الخميس 16 شوّال 1445 - 25 ابريل 2024
العربية

هزيمة جمع المشركين ، وفرارهم يوم بدر .

219406

تاريخ النشر : 20-07-2014

المشاهدات : 29305

السؤال


المشهور أن قتلى بدر من المشركين كانوا سبعين ، وكذلك الأسرى كانوا سبعين ، وكان عددهم في بداية المعركة بين التسعمائة والألف ، فأين ذهب البقية ؟ هل يعقل أن قرابة ثمانمائة وخمسين رجلا فروا من أرض المعركة ؟!

الجواب

الحمد لله.


روى مسلم (1763) ، وأحمد (208) عن ابن عباس قال :
" حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ ، قَالَ : لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ ، قَالَ: نَظَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَهُمْ ثَلاثُ مِائَةٍ وَنَيِّفٌ ، وَنَظَرَ إِلَى الْمُشْرِكِينَ فَإِذَا هُمْ أَلْفٌ ، فَاسْتَقْبَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْقِبْلَةَ ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ ، وَعَلَيْهِ رِدَاؤُهُ وَإِزَارُهُ ، ثُمَّ قَالَ: ( اللهُمَّ أَيْنَ مَا وَعَدْتَنِي ؟ اللهُمَّ أَنْجِزْ مَا وَعَدْتَنِي ، اللهُمَّ إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلامِ ، فَلا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا ) ، قَالَ : فَمَا زَالَ يَسْتَغِيثُ رَبَّهُ عَزَّ وَجَلَّ ، وَيَدْعُوهُ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ ، فَأَخَذَ رِدَاءَهُ ، فَرَدَّاهُ ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ ، كَفاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ ، فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِّنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ ) الأنفال/ 9 ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُئِذٍ ، وَالْتَقَوْا ، فَهَزَمَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ الْمُشْرِكِينَ ، فَقُتِلَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ، وَأُسِرَ مِنْهُمْ سَبْعُونَ رَجُلًا ) .

قال ابن كثير رحمه الله :
" الْمَشْهُورُ أَنَّ الْأُسَارَى يَوْمَ بَدْرٍ كَانُوا سَبْعِينَ ، وَالْقَتْلَى مِنَ الْمُشْرِكِينَ سَبْعِينَ ، كَمَا وَرَدَ فِي غَيْرِ مَا حَدِيثٍ " انتهى من " البداية والنهاية " (5/ 172) .

وفر الباقون من الكفار هاربين ، بعد أن ألقى الله في قلوبهم الرعب .
قال تعالى : (سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ) القمر/ 45 .
قال أبو محمد القيرواني رحمه الله في " الهداية " (11/7204):
" فصدق الله عز وجل رسوله صلى الله عليه وسلم وعده ، وهزم المشركين يوم بدر وولوا هاربين .
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : لما نزلت (سَيُهْزَمُ الجمع وَيُوَلُّونَ الدبر) جعلت أقول: أي جمع يهزم ؟ فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( سيهزم الجمع ويولون الدبر ) ، وأكثر المفسرين على أنه يوم بدر ، هزموا فيه ، وولوا الدبر " انتهى .
وروى الطبري (13/445) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قال : " رَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ فَقَالَ: ( إِنَّكَ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ فَلَنْ تَعْبُدَ فِي الْأَرْضِ أَبَدًا ) ، فَقَالَ لَهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: ( خُذْ قَبْضَةً مِنَ التُّرَابِ ) ، فَأَخَذَ قَبْضَةً مِنَ تُرَابِ فَرَمَى بِهَا وُجُوهَهُمْ، فَمَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا أَصَابَ عَيْنَيْهِ وَمِنْخَرَيْهِ وَفَمَهُ تُرَابٌ مِنْ تِلْكِ الْقَبْضَةِ، فَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ " .
وروى الطبراني في " الكبير " (3128) عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ ، قَالَ :" لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَخَذَ كَفًّا مِنَ الْحَصْبَاءِ فَاسْتَقْبَلَنَا بِهِ ، فَرَمَانَا بِهَا، وَقَالَ : ( شَاهَتِ الْوُجُوهُ ) ، فَانْهَزَمْنَا، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى) " ، وحسنه الهيثمي في " المجمع " (6/84) .
وروى أيضا (11750) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنْهُمَا : " أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَلِيٍّ : ( نَاوِلْنِي كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ ) ، فَنَاوَلَهُ " ، فَرَمَى بِهِ وُجُوهَ الْقَوْمِ، فَمَا بَقِي أَحَدٌ مِنَ الْقَوْمِ إِلَّا امْتَلَأَتْ عَيْنَاهُ مِنَ الْحَصْبَاءِ " .
قال الهيثمي في "المجمع" (6/84) : " رجاله رجال الصحيح " .

وليس ذلك على الله بعزيز ، فقد قذف في قلوبهم الرعب ، وأمد المسلمين بمدد من عنده ، وكان حقا عليه سبحانه نصر رسوله ونصر المؤمنين ، وما وجه العجب في أن قذف الله الرعب في قلوب أعدائه حتى ولوا مدبرين ، وقد جعلها آية لنبيه : أن ينصره على عدوه بالرعب ، كما ثبت ذلك عنه ، صلى الله عليه وسلم .

والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب