الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

حكم تعاطي الماريجوانا وبسيلوسيبين الفطر والميسكالين وأشباهها

191516

تاريخ النشر : 10-05-2013

المشاهدات : 18218

السؤال


هل تعاطي المنشطات مثل الماريجونا ، وسيلوسيبين الفطر ، والميسكالين ، وحمض الإيثيلاميد، محرّم في الإسلام؟
إنه لم يثبت أن واحداً من هذه المنشطات قتلت أحداً أو تسببت له بالمرض ، بل على العكس، فكل مخرجاتها مخرجات إيجابية ، فقد يشعر الشخص بعد تعاطيها بتنور روحي ، وفهم آخر للحياة ، بل وفي بعض الأحيان قد يتحول الكافر إلى الإسلام بسببها.
أنا شخصياً قد تناولت الماريجونا وحمض الإيثيلاميد، فلم أر فيهما أي ضرر ، بعكس الكحول فإن أضراره كارثية على البدن والدماغ ، لذا فالحكمة من تحريمها واضحة ، أمّا مثل تلك المنشطات ، فلا أرى سبباً لتحريمها >
فما رأيكم ؟

الجواب

الحمد لله.


الماريجوانا : مادة مسكرة وهي إحدى مشتقات نبات القِنَّب الهندي , وهو : نبات ذو تأثيرات مخدرة , وعليه فإن حكمها هو الحرمة , كما سبق بيانه بالتفصيل والدليل في الفتوى رقم : (176545).
أما مركب الميسكالين Mescaline : فإنه مادة تستخلص من أحد أنواع نبات الصبار المعروف في الشمال الشرقي للمكسيك باسم " البايوتي" ( (Peyote ؛ وهو مركبٌ
مخدر ، يسبب الهلاوس البصرية ، والرؤى الملونة .
والبسيلوسيبين: مادة تستخلص من بعض الفطريات ، مثل فطر "البسيلوسيبين" المكسيكي ، وهذه المادة مخدرة , وهي أقوي فاعلية من "الميسكالين" .
وأما ما ذكرته باسم "حمض الإيثيلاميد" فهو عبارة عن "ثاني إيثيلاميد حامض الليسرجيك" ويعرف في اللغة الإنجليزية باسم [ lysergic acid diethylamide (LSD)] , وقد حضر لأول مرة في عام (1938) عن طريق الصيدلي السويسري "البرت هوفمان" , وهذا يتم أخذه بالميكروجرام لأنه أقوى عقاقير الهلوسة على الإطلاق , وقد تم منع هذا العقار في عام (1966) , وصنف على أنه من ضمن المخدرات ، نظرا لما يؤدي إليه من عواقب وخيمة على متعاطيه كالانتحار وغيره .
فما ورد في السؤال من أن هذه العقاقير لا ضرر فيها : قول مردود , بل بها أضرار كبيرة نفسية وعضوية ، وذلك لأن كلا من "البسيلوسيبين" و"الميسكالين" و"ثاني ايثيلاميد حامض الليسرجيك" ، من المواد المهلوسة المخدرة التي تؤثر تأثيراً كبيراً على الفكر والمزاج والسلوك , وتؤدي إلى كثرة الأوهام , والاضطرابات العقلية ، والهلاوس السمعية والبصرية , واسترخاء الجسم وفتوره ، وانفصام الشخصية ، وتشوش الحكم على الأشياء , وقد ينتاب متناول هذه المواد نوبات ضحك شديدة دون سبب .
ومن الأعراض التي تنتاب من يتناول هذه العقاقير أيضا: فقدان الإحساس الصحيح بالزمان والمكان ، واضطراب مقاييسهما لديه , فقد يتخيل الدقيقة كأنها دهر طويل ؛ ويشعر بالأشياء الثابتة في مكانها وكأنها تقترب منه أو تبتعد عنه .
هذا بالإضافة إلى بعض الأعراض العضوية كالغثيان , وكثرة التجشُّؤ , والعرق ؛ وشحوب الوجه ، واتساع حدقة العين ، وتسارع ضربات القلب , وغير ذلك .
وعليه : فإن هذه المواد تكون محرمة لما تسببه من هذه الأضرار البالغة الجسيمة , فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار ) رواه أحمد في مسنده (2865) , وابن ماجة (2341) وصححه الألباني في " صحيح ابن ماجه " .
وإذا افترضنا جدلا أنه لم تعرف لهذه العقاقير أضرار صحية ، فيكفي في المنع منها أنها مصنفة ضمن المواد المخدرة والمفترة ؛ فهي محرمة لأجل ذلك ؛ وقد قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ ، وَمَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ فِي الدُّنْيَا فَمَاتَ وَهُوَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَتُبْ ، لَمْ يَشْرَبْهَا فِي الْآخِرَةِ ) رواه البخاري (5575) ومسلم (2003) واللفظ له .
بل إذا قدر أنها لم تصل بصاحبها إلى درجة الإسكار ، ولو مع تعاطي قدر كبير منها ، فليس أقل من أن تسبب لمتعاطيها نوعا من الخدر والتفتير ( الفتور ) ؛ وما يسبب ذلك لا يحل تعاطيه أيضا ؛ لما روته أم سلمة رضي الله عنها ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( نهى عن كل مسكر ومفتر )أخرجه أبو داود في سننه (3686) , وأحمد في مسنده (26634), والبيهقي في السنن الكبرى (17399) , قال الحافظ العراقي: " إسناده صحيح " انتهى من فيض القدير (6 / 338).
قال الخطابي رحمه الله : " المفتر كل شراب يورث الفتور والخدر في الأطراف , وهو مقدمة السكر , نهي عن شربه لئلا يكون ذريعة إلى السكر " انتهى من " معالم السنن " (4 / 267) ، وينظر : " عون المعبود وحاشية ابن القيم " (10 / 91) عند شرح هذا الحديث .
وقول السائل : " إن لها بعض الإيجابيات " : لا يغير من الحكم الشرعي شيئا ، إذا قدر أن ما قاله صحيح ؛ فإن الخمر التي هي أم الخبائث لها أيضا بعض المنافع , وقد قال الله سبحانه وتعالى : ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)البقرة/ 219 , فأثبت سبحانه فيها بعض المنافع ، ومع ذلك جزم بتحريمها ، لأجل ما فيها من المفاسد والمضار الغالبة لمنافعها .
وقال ابن كثير " وقوله سبحانه : ( قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس ) : أما إثمهما فهو في الدين ، وأما المنافع فدنيوية، من حيث إن فيها نفع البدن ، وتهضيم الطعام ، وإخراج الفضلات، وتشحيذ بعض الأذهان ، ولذة الشدة المطربة التي فيها ، كما قال حسان بن ثابت في جاهليته: وَنَشرَبُها فَتَترُكُنا مُلوكاً وَأُسداً ما يُنَهنِهُنا اللِقاءُ
ولكن هذه المصالح لا توازي المضرة والمفسدة الراجحة ، لتعلقها بالعقل والدين ، ولهذا قال: وإثمهما أكبر من نفعهما " انتهى من تفسير ابن كثير (1 / 579) باختصار، وينظر: تفسير القرطبي (3 / 57) .
وقد نص علماء اللجنة الدائمة على تحريم القات ، وإن فرض وجود بعض المنافع في تناوله , وما ذاك إلا لغلبة المفاسد , فقالوا " وهذا القات ، لو فرضنا أن فيه بعض النفع ، فإن ما فيه من المضار والمفاسد المتحققة تربو وتزيد على ما فيه من النفع أضعافا مضاعفة " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة - 1 " (22 / 162) .
والحاصل :
أنه ليس صحيحا ما جاء في السؤال من أن هذه المواد غير مضرة ، بل هي مضرة ضررا حقيقيا ، يمكن معرفته من مراجعة المختصين ، أو المواقع الطبية المتخصصة .
ثم إن فيها من المفاسد ، وأعظمها الإسكار ، أو التخدير والتفتير ، ما يقتضي تحريمها .
والله أعلم.

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب