، فعقد نكاحك على المرأة الثانية صحيح ، ولا يلزمك الوفاء بالشرط وهو طلاق زوجتك الأولى ؛ لأنه شرط فاسد ، ولك أن تراجع زوجتك إذا كان الطلاق رجعيا ما دامت في العدة ، فإن كانت قد انتهت عدتها فلك مراجعتها بعقد جديد بشروطه المعتبرة شرعا، والحديث الذي ذكرته في سؤالك بلفظ: (لا يحل نكاح امرأة بطلاق أختها) لم يرد بهذا اللفظ، وإنما الوارد ما رواه سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: نهى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يبيع حاضر لباد إلى أن قال: ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكفئ ما في إنائها رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي وأحمد، وهذا لفظ البخاري . وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
بكر أبو زيد ... صالح الفوزان ... عبد الله بن غديان ... عبد العزيز آل الشيخ ... عبد العزيز بن عبد الله بن باز" انتهى .
وذهب بعض أهل العلم إلى التفصيل في حكم المسألة :
1- فإن كانت عالمة بحرمة هذا الشرط ، لم يلزم الزوج الوفاء لها به .
2- وإن كانت جاهلة بالتحريم ، لزمه الوفاء ، فإن لم يفعل ، كان لها حق الفسخ .
وأفتى جماعة من أهل العلم بأنه لا يلزمه الوفاء بالشرط مطلقا ، لكن ما ذكرناه من التفصيل هو القول الراجح فيما يظهر لنا ، وبه أفتى الشيخ محمد بن إبراهيم رحمه الله ، فقد جاء في فتاويه (10/ 107) :
" من محمد بن إبراهيم إلى فضيلة قاضي الدرب سلمه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد
فقد وصل إلينا كتابك رقم 379 وتاريخ 29-6-1388هـ المرفق به استفتاء حيدر بن عيسى الدربي عن طلاقه لزوجته الأولى وذكر أن زوجته الأخيرة اشترطت عليه طلاق زوجته الأولى فطلقها وفاء بهذا الشرط ، ويريد الآن أن يراجعها ، ويسأل هل الشرع يجيز مثل هذا الشرط ، وهل يلزمونه بالوفاء به ؟
والجواب : الحمد لله . الكلام على هذا ما ناحيتين :
الأولى : هل يجوز اشتراط هذا الشرط ، أم لا ؟
فالحديث الوارد في هذا صريح بعدم الجواز ، وهو (نهيه صلى الله عليه وسلم المرأة أن تطلب طلاق أختها لتكفأ ما في صحفتها) .
والناحية الثانية : هل يلزم الزوج بما التزم به وشرط عليه أم لا يلزم به ؟
والجواب : الظاهر -والله أعلم- أن المرأة ووليها [إذا كانا] جاهلين ما ورد في هذا من النهي فلهما المطالبة به ، ويلزم الزوج بالوفاء به لحديث : ( إن أحق الشروط أن يوفي به ما استحلت به الفروج ).
فإن لم يف به فلها الفسخ .
وإن كانت عالمة بالنهي الوارد في ذلك فلا فسخ ، ولا يحق لها المطالبة به ، لأنها عالمة بأن ذلك لا يجوز . ويستدل بقصه بربرة حينما اشترتها عائشة واشترط سيدها بعدها ولاءها فقال صلى الله عليه وسلم : ( كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط) الحديث . والله أعلم . والسلام عليكم .
مفتي الديار السعودية " انتهى .
وعلى هذا القول : فإذا لم تكوني عالمة بتحريم طلب طلاق الزوجة الأولى ، فاشترطت عليه طلاقها ، أو وعدك بذلك ، وقبلت الزواج بناء عليه ، فإنه إذا لم يطلقها كان لك حق الفسخ ، مع استحقاق المهر أيضا لأجل الدخول بك .
وحينئذ عليك أن تنظري في أمرك ، وأن تقارني بين مصلحة الفسخ ، ومفاسده ، قبل اتخاذ قرارك .
والواقع أننا لا ننصحك بالتفكير في هذا الخيار ، نعني : خيار الفسخ أو الطلاق ؛ فإنه لن يفيدك شيئا ، خاصة وأنك تقولين إن زوجك يحبك ؛ بل عليك أن تتفاهمي معه على حسن العشرة بينكما ، وعلى أن يعدل في قسمه وعشرته ، ولا يظلمك حقك .
فإن استقام لك على ذلك ، فنحن ننصحك أن تستقيمي له على عشرته ، وأن تتقبلي هذا الوضع ، أعني أن يكون لزوجك زوجة أخرى ، وسوف تجدين أن الحياة يمكن أن تمشي بذلك ، من غير كبير ضرر .
نسأل الله تعالى لك التوفيق والسداد .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: الإسلام سؤال وجواب