الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

ما معنى وصف الكلب الأسود بأنه شيطان ؟

225221

تاريخ النشر : 29-04-2016

المشاهدات : 126973

السؤال


ورد في الحديث أن الكلب الأسود شيطان. فهل مساعدة كلب أسود بإطعامه أو سقيه يُعتبر مساعدة للشيطان؟

الجواب

الحمد لله.


جاء في الحديث عن جابر رضي الله عنه قال :أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِ الْكِلَابِ، حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ تَقْدَمُ مِنَ الْبَادِيَةِ بِكَلْبِهَا فَنَقْتُلُهُ، ثُمَّ نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ قَتْلِهَا، وَقَالَ: (عَلَيْكُمْ بِالْأَسْوَدِ الْبَهِيمِ ذِي النُّقْطَتَيْنِ، فَإِنَّهُ شَيْطَانٌ) رواه مسلم (1572) .
قال النووي رحمه الله :
"قَوْله صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (الْأَسْوَدِ الْبَهِيم ذِي النُّقْطَتَيْنِ) مَعْنَى الْبَهِيم الْخَالِص السَّوَاد ، وَأَمَّا النُّقْطَتَانِ فُهِّمَا نُقْطَتَانِ مَعْرُوفَتَانِ بَيْضَاوَانِ فَوْق عَيْنَيْهِ وَهَذَا مُشَاهَد مَعْرُوف" انتهى .

وهذا الحديث يدل على أن الكلب الأسود شيطان ، وأنه يُقتل .
وليس معنى وصفه بأنه شيطان أنه من الجن ، ولكن المعنى : أن هذا الكلب يشابه الشيطان في بعض صفاته ، كما يقول الناس في وصف من عُرف بالشر والفساد : إنه شيطان .
قال ابن عبد البر رحمه الله : " وَأَمَّا قَوْلُ مَنْ ذَهَبَ إِلَى قَتْلِ الْأَسْوَدِ مِنْهَا بِأَنَّهُ شَيْطَانٌ عَلَى مَا رُوِيَ فِي ذَلِكَ فَلَا حُجَّةَ فِيهِ لِأَنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ سَمَّى مَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ الشَّرُّ مِنَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ شَيْطَانًا بِقَوْلِهِ شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ وَلَمْ يَجِبْ بِذَلِكَ قَتْلُهُ وَقَدْ جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمَرْفُوعِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَأَى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانة وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَانَ مَسْخًا مِنِ الْجِنِّ وَلَا أَنَّ الْحَمَامَةَ مُسِخَتْ مِنِ الْجِنِّ وَلَا أَنَّ ذَلِكَ وَاجِبٌ قَتْلُهُ " انتهى ، من "التمهيد" (14/234) .
وقال أبو بكر ابن العربي المالكي : " .. شيطان : أي: بعيدٌ من الخير والمنافع، قريب من الضّرر والأذى، وهذا شأن الشَّيطان أنّ يتعدّى الخير." انتهى من "المسالك شرح الموطأ" (7/528) .
وجاء في " مرقاة المفاتيح " (7/2261) " قَالَ الْقَاضِي أَبُو لَيْلَى : فَإِنْ قِيلَ : مَا مَعْنَى قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكَلْبِ الْأَسْوَدِ : ( إِنَّهُ شَيْطَانٌ ) وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ مَوْلُودٌ مِنْ كَلْبٍ ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ فِي الْإِبِلِ : (إِنَّهَا جِنٌّ) وَهُوَ مَوْلُودَةٌ مِنَ النُّوقِ ؟ فَالْجَوَابُ : أَنَّهُ إِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ عَلَى طَرِيقِ التَّشْبِيهِ لَهُمَا بِالشَّيْطَانِ وَالْجِنِّ ، لِأَنَّ الْكَلْبَ الْأَسْوَدَ شَرُّ الْكِلَابِ وَأَقَلُّهَا نَفْعاً ، وَالْإِبِلُ شِبْهُ الْجِنِّ فِي صُعُوبَتِهَا وَصَيالتِهَا " انتهى .
وقرر نحوا من ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله في "شرح العمدة" ، قال : (1/331) :
" أشار صلى الله عليه وسلم في الإبل إلى أنها من الشياطين ؛ يريد والله أعلم : أنها من جنس الشياطين ونوعهم ؛ فإن كل عات متمرد شيطان ، من أي الدواب كان ، كالكلب الأسود شيطان، والإبل شياطين الأنعام ، كما للإنس شياطين ، وللجن شياطين ، ولهذا قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما أركبوه برذونا ، فجعل يهملج به ، فقال : ( إنما أركبوني شيطانا ) .." انتهى.
وذكر نحوا منه : ابن القيم في "إعلام الموقعين" (2/107) .
وينظر أيضا للفائدة : "تأويل مختلف الحديث" لابن قتيبة (208) .

وذهب بعض أهل العلم إلى حمل الحديث على ظاهره ، وأن الجن تتصور بصورة الكلب الأسود كثيرا .
قال أبو العباس القرطبي رحمه الله : " حمله بعض العلماء على ظاهره ، وقال : إن الشياطين تتصور بصور الكلاب السود ، ولأجل ذلك قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ : ( اقتلوا منها كل أسود بهيم ) انتهى، من "المفهم" (5/38ـ الشاملة) .

وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : " وقد تنازع العلماء في شيطان الجن اذا مر بين يدى المصلي هل يقطع على قولين هما قولان في مذهب أحمد كما ذكرهما ابن حامد وغيره
أحدهما يقطع لهذا الحديث ولقوله لما أخبر ان مرور الكلب الأسود يقطع للصلاة الكلب الأسود شيطان فعلل بأنه شيطان وهو كما قال رسول الله فان الكلب الأسود شيطان الكلاب والجن تتصور بصورته كثيرا وكذلك بصورة القط الأسود لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره وفيه قوة الحرارة ..." انتهى، من "مجموع الفتاوى" (19/52) ، وينظر: "مجموع الفتاوى" (21/14) ، (35/113) ،

وعليه فمن أطعم هذا الكلب الأسود أو سقاه فليس بمحسن للشيطان الرجيم الذي هو من الجن .
ومع هذا فينبغي قتل هذه الكلاب إن تيسر ذلك إنفاذاً لأمر النبي صلى الله عليه وسلم كما فعل الصحابة رضوان الله عليهم .
وينظر لمزيد الفائدة جواب السؤال رقم (171806) .
والله أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب