السبت 11 شوّال 1445 - 20 ابريل 2024
العربية

حكم العمل في البرمجة في شركة تبيع برامجها لعملاء منهم بنوك ربوية وشركات تأمين

179833

تاريخ النشر : 17-06-2012

المشاهدات : 40601

السؤال


أنا مهندسة كمبيوتر مسلمة أعمل في مجال برمجة مواقع الإنترنت ، وأعيش في إحدى الدول العربية ، وأعمل من المنزل مع إحدى الشركات الأمريكية ومقرها أمريكا بنظام الساعة ٣٠ إلى ٤٠ ساعة أسبوعيا بمقابل مادي أتقاضاه أسبوعيا عن عدد الساعات التي أعملها . وتحدثت مع صاحب الشركة الغير مسلم ، وسألته عن طبيعة العمل وعرفت أن الفكرة الرئيسية للشركة تتلخص في : الحسابات المالية الخاصة بالشركات ، والتي تتم بصورة ربع سنوية ، وتخرج على هيئة تقارير توضح المكاسب والمعاملات المالية لهذه الشركات . وعلمت أيضا أن الشركة لها عملاء كثيرون من ضمنهم بنوك ربوية وشركات تأمين . فقلت لصاحب العمل : إني أوافق على العمل بشرط ألا أقوم بأي عمل لا يتفق مع الشريعة ، فلا عمل لشركات خمور أو بنوك ربوية أو شركات تأمين ، بمعنى أني لا أقوم بعمل يصمم خصيصا لهذه الشركات فوافق وقال : إنه لن يجبرني على أي عمل لا أرغب فيه ، كما أوضح أيضا أنهم لا يقومون بأي عمل خصيصا لهذه الشركات ولكن من ضمن عملائهم بنوك ، وهم يتوقعون أن يكون من عملائهم أيضا شركات تأمين ، وأن ما يقومون به أقرب ما يكون لبرنامج مثل Excel ، فيمكن لأي شركة أن تستخدمه وليس موجها لشركات بعينها ، كما أوضح أيضا أنهم لا بد أن تكون شركات التأمين من عملائهم بنص القانون . كما سألت أيضا إن كانت الشركة قد قامت بناء على قرض ربوي من البنك مثلا أم لا ؟ فأوضح أن لا وأنهم لا ينوون أخذ قروض من البنك . وبعد فترة بدأت أثبت نفسي في العمل وأتقدم ، فعرض علي صاحب العمل اتفاقا جديدا أحصل بموجبه على أسهم في شركته كعمولة مقابل ما أنجزه من عمل ولكي يحفزني ذلك على عمل المزيد وينص الاتفاق على الآتي: ١‫-العرض المقدم اسمه : stock options ومعناه أن يتم منحي مجموعة من الأسهم بسعر معين .. يكون من حقي ما يزيد على سعر السهم في حالة ارتفع سعر السهم . ٢‫- الشركة غير مقيدة بالبورصة أو كشركة مساهمة ولكنها شركة خاصة ، وهذه الأسهم لا علاقة لها بالبورصة . ٣‫- يحق لي التصرف في الأسهم الممنوحة على مدار ٤ سنوات كل عام يمكنني بيع ربع الأسهم . ٤‫- المتوقع والمرجو أن تباع الشركة لشركة أخرى وفي هذه الحالة يكون نصيبي هو ما زاد على ثمن السهم . ٥‫- في حالة نقصان الأسهم وعدم الزيادة لا أخسر أنا أي شيء لكن أيضا لا أكسب أي شيء ٦‫- إذا أردت ترك العمل بعد مرور عام أو أكثر ، يمكنني الاحتفاظ بالأسهم حتى وإن تركت الشركة ، وفي نفس الوقت يحق للشركة المطالبة بشراء الأسهم مني في حال تركي للشركة . ٧‫- حال رغبتي بيع الأسهم مع عدم وجود شركة تشتري الشركة التي أعمل . وسؤالي :
ما حكم العمل في هذه الشركة ؟ وحكم تملك أسهم في هذه الشركة ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا يجوز للشركة أن تبيع برامجها لمن يستعملها في المعصية كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ؛ لما في ذلك من التعاون على الإثم والمعصية .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (9/ 213) : " ذهب الجمهور إلى أن كل ما يقصد به الحرام , وكل تصرف يفضي إلى معصية فهو محرم , فيمتنع بيع كل شيء علم أن المشتري قصد به أمرا لا يجوز .
فمن أمثلته عند المالكية : بيع الأمة لأهل الفساد , والأرض لتتخذ كنيسة أو خمارة , وبيع الخشب لمن يتخذه صليبا , والنحاس لمن يتخذه ناقوسا ، قال الدسوقي : وكذا يمنع أن يباع للحربيين آلة الحرب , من سلاح أو كراع أو سرج , وكل ما يتقوون به في الحرب , من نحاس أو خباء أو ماعون ...
ومن أمثلته عند الشافعية : بيع مخدر لمن يظن أنه يتعاطاه على وجه محرم , وخشب لمن يتخذه آلة لهو , وثوب حرير لرجل يلبسه بلا نحو ضرورة ، وكذا بيع سلاح لنحو باغ وقاطع طريق , ...
ومن أمثلته عند الحنابلة : بيع السلاح لأهل الحرب , أو لقطاع الطريق , أو في الفتنة , أو إجارة داره لبيع الخمر فيها , أو لتتخذ كنيسة , أو بيت نار وأشباه ذلك , فهذا حرام " انتهى .
فالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري لا يجوز أن يباع لها برامج محاسبية ، أو أجهزة ، أو غير ذك مما تستعين به على الربا أو الغرر .
ثانيا :
أما عمل المبرمج لدى هذه الشركة : فإن كان ما يبرمجه يباع للبنوك وغيرها ، وليس مخصصا للبنك الربوي ، وكان الغالب بيعه على جهات لا تستعمله في الحرام ، جاز عمله في البرمجة .
وقد سئل الدكتور يوسف الشبيلي حفظه الله عن العمل في شركة تنتج " أجهزة كمبيوتر ضخمة وبرامج عالية القدرة ، أغلب المستفيدين من منتجات هذه الشركة هي مراكز بالغة الحساسية في بلدنا الإسلامي كالوزارات ، والجامعات ، والمستشفيات ، والشركات المحلية الكبرى ، والتي تتجاوز رؤوس أموالها مئات الملايين من الدولارات ، المشكلة تكمن في أن هذه الأجهزة وهذه البرامج تستفيد منها البنوك الربوية في هذا البلد ، والعمل في هذه الشركة لا يقتصر على البيع فقط ، بل تشمل خدمات ما بعد البيع من أعمال الصيانة والمتابعة ، وهناك أعمال كثيرة تتطلب الذهاب إلى هذه البنوك ، ومقابلة المسؤولين ، وأداء كثير من الأعمال في البنك نفسه وإصلاح الأعطال .
فأجاب : حكم العمل في هذه الشركة لا يختلف عن حكم العمل في سائر الشركات التي قد يكون جزء من المستفيدين من خدماتها جهات معصية ، فشركة الكهرباء والاتصالات ونحوها يرد على العمل فيها نظير المحاذير التي أوردتها في سؤالك ، والذي أراه أنه يجوز العمل في هذه الشركات بالضوابط الآتية:
1- إذا كان أصل نشاط الشركة محرماً - كالبنوك الربوية وشركات التأمين التجاري ونحو ذلك -، فهذه يحرم العمل فيها مطلقاً، ولو كان الشخص في وظيفة لا علاقة لها بالعمل المحرم نفسه ، لأن عمله في الشركة فيه إعانة على المعصية، أما إذا كان المقصود من نشاط الشركة مباحاً ، لكنها قد تزاول بعض الأنشطة المحرمة ، ككثير من الشركات التجارية والصناعية والمطاعم ونحوها، فهذه يجوز العمل فيها من حيث الأصل، ولو كان بعض نشاطها محرما بالضوابط الآتية.
2- ألا يكون المنتج الذي تقدمه الشركة مخصصاً لأمر محرم، أو يغلب استعماله فيه، أما إذا كان يصلح له ولغيره فلا بأس، فمثلاً لو كان البرنامج الذي تنتجه الشركة خاصاً بطريقة حساب الفائدة في البنوك فيحرم، أما لو كان برنامجاً لشئون الموظفين قد يستفيد منه بنك ، وقد تستفيد منه جهات أخرى فلا بأس بتصميمه.
3- ألا يباشر الموظفُ العملَ المحرمَ بنفسه ، فتقديم الخدمات وإجراء أعمال الصيانة للبنوك الربوية مثلاً عمل محرم ، أياً كان نوع الخدمة أو الصيانة المقدمة ؛ لما في ذلك من الإعانة على الإثم، فيحرم على الإنسان أن يباشر ذلك العمل بنفسه ، أما إذا كان عمله في الشركة لا يستلزم مباشرته بنفسه للعمل المحرم فلا حرج عليه -إن شاء الله- في البقاء فيها.
وعلى هذا فإذا لم يغلب على ظنك أن العمل في الشركة يستلزم مباشرة عمل محرم ، لندرة ذلك، أو لأن بمقدورك الامتناع فيما لو أسند إليك شيء منه ، فلا حرج عليك في الانتقال إليها.
والله أعلم . " انتهى.
ثالثا :
ينبني على ما تقدم في الفقرة الأولى ، الحكم على أسهم الشركة ، فحيث كان من موارد الشركة أموال محرمة ناتجة عن بيعها البرامج للبنوك الربوية وشركات التأمين ، فهذه الأسهم تعتبر أسهما مختلطة ، أي اختلط فيها الحلال بالحرام ؛ لأن السهم حصة شائعة في مال الشركة ، فيدخل فيه ما تملكه من نقود وأصول وأنشطة .
والأسهم المختلطة يحرم الاتجار بها على الراجح ، ومن ملك منها شيئا لزمه الخروج منها ، مع التخلص من نسبة الحرام .
وينظر : سؤال رقم (161741) .
فلو منحتك الشركة أسهما مختلطة ، لزمك بيعها والتخلص من القدر الذي يقابل الحرام في أموالها ، ويعرف ذلك بمعرفة نسبة الأموال المحرمة إلى أموال الشركة .
وليس لك قبول هذه الأسهم المختلطة كأجرة على عملك ؛ لأن من شرط الأجرة أن تكون مباحة.
والحاصل : أنه يجوز لك العمل في هذه الشركة وفق الضوابط المذكورة ، وأن الأجرة يجب أن تكون مباحة ، فلا يجوز أن تكون أسهما مختلطة .

 

والله أعلم .

 

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب