الخميس 18 رمضان 1445 - 28 مارس 2024
العربية

وهب ابنته في حياته هبة فقبضتها ، فهل يجوز للورثة منازعتها فيها ؟

182636

تاريخ النشر : 18-09-2012

المشاهدات : 27095

السؤال


توفي جدي وليس له أبناء سوى والدتي ، قبل وفاته بعشرة أشهر أعطى ابنته مبلغا من المال 64000 ريال ، وقال : هذه لك يابنتي وإن إحتجتها فليست بعيد ،وإلا فهي لك ، عندما توفي رحمه الله وجد مبلغا آخر في خزينته مقدارها 17000 ريال ، ومزرعة حيث إن لديه 4من أبناء عمه , هل يحق للورثةأ يقتسموا من المال الذي أعطاها إياه قبل وفاته بعشرة أشهر ؟ مع العلم أنهم إقتسموا المال ووزعوا التركة ، إذا كان لا يحق لهم كيف يتم استرداده ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
إذا لم يترك الميت من الورثة إلا مَن ذُكر فإن لابنته النصف من تركته فرضا ، لقول الله تعالى في البنت الواحدة : ( وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ ) النساء/ 11 .
والباقي لأبناء العم تعصيبا بالسوية ؛ لقول النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( أَلْحِقُوا الْفَرَائِضَ بِأَهْلِهَا فَمَا بَقِيَ فَهُوَ لِأَوْلَى رَجُلٍ ذَكَرٍ ) رواه البخاري (6732) ومسلم (1615) .
أولى رجل : أي أقرب رجل .

ثانيا :
يجوز للأب أن يهب ابنته في حياته ما شاء من ماله إذا لم يكن له من الأولاد سواها ؛ وحيث إن البنت قبضت المال قبضا صحيحا فقد جازت الهبة ، وتمت صحيحة نافذة ، فلا يجوز منازعتها فيها من قِبل الورثة .
جاء في "الموسوعة الفقهية" (39/281) :
" ذَهَبَ جَمَاهِيرُ الْفُقَهَاءِ مِنَ الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ وَالْحَنَابِلَةِ وَغَيْرِهِمْ إِلَى أَنَّ حَقَّ الْوَاهِبِ فِي الرُّجُوعِ فِي الْهِبَةِ يَسْقُطُ بِمَوْتِهِ ، وَلاَ يَنْتَقِل إِلَى وَرَثَتِهِ مِنْ بَعْدِهِ لأِنَّ الْخِيَارَ فِي الرُّجُوعِ فِيهَا حَقٌّ شَخْصِيٌّ لِلْوَاهِبِ ، ثَبَتَ لَهُ لِمَعَانٍ وَأَوْصَافٍ ذَاتِيَّةٍ فِيهِ ، وَالْحَقُّ الشَّخْصِيُّ لاَ يُورَثُ .
ثُمَّ إِنَّ الشَّارِعَ إِنَّمَا أَوْجَبَ هَذَا الْحَقَّ لِلْوَاهِبِ ، وَالْوَارِثُ لَيْسَ بِوَاهِبٍ .
وَأَيْضًا هُوَ حَقٌّ مُجَرَّدٌ ، وَالْحُقُوقُ الْمُجَرَّدَةُ لاَ تُورَثُ ابْتِدَاءً ، وَإِنَّمَا تُورَثُ تَبَعًا لِلْمَال ، وَوَرَثَةُ الْوَاهِبِ لاَ يَرِثُونَ الْعَيْنَ الْمَوْهُوبَةَ الَّتِي هِيَ مَالٌ ، فَلاَ يَرِثُونَ مَا يَتَعَلَّقُ بِهَا مِنْ حَقِّ الرُّجُوعِ " انتهى .

سئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
عَنْ امْرَأَةٍ أَعْطَاهَا زَوْجُهَا حُقُوقَهَا فِي حَالِ حَيَاتِهِ ، وَلَهَا مِنْهُ أَوْلَادٌ ، وَأَعْطَاهَا مَبْلَغًا غَيْرَ صَدَاقِهَا لِتَنْفَعَ بِهِ نَفْسَهَا وَأَوْلَادَهَا . فَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهَا أَحَدٌ وَأَرَادَ أَنْ يُحَلِّفَهَا : فَهَلْ يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَحْلِفَ لِنَفْيِ الظُّلْمِ عَنْهَا ؟
فَأَجَابَ :
" إذَا وَهَبَ لِأَوْلَادِهِ مِنْهَا مَا وَهَبَهُ ؛ وَقَبَضَ ذَلِكَ ؛ وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ ظُلْمٌ لِأَحَدِ : كَانَ ذَلِكَ هِبَةً صَحِيحَةً ؛ وَلَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ أَنْ يَنْتَزِعَهُ مِنْهَا . وَإِذَا كَانَ قَدْ جَعَلَ نَصِيبَ الْأَوْلَادِ إلَيْهَا حَيًّا وَمَيِّتًا ؛ وَهِيَ أَهْلٌ لَمْ يَكُنْ لِأَحَدِ نَزْعُهُ مِنْهَا . وَإِذَا حَلَفَتْ : تَحْلِفُ أَنْ لَيْس عِنْدَهَا لِلْمَيِّتِ شَيْءٌ " .
انتهى من "مجموع الفتاوى" (31 /299) .

فعلى ذلك : ليس للورثة حق في هذا المال الذي وهبه الرجل لابنته ، وهو مبلغ 64000 ريال .
ولهم الحق فيما سوى ذلك على ما تقدم .
فإن كانوا قد نازعوها في شيء منه ، أو قاسموها فيه : فقد أخذوا ما لا يحل لهم ، ويجب عليهم رده إلى صاحبته .
وإن كان المال في يدها ، وإنما ينازعونها فيه : فمن حقها أن تمنعه منهم ، ولا تمكنهم من شيء منه .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب