الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل في الإبل المتخذة للسباق زكاة ؟

220191

تاريخ النشر : 26-07-2014

المشاهدات : 9814

السؤال


هل الإبل التي تتخذ للسباق فيها زكاة ، علما أنها معلوفة وليست سائمة ، لكنها باهظة الثمن جدا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولاً :
ثبت بالسنة النبوية الصحيحة وجوب الزكاة في بهيمة الأنعام وهي : الإبل والبقر والغنم ، إلا أن هذا الوجوب مقيد بشرطين :
الأول :
أن تكون سائمة ، بمعنى أنها تَعلف وحدها من الحشائش والنباتات الموجودة بالمراعي ، وأما إذا كان صاحبها يتكلف عليها العلف أكثر السنة ، فلا زكاة فيها ، وقد سبق بيان هذا في جواب السؤال : (40156) ، (49041) .
الثاني :
أن يكون القصد من اتخاذها الدَّر والنسل ، أما لو اتخذها للعمل عليها في الحرث أو السقي أو الركوب أو أي وجه من وجوه الاستعمال : فلا زكاة فيها .
وهذا ما قرره جمهور أهل العلم من أن " العوامل " لا زكاة فيها .
قال الإمام الشافعي : " وَقَدْ كَانَتْ النَّوَاضِحُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، ثُمَّ خُلَفَائِهِ ، فَلَمْ أَعْلَمْ أَحَدًا يَرْوِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخَذَ مِنْهَا صَدَقَةً ، وَلَا أَحَدًا مِنْ خُلَفَائِهِ" انتهى من " الأم " (2/ 25) .
النواضح : هي الإبل التي يستخرج بها الماء من الآبار .
وقال ابن قدامة : " وَالْعَوَامِلِ ... لَا زَكَاةَ فِيهَا عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ " انتهى من " المغني" (4/12).
وقال النووي : " ولأن العوامل والمعلوفة لا تُقتنى للنماء ، فلم تجب فيها الزكاة ، كثياب البدن وأثاث الدار " انتهى من " المجموع شرح المهذب " (5/355).
قال أبو عبيد : " وَمَعَ أَنَّكَ إِذَا صِرْتَ إِلَى النَّظَرِ وَجَدْتَ الْأَمْرَ عَلَى مَا قَالُوا ، أَنَّهُ لَا صَدَقَةَ فِي الْعَوَامِلِ مِنْ جِهَتَيْنِ :
إِحْدَاهُمَا : أَنَّهَا إِذَا اعْتُمِلَتْ ، وَاسْتَمْتَعَ بِهَا النَّاسُ صَارَتْ بِمَنْزِلَةِ الدَّوَابِّ الْمَرْكُوبَةِ ، وَالَّتِي تَحْمِلُ الْأَثْقَالَ مِنَ الْبِغَالِ وَالْحَمِيرِ ، أَشْبَهَتِ الْمَمَالِيكَ وَالْأَمْتِعَةَ ، فَفَارَقَ حُكْمُهَا حُكْمَ السَّائِمَةِ لِهَذَا.
وَأَمَّا الْجِهَةُ الْأُخْرَى : أَنَّهَا إِذَا كَانَتْ تَسْنُو وَتَحْرُثُ [ تسنو: أي تسقي ] ، فَإِنَّ الْحَبَّ الَّذِي تَجِبُ فِيهِ الصَّدَقَةُ إِنَّمَا يَكُونُ حَرْثُهُ وَسَقْيُهُ وَدِيَاسُهُ بِهَا، فَإِذَا صُدِّقَتْ هِيَ أَيْضًا مَعَ الْحَبِّ ، صَارَتِ الصَّدَقَةُ مُضَاعَفَةً عَلَى النَّاسِ" انتهى من كتاب " الأموال " (ص: 472) .
وروى أبو داود في سننه (1572) عن علي بن أبي طالب مرفوعاً: ( لَيْسَ عَلَى الْعَوَامِلِ شَيْءٌ).
قال ابن حجر: " وَالرَّاجِحُ وَقْفُهُ " انتهى من " بلوغ المرام" (ص: 175)، أي : أنه من قول علي رضي الله عنه وليس من قول الرسول صلى الله عليه وسلم .
" والمعنى ليس في التي يُسقى عليها ويُحرث عليها وتُستعمل في الأثقال زكاة ، وظاهر الحديث سواء كانت سائمة أو معلوفة " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (9/173).
وعَنْ جَابِرٍ , قَالَ : " لَا يُؤْخَذُ مِنَ الْبَقَرِ الَّتِي يُحْرَثُ عَلَيْهَا مِنَ الزَّكَاةِ شَيْءٌ "، رواه الدارقطني (2/493) ، وصحح إسناده البيهقي في " السنن الكبرى " (4/196).
وعند ابن أبي شيبة (3/131) في " المصنف" بلفظ : ( لاَ صَدَقَةَ فِي الْمُثِيرَةِ ).
أي التي تثير الأرض بالحرث ، كما قال تعالى: ( إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ).
قال ابن عبد البر: " وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَمُعَاذٍ ، وَجَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَلَا مُخَالِفَ لَهُمْ مِنَ الصَّحَابَةِ " انتهى من " التمهيد" (20/142).
وفي " المدونة " (1/357): " وَقَالَ مَالِكٌ : مَنْ كَانَتْ لَهُ غَنَمٌ أَوْ بَقَرٌ أَوْ إبِلٌ يَعْمَلُ عَلَيْهَا وَيَعْلِفُهَا ، فَفِيهَا الصَّدَقَةُ إنْ بَلَغَتْ مَا تَجِبُ فِيهَا الصَّدَقَةُ ، وَكَانَ مَالِكٌ يَقُولُ : الْعَوَامِلُ وَغَيْرُ الْعَوَامِلِ سَوَاءٌ " انتهى .
قال ابن قدامة : " وقَالَ أَحْمَدُ : لَيْسَ فِي الْعَوَامِلِ زَكَاةٌ ، وَأَهْلُ الْمَدِينَةِ يَرَوْنَ فِيهَا الزَّكَاةَ ، وَلَيْسَ عِنْدَهُمْ فِي هَذَا أَصْلٌ " انتهى من " المغني " (4/12).

ثانياً :
الإبل المتخذة للسباق لا زكاة فيها ، سواء أكان صاحبها يعلفها أم لا ، وذلك لأنها تعد من العوامل ، ولأن صاحبها لا يتخذها للدَّر والنسل ، بل للجري والركوب والمسابقة ، ولا يقصد من ورائها لحماً ولا لبناً .
قال الماوردي: " وَالْعَوَامِلُ مَفْقُودَةُ النَّمَاءِ فِي الدَّرِّ وَالنَّسْلِ ، وَإِنَّمَا يُنْتَفَعُ بِهَا عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّمَاءِ ، كَمَا يُنْتَفَعُ بِالْعَقَارِ عَلَى جهة السُّكْنَى ، فَوَجَبَ أَنْ تَسْقُطَ عَنْهَا الزَّكَاةُ كَسُقُوطِهَا عن العقار".
انتهى من " الحاوي الكبير" (3/189) .
وقال ابن القيم : " فَإِنَّ مَا كَانَ مِنْ الْمَالِ مُعَدًّا لِنَفْعِ صَاحِبِهِ بِهِ كَثِيَابِ بِذْلَتِهِ وَعَبِيدِ خِدْمَتِهِ وَدَارِهِ الَّتِي يَسْكُنُهَا وَدَابَّتِهِ الَّتِي يَرْكَبُهَا وَكُتُبِهِ الَّتِي يَنْتَفِعُ بِهَا وَيَنْفَعُ غَيْرَهُ : فَلَيْسَ فِيهَا زَكَاةٌ ؛ ... فَطَرْدُ هَذَا أَنَّهُ لَا زَكَاةَ فِي بَقَرِ حَرْثِهِ وَإِبِلِهِ الَّتِي يَعْمَلُ فِيهَا بِالدُّولَابِ وَغَيْرِهِ ؛ فَهَذَا مَحْضُ الْقِيَاسِ ، كَمَا أَنَّهُ مُوجِبُ النُّصُوصِ ؛ وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا وَبَيْنَ السَّائِمَةِ ظَاهِرٌ ؛ فَإِنَّ هَذِهِ مَصْرُوفَةٌ عَنْ جِهَةِ النَّمَاءِ إلَى الْعَمَلِ ؛ فَهِيَ كَالثِّيَابِ وَالْعَبِيدِ وَالدَّارِ " انتهى من " إعلام الموقعين " (2/62) .
وفي " فتاوى اللجنة الدائمة " (8/16) : " الإبل المعدة للسباق المشروع لا زكاة فيها ؛ لأنها معدة للاستعمال ، وأيضا هي معلوفة غير سائمة ، لكن إذا حصل على نقود من جوائز السباق على هذه الإبل وبلغت نصابا وحال عليها الحول من حين تملكها وجبت فيها الزكاة " انتهى .
وقالوا : " إذا كانت هذه الإبل معدة للسباق بقصد الحصول على الجائزة التي تمنح لصاحب السابق منها ولم تعد للبيع - فلا زكاة فيها بنفسها ، وإنما تجب الزكاة فيما يحصل عليه من نقود بسبقها إذا تم الحول على حصوله عليها ، وبلغت هذه النقود نصابا ، بأن يخرج ربع العشر منها ، أي: ريالان ونصف في المائة " انتهى من " فتاوى اللجنة الدائمة" (8/28) .

ثالثاً :
إذا قصد من اتخاذ " إبل السباق " المتاجرة بها ، وجعلها رأس مال يتجر به ، ففي هذه الحال تزكى زكاة عروض التجارة لا زكاة السائمة .
فيتم تقييمها بحسب سعرها في السوق يوم وجوب الزكاة ويخرج عن قيمتها (2.5%) .
وينظر جواب السؤال : (130487) ، (78842) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب