الجمعة 19 رمضان 1445 - 29 مارس 2024
العربية

هل تصفح الانترنت أثناء حديث الوالدة، وكذلك ترك مساعدة الوالدين بطلبهما يعد من العقوق؟

238285

تاريخ النشر : 13-01-2016

المشاهدات : 9266

السؤال


هل الأفعال التالية تعد عقوقا أم لا : 1 . قراءة الإنترنت أو الكتب والأم تتكلم ، ولكنها تتكلم معنا جميعا ، وليس معي فقط ، علما أنها تتكلم معظم فترات اليوم . 2 . أن أجلس وأمي لا تزال لم تنتهي من أعمال المنزل ، علما أنها هي التي تطلب مني أن أجلس وأتركها . 3 . أبي منعزل عنا في حياته ، رغم أنه يسكن في نفس المنزل ، وهو أيضا يرفض أن يطلب من أحد أن يخدمه ، فهل أكون عاقة إن لم أتدخل فيه لا خيرا ولا شرا ؟

الجواب

الحمد لله.


أولا :
لا شك أن بر الوالدين من أجلّ الأعمال الصالحة التي تقرب إلى الله ، ومن أعظم ما يدخره المسلم ليوم الحساب ، ومما يدل على تقوى العبد ورشده وصلاح قلبه .
كما أن عقوق الوالدين من كبائر الذنوب ، ومساوئ الأخلاق ، ومذام الصفات .
والناس في باب البر أصناف :
فمنهم من يسارع فيه .
ومنهم من يقوم به حينا ، ويتركه حينا .
ومنهم من لا يحتمل فيه المعاناة والصبر عليه .
ومنهم العاق الأثيم .
والعاقل الراشد يقوم ببر والديه والإحسان إليهما على الوجه الأكمل ، والصورة المرضية ، ولا يتوانى عن طاعتهما وبرهما والعناية بهما.
ولا ينتظر صدور الأمر من أبيه أو أمه حتى يقوم بما ينبغي أن يقوم به من طاعتهما وخدمتهما.
وهو لطول الخدمة وحسن الرعاية يعرف من نظراتهما وإشاراتهما ما يحبانه وما يكرهانه ، فميزانه حاضر ، وتقديره صائب ، لا يحتاج أن يسأل أحدا عن هذا الأمر : هل يحبه أبي أم يبغضه ؟
هل ترضاه أمي أم تأباه ؟
فإذا جلس إليهما أو إلى أحدهما كان غاية همه بث روح الأنس في المجلس ، وملاطفة الوالدين ، والتقرب إليهما ، بما يحبانه .
فربما كان أحد الوالدين مستغرقا في الكلام ، فحينئذ يعلم الابن - أو البنت - أن الصمت والإصغاء هو الحال المناسبة للمقام .
وربما استفهم أحد الوالدين عن شيء ، فيكون المقام مقام كلام وشرح وبسط .
وربما جمع الوالدان أولادهما ليتبادلوا أطراف الحديث ، فلا ينبغي حينئذ أن ينشغل الولد - أو البنت - عن والديه ، بكتاب أو غيره ، بل يجلس الجميع للإصغاء والكلام ، كل بحسب ما يقتضيه الحال .
أما أن تجلس الأم فتتكلم ، فتنشغل ابنتها بالجوال ، وينشغل ابنها بتصفح الانترنت ، وينشغل الآخر بالكتاب : فليس ذلك من الأدب ؛ إلا أن يكون لهم في ذلك عادة ، بحيث لا تغضب الأم من ذلك ، وخاصة إذا طالت تلك المجالس بهم ، فقد يحتاج بعضهم إلى النظر في الكتاب ، أو الاتصال بالهاتف ، أو تصفح الأخبار ، ونحو ذلك .
فإذا جلست الأم مع أولادها وحادثتهم وحادثوها ، وانشغل بعضهم في أثناء ذلك بتصفح كتاب ، ونحوه ، دون أن يكون في ذلك إعراض عن حديث الأم ، وعدم الإقبال عليها ، ومؤانستها : فلا بأس به ، وخاصة إذا لم يبد عليها الغضب أو التسخط .
وينبغي أن يُعلم أيضا : أن ذلك يختلف باختلاف الموضوعات التي تتحدث فيها الأم ، فمن الموضوعات ما يكون هاما ، فينبغي على الجميع أن يقبل على الحديث ويستمع ، ومن الموضوعات ما ليس كذلك ، فلا يحتاج إلى كثير من الاهتمام والإقبال .
ثانيا :
ترك الأم وحدها تقوم بأعمال المنزل ، دون أن تقوم ابنتها بمساعدتها : ليس من البر ، بل هو من عدم البر ومن الجفاء ، وكون الأم تطلب من ابنتها أن تجلس ولا تساعدها ، فتجلس البنت وتترك مساعدة أمها : فهذا دليل على ضعف عزيمتها ، وقلة همتها ، وعدم رغبتها الأكيدة في إعانة أمها ومساعدتها ، وكأن البر عندها لا يتعدى الطاعة عند التكليف ، فإذا أسقطت الأم التكليف سقط البر، فهذا حال من لا يسارع في بر والديه مسارعته فيما يهواه ويشتهيه ، وإنما يرى في البر مشقة التكليف ، فإذا رفعتها أمها عنها ارتفعت ، وشعرت البنت حينئذ براحة الضمير !
ثالثا :
أما ما ذكرته عن والدك ، فكونه لا يطلب منك عمل شيء فهذا يرفع عنك الإثم والعقوق ، ولكن ينبغي أن تسارعي إلى خدمته ومرضاته ، فإن ذلك باب من أبواب الجنة ، ولا تنتظري أن يطلب منك شيئا .
وقد يكون عدم طلبه منكم الخدمة بسبب كثرة عصيانكم له وجدالكم معه .
فلابد من البحث عن أسباب ذلك المتعلقة بكم ومعالجتها .
نسأل الله تعالى أن يجمع بينكم في خير .
والله تعالى أعلم .

هل انتفعت بهذه الإجابة؟

المصدر: موقع الإسلام سؤال وجواب