الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

كيف تواجه مشكلاتها مع أم زوجها ؟

175743

تاريخ النشر : 28-08-2012

المشاهدات : 20500

السؤال


تزوجت منذ ست سنوات ، ولأن زوجي هو الولد الوحيد في أسرته كان لزاماً علينا أن نسكن مع أبويه ، ومنذ اليوم الأول من زواجنا وأمّه تريني شتى أنواع العذاب بسبب سوء خلقها ومعاملتها ، أتذكر أن أخي في إحدى المرات كان قادماً إلينا من باكستان إلى بريطانيا ؛ لكي يكمل دراسته ، وبحكم أنه أخي وأنه سيحل غريباً على هذه البلدة أحببت أن أستقبله عندي في البيت لمدة يوم أو يومين قبل أن يذهب إلى المدينة الأخرى التي فيها جامعته ، ولكن أمّ زوجي أقامت الدنيا ولم تقعدها وكانت تصرخ بأعلى صوتها فسمعنا كل من في الجوار ، وقالت : إنه ليس من عادات أسرتهم أن يستقبلوا الغرباء !! . أكاد لا أحصي مواقفها السيئة التي تنبئ عن امرأة جشعة ، ففي حفل زواجي كنّا قد أقمنا حفلاً متواضعا نظراً لبعض الظروف وكانت والدتي قد أعطتها فستاناً كهدية في تلك المناسبة فكأنه لم يعجبها فبدلاً من أن تسكت وتحترم مشاعرنا بدأت بالسخرية والتذمر . إنها تهينني على كل صغيرة وكبيرة وتستعمل معي كل أنواع السب والشتم ، وكل أنواع الكلمات السيئة ، وإذا ما اعترضتُ أو أردتُ أن أدافع عن نفسي قالت : أنا لا أقصدك ! إنها تجيد حبك الأمور والتلاعب بالألفاظ بشكل عجيب . ليس هذا خُلقها معي فحسب بل حتى مع زوجها نفسه فهو رجل مريض مقعد ولا يستطيع أن يتحرك إلا بمساعدة ، لذا فهي تتذمر وتسبه وتشتمه وتعصيه ، وهو حيال كل هذا لا يملك إلا الصمت ، بل إنها توقفت عن خدمته منذ أن مرضت وأصابها السرطان ، ولكنها قد عوفيت من ذلك المرض ، ومع هذا ما زالت معرضةً عن خدمته ، وأصبح زوجي هو من يقوم بذلك ، مسكين زوجي لا يدري كيف يواجه كل هذا الضغط ، إنه يعود من العمل مرهقاً يأمل أن يجد وقتاً يرتاح فيه ، ولكنه يجد نفسه أمام والده المقعد الذي يحتاج إلى الرعاية والعناية فيضطر للقعود بجانبه ، ولو كان فيها خير هذه المرأة لقامت بذلك فهي زوجته على كل حال ولكن غلبتها طباعها الخبيثة فحالت بينها وبين طاعة زوجها.
فبعد أن عرفتم حالي مع هذه المرأة وما أعانيه من سوء خُلقها ، ما هي نصيحتكم ؟

الجواب

الحمد لله.


ننبهك - أولاً – أنه قد يقع منك تجاه أم زوجك ما يقتضي وقوعك في الإثم كسبها وشتمها واتهامها بما ليس فيها وغيبتها ، فعليك أن تحذري من هذا فإنه حتى لو كانت في الأصل سيئة التعامل معك أو مع غيرك فإن هذا ليس بمسوِّغ لك لأن يصدر منك تجاهها ما هو محرَّم عليك مما ذكرناه آنفاً .

وأما بخصوص طريقة التعامل معها فإنه يمكننا القول إن لك أن تهجريها وأن تردي الإساءة بمثلها ، وأنه لا يلزمك شرعاً برَّها ولا زيارتها ، لكن هناك خصوصيات عديدة ، ووضعا اجتماعيا معقدا يجعلنا لا نفضل لك ذلك ، لا سيما ومعيشتكم في مكان مشترك ؛ فهذا يتطلب قدرا من الحكمة والواقعية في التعامل ، فنحن نطمع منك في أمور ، ولا نظنك تضعفين عنها ، إن شاء الله :
1. أن تحتملي أذى أم زوجك وأن تصبري على ما ابتليتِ به إكراماً لزوجك وأداء لحسن العشرة معه ، قال تعالى : ( وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ . الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) آل عمران/ 133 ، 134 .
قال الشيخ عبد الرحمن السعدي – رحمه الله - : " وصف المتقين وأعمالهم ( والكاظمين الغيظ ) أي : إذا حصل لهم من غيرهم أذية توجب غيظهم - وهو امتلاء قلوبهم من الحنق الموجب للانتقام بالقول والفعل - هؤلاء لا يعملون بمقتضى الطباع البشرية بل يكظمون ما في القلوب من الغيظ ويصبرون عن مقابلة المسيء إليهم .
( والعافين عن الناس ) يدخل في العفو عن الناس العفو عن كل من أساء إليك بقول أو فعل ، والعفو أبلغ من الكظم ؛ لأن العفو ترك المؤاخذة مع السماحة عن المسيء ، وهذا إنما يكون ممن تحلى بالأخلاق الجميلة وتخلى عن الأخلاق الرذيلة ، وممن تاجر مع الله وعفا عن عباد الله رحمة بهم ، وإحساناً إليهم ، وكراهة لحصول الشر عليهم ، وليعفو الله عنه ويكون أجره على ربه الكريم لا على العبد الفقير ، كما قال تعالى : ( فمن عفا وأصلح فأجره على الله ) " انتهى من " تفسير السعدي " ( ص 148 ) .
فالصبر على الأذى وكظم الغيظ ثم العفو عن المسيء والإحسان إليه هذه أخلاق الصالحين .
2. أن تصفحي عنها ؛ امتثالا لوصية الله تعالى في قوله : ( خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) آل عمران/ 199 ، وهذه الآية جامعة لمحاسن الأخلاق ، وإن أم زوجك قد بلغت من العمر ما بلغت وربما تجلس قليلا ثم تفارق الدنيا فراقاً لا لقاء بعده إلا في الآخرة ، فاعفي واصفحي واطلبي أجر ذلك وثوابه من الكريم الجليل – سبحانه - .
3. ابتعدي عن كل ما يثيرها ويزعجها ، وأقلِّي من الخلطة معها إلا لإيصال الخير إليها ، كما قال تعالى : ( وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ ) .
4. أن تكثري من الدعاء لها بالهداية والصلاح ؛ فإن الدعاء أثره عظيم على الداعي والمدعو له ، وإن الالتجاء إلى الله لا ينتج عنه إلا الخير .
5. لا تدعي النصح لها وابذلي القول والفعل الحسن لها ، منك ومن غيرك ممن تظنين أن كلامهم مسموع لديها ، وربما زوجك يكون له أثر كبير إذا وعظها وأرشدها ، أو من خلال كتاب أو برنامج تلفزيوني لشيخ تثق به وتستمع له .
6. استشعري الأجر على كل ما سبق ذكره ، واعلمي أن المحن تأتي بالمنح ، فَعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ " أَنَّ رَجُلاً قَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ : إِنَّ لِى قَرَابَةً أَصِلُهُمْ وَيَقْطَعُونِي وَأُحْسِنُ إِلَيْهِمْ وَيُسِيئُونَ إِلَيَّ وَأَحْلُمُ عَنْهُمْ وَيَجْهَلُونَ عَلَيَّ " فَقَالَ : ( لَئِنْ كُنْتَ كَمَا قُلْتَ فَكَأَنَّمَا تُسِفُّهُمُ الْمَلَّ وَلاَ يَزَالُ مَعَكَ مِنَ اللَّهِ ظَهِيرٌ عَلَيْهِمْ مَا دُمْتَ عَلَى ذَلِكَ ) رواه مسلم ( 2558 ) .
ومعنى تسفهم المل : تطعمهم الرماد الحار .
07 فإذا ضاق صبرك عن أن تحتملي هذا الوضع ، فليس إلا أن تفترقي مع زوجك في مسكن خاص ، ومع أن هذا حق لك ، لا شك فيه ، إلا أن المتعين على المرأة العاقلة قبل أن تفكر في حقها الخالص ، أن تنظر في ظروف زوجها ، والظروف المحيطة بكم ؛ وتتريثي في طلب ذلك الحق ، إلى أن تجدي من زوجك القدرة على تنفيذه .
ونسأل الله تعالى أن يسددك ويوفقك لما فيه رضاه .
وانظري جواب السؤال رقم ( 83778 ) .

والله أعلم

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب