الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

حكم ما إذا اختصت الأم إحدى بناتها بهدية كانت قد أهديت إليها من بنتها الأخرى

192429

تاريخ النشر : 24-04-2013

المشاهدات : 16468

السؤال


أخت أهدت إلى أمي أسورة ذهب ثمينة ، قبل سنوات طويلة ، وقامت أمي بإهدائها لي ، وقامت أختي بالبحث عن الأسورة عند أمي ، وسألت عنها ، ولم أخبرها أنها عندي ، وبعتها وأمي على قيد الحياة ، وقبضت مبلغها ، وتوفيت أمي بعدها ، قبل 12 سنة ، ولم أخبر أختي عن أسورتها التي تبحث عنها ، حتى توفيت في رمضان هذا العام ؛ فهل علي أن أتصدق باسورتها أو أردها إلى ورثتها ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
هذه الإسورة التي أهدتها أختك لأمك : قد انتقلت ملكيتها إلى أمك ، وصارت ملكا لها بمجرد قبضها , ولها أن تتصرف فيها بالبيع والهبة ، كيفما شاءت ؛ ولا يجوز لأختك أن تستردها بعد ذلك .
والأصل في ذلك : ما رواه البخاري (2589) ومسلم (1622) عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( الْعَائِدُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَقِيءُ ثُمَّ يَعُودُ فِي قَيْئِهِ ) , وفي رواية للبخاري (2622) ( لَيْسَ لَنَا مَثَلُ السَّوْءِ : الَّذِي يَعُودُ فِي هِبَتِهِ كَالْكَلْبِ يَرْجِعُ فِي قَيْئِهِ ) , وروى أبو داود (3539) والترمذي (2132) والنسائي (3690) وابن ماجه (2377) عَنْ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : ( لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يُعْطِيَ عَطِيَّةً أَوْ يَهَبَ هِبَةً فَيَرْجِعَ فِيهَا ، إِلَّا الْوَالِدَ فِيمَا يُعْطِي وَلَدَهُ ؛ وَمَثَلُ الَّذِي يُعْطِي الْعَطِيَّةَ ثُمَّ يَرْجِعُ فِيهَا : كَمَثَلِ الْكَلْبِ يَأْكُلُ ، فَإِذَا شَبِعَ : قَاءَ ثُمَّ عَادَ فِي قَيْئِهِ ) والحديث صححه الألباني في " صحيح أبي داود " .
قال ابن قدامة رحمه الله : " ولا يحل لواهب أن يرجع في هبته ، ولا لمُهدٍ أن يرجع في هديته ، وإن لم يُثَبْ عليها ، يعني : وإن لم يعوض عنها , والمراد : من عدا الأب ؛ لأنه قد ذكر أن للأب الرجوع " انتهى من " المغني " (6 / 65) بتصرف.

ثانيا :
أما ما قامت به أمك من إهدائها لك , فإن كانت قد أهدت لباقي إخوتك مثل هذه الهدية : فلا حرج في ذلك , وتصير هذه الإسورة ملكا خالصا لك .
وأما إن كانت قد اختصتك وحدك دون إخوتك بهذه الهدية ، فينظر : فإن كانت قد وهبتها لك لسبب من الأسباب ، كأن تكوني أفقر من أخواتك ، أو أكثر عيالا ونفقة منهم ، بحيث لا يسعهم مالك ، فاحتاجت إلى مساعدتك ، أو نحو ذلك من الأسباب : فلا حرج في ذلك أيضا .
وينظر : جواب السؤال رقم : (112511) .

وأما إن كانت قد خصتك بهذه الهدية ، من غير سبب ظاهر ، إلا تفضيلا لك بالعطية على إخوتك : فهذا لا يجوز , لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالعدل بين الأولاد في العطية , وذلك فيما رواه البخاري (2587) ومسلم (1623) عن النُّعْمَان بْن بَشِيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ : ( اتَّقُوا اللَّهَ وَاعْدِلُوا بَيْنَ أَوْلَادِكُمْ ) .

قال علماء اللجنة الدائمة للإفتاء : " لا يجوز للوالدين التفضيل في العطية بين أولادهما ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ، ولأن ذلك يسبب الحسد والحقد والبغضاء والشحناء والقطيعة بين الإخوة ، وكل ذلك يتنافى مع مقاصد الشريعة المطهرة التي جاءت بالحث على التآلف والترابط والتواد والتعاطف بين الأقارب والأرحام " .
انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة " (16 / 225) .

وقد نص أهل العلم على أن الأم في وجوب التسوية كالأب , قال ابن قدامة : " والأم في المنع من المفاضلة بين الأولاد كالأب ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم ) ؛ ولأنها أحد الوالدين ، فمنعت التفضيل كالأب ، ولأن ما يحصل بتخصيص الأب بعض ولده من الحسد والعداوة ، يوجد مثله في تخصيص الأم بعض ولدها، فثبت لها مثل حكمه في ذلك " انتهى من " المغني " (6 / 54 , 55) .

وليس الواجب عليك في هذه الحالة هو أن تردي الأسورة ، أو ثمنها ، لورثة أختك ، بل الواجب أن ترديها في تركة أمك أنت ، أو ثمنها ، أو تعطي لكل واحد من ورثة أمك نصيبه فيها ، بحسب القسمة الشرعية للمورايث .

ويراجع للفائدة الفتوى رقم : ( 178463) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب